معرض جدة للكتاب: أدب الأطفال يفرض نفسه بعد غياب

علي السامرائي

أسدل الستار على معرض جدة الدولي للكتاب 2022 بعد نجاح لافت وإقبال كبير على أجنحته التي ضمت مشاركة عشرات دور النشر لأكثر من 21 دولة عربية وأجنبية.

وقدم المعرض في خضم العصر الحديث وتقلباته السريعة فرصة للاهتمام بأدب الاطفال من أجل التعلم والمتعة وتعزيز الوعي بعد أن غاب هذا النوع من الأدب أو غيّب عن رفوف المكتبات العربية على حساب اهتمامات أخرى.

وقدمت دور نشر أجنبية وعربية تجارب فريدة، تفيض بالمعارف والفنون ومبادئ تعزز قيم الصغار وتدفعهم ليكونوا قدوات المستقبل من خلال تلاقي الثقافات المتنوعة لتوسع آفاقهم.

ويقول يمان ادلبي من مؤسسة “الأشياء الصغيرة في المانجا” وهي مؤسسة ثقافية يابانية تهتم بالأطفال والناشئة بأن الثقافة اليابانية لها تأثير في تنمية القدرات عند الطفل وكيفية الانفتاح على الثقافات الأخرى.

ويضيف ادلبي أن “وجود جناح المانجو في المعرض يمنح فرصة لتأكيد أن الجميع في عالم واحد والبلدان تحتاج الى تنمية الثقافات”. ويشير الى أن “اقبال الأطفال على شراء الكتب ذات الثقافة اليابانية أمر يثير الاستغراب بكون الأطفال مطلعين على الشخصيات المعروفة في اليابان ومنها مجسمات ترتبط بأذهانهم في الكتب ويرونها واقعاً مجسداً أمامهم فالعالم صغير والثقافات باتت متقاربة”.

وتهتم “دار المحروسة” وهي دار نشر مصرية بنشر الأدب المصور الخاص بأدب الأطفال والناشئة لمواجهة تحديات لجوء الأطفال الى الأدب بلغات أخرى غير العربية.

ويشير محمد خيري من “دار المحروسة” الى أن الدار “قامت ضمن اهتماماتها باصدار سلسلة قصص منها قصة (أحداث مؤسفة) التي تعد من أهم الكلاسيكيات بأدب الناشئة في العالم. كما قامت أخيراً بترجمة قصة من جنوب أفريقيا كأول قصة مترجمة للناشئة من هذا البلد”.

ويرى خيري أن معرض جدة للكتاب يقدم فرصة مهمة للترويج لأدب الأطفال والناشئة ومعرفة احتياجات الأطفال وتعريف الجمهور بالاصدارات الأصيلة أو المترجمة وفي مجال الأدب المصور الذي يشبه أدب المانجا الياباني .

ويؤكد خيري أن “دار المحروسة تعمل على الحفاظ على القارئ العربي وخصوصاً الأطفال عبر إصدارات مترجمة ومصورة الى اللغة العربية بعد أن تحول الكثيرون الى القراءة باللغة الانجليزية”.

وتحلق نهى نبيل من “دار أروى العربية” في أجواء كتاب “حفلة الشاي مع سندريلا” وعشر شخصيات منها “ريبونزل” و”بيتربان” وعلاء الدين وتندمج مع حوار الشخصيات في الكتاب الذي يناسب اليافعين والكبار.

وتؤمن نبيل بمقولة ان “كتب الأطفال ليست للأطفال فقط” بحيث تهتم الدار “التي تضم أقسام الأطفال واليافعين بثراء الفكرة والمتعة والألوان وهو ما أهّل الدار للحصول على جائزة التميز في معرض الرياض”، لافتة الى أن “الدار تركز على نشر القصص بطريقة بسيطة للطفل من خلال التعامل مع رسامات محترفات وإخراج الكتاب بصورة تتلاءم مع استجابته لما هو معروض”.

ومزج معرض جدة للكتاب بين التطور التقني والرقمي والذكاء الاصطناعي ومناطق الخيال العلمي من أجل تحقيق تنمية في القدرات ومواكبة التطورات في مجال صناعة الكتاب والافادة من القراءة.

ويؤكد ابراهيم الرملاوي من شركة “بن شمارك” على أن منطقة الخيال العلمي تستقطب الاطفال والكبار على حد سواء في جناحها الكبير في معرض جدة الدولي للكتاب.

ويقول الرملاوي بأن “المنطقة تضم أقسام الرسم والأفلام والتعريف بالخيال العلمي، لدينا جدارية تمثل تاريخ الخيال العلمي وورش العمل الخاصة بالتدريبات على الرسوم.”

وعرضت في منطقة الخيال العلمي في معارض زجاجية نماذج أصلية لسيوف وخناجر وأسلحة اسطورية استخدمت في أفلام مشهورة من بينها “افاتارز” و”سيد الخواتم” و”لو هيبت” و”اسانز كريد”.

ويعبّر الرملاوي عن هدف مهم لمؤسسته يتمثل بالمزج بين القراءة والكتابة وبين الخيال العلمي والقراءة لانشاء جيل يفهم في الخيال العلمي ويقدم أفكاراً فيه “فالتقدم التكنولوجي والتقنية اللذان حدثا ويحدثان الآن كانا في الماضي عبارة عن خيال علمي ولدينا طموح بصناعة جيل عربي أو سعودي متمكن ومتمرس في صناعة الخيال العلمي ومنافسة الآخر، فمثل هذه المعارض توفر الفرصة لخوض تجارب جديدة تسمح بأن يدخل الكتاب أو القراءة ضمن نطاق جديد في عالم جديد قائم على التطور التقني.”

ويعد الذكاء الاصطناعي من أهم المجالات التي يمكن من خلالها استثمار التقدم التقني في خدمة القارئ والكتاب على حد سواء، فمكتبة اطبع مؤلف أو دار نشر أول منصة عربية تقدم خدمة الطباعة عند الطلب عبر روبوت آلي مسخر لهذا الغرض بشكل يلفت الأنظار .

ويقول عبد الاله المهنا أحد موظفي المكتبة: “المكتبة تتيح لبعض المؤلفين في حال تأليفه كتاباً ورغب في النشر وتعرض لمحددات معينة لدفع قيمة الطباعة أو كمياته نقدم خدمة مجانية تتمثل في كون الطباعة حسب الطلب حتى لو نسخة واحدة، فليس لدينا هدر في الورق ولا تخزين، ولو عرض الكتاب في المنصة حتى لو لم يطبع لمدة سنة لن يخسر شيئاً ونحرص على ايصال الكتاب الى جميع أنحاء العالم”.

ويوضح المهنا أن الدار تمتلك “روبوت” أو رجلاً آلياً ضمن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وتسخيره “لخدمة القارئ وصناعة الكتاب الذي يتم تسليمه الى الزبون من قبل الروبوت.”

ويلفت الى أن “اطبع مكتبة الكترونية تحرص على مواكبة التطور التكنولوجيا لجذب القراء ولهذا استعنا بروبوت لاظهار فوائد التقنية واطلاعهم على كيفية طبع الكتب من دون تدخل بشري وتسليم الكتاب الى الزبون من قبل الرجل الآلي”.

وشهد معرض جدة في ختام أعماله التي تميزت باقبال شعبي كبير العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية التي تميزت بالابداع والثراء بحيث بحث مختصون في التحديات والحلول لإيجاد الطريقة المثلى لإيصال الموسيقى العربية إلى العالمية. كما قدم الكاتب المصري الساخر كشف أسرار للكتابة الساخرة وحضورها في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن حوار أجراه عبد الله أبا الخيل مع مجموعة من المختصين عن المجلات الثقافية: “هل لها مكان في الأفق؟” الى جانب مناقشة نخبة من الخبراء في ندوة حوارية مثرية لتاريخ الحضور الفرنسي في مدينة جدة وما له من بصمة ظاهرة في مجالات متعددة.

شارك المقال