الحزب يتعاطى “بواقعية” مع ميقاتي… والحالة المارونية تتسع ضده

آية المصري
آية المصري

“الحبُ ليس للحبيب الأول، بل لمن إهتم بك ووفى”، بهذه العبارة يجب أن تترجم علاقة الحب الأعمى بين “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحر” التي نمت على حساب مصلحة لبنان وشعبه على مدار السنوات السابقة لكنها إهتزت وتكاد تسقط، بعد لغة التخوين التي استخدمها رئيس “التيار” النائب جبران باسيل حين اعتبر أن الصادقين نكثوا بالاتفاق والوعد، ما يوحي بأن فراق الأحبة بات شبه مؤكد.

وكما في كل قصة حب دخل حدث مفاجئ، وتمثل هذه المرة برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي بدا أن هناك تقارباً شبه واضح بينه وبين الحزب. وربما أراد “حزب الله” توجيه رسالة الى باسيل عبر اهتمامه بميقاتي خصوصاً أن الجميع يعلم بالعلاقة السيئة التي جمعت الأخير بالرئيس السابق ميشال عون وبباسيل نتيجة الخلاف على الصلاحيات. ومن الواضح أن الحزب يريد أن يبيّن لحليفه مدى عجزه من دون الرجوع اليه، ما يزيد القلق لديه فيبادر الى انهاء هذه الخصومة في أسرع وقت. فهل فعلاً “حزب الله” يتقرب من ميقاتي وما هي أهدافه من وراء ذلك؟ وكيف تقرأ الجهات المعنية هذه العلاقة؟

مصادر مطلعة على سياسة “حزب الله” رأت عبر “لبنان الكبير” أن “الحزب يتعاطى بواقعية مع الرئيس نجيب ميقاتي على قاعدة أنه يتوجب على جميع الأطراف التعاون لانقاذ البلد من أزمته الكبيرة من جهة، ونتيجة حسابات التوازن الطائفي والميثاقي من جهة أخرى”، مشيرة الى أن “هذه الواقعية في التعاطي أغضبت التيار الوطني الحر وبالتالي باتت بحاجة الى علاج”.

وأكدت المصادر أن “الصلحة بين حزب الله والتيار الوطني الحر ستحصل وتتركز على مناقشة التناقضات والخلافات بين بعضهما البعض، ولكن لن تغيّر طريقة التعاطي مع رئيس الحكومة، خصوصاً وأن الحزب لا يتقرب من الرئيس ميقاتي، فلولا الثنائي الشيعي وحلفائه وتكليفهم لميقاتي لم يتولَ رئاسة الحكومة يومها”.

في حين أكدت مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أن “رئيس الحكومة يتعاطى مع كل الأفرقاء اللبنانيين ولا يضع فيتو على أي فريق باستثناء من يعتبرهم يعطلون العمل الحكومي لا أكثر ولا أقل، وبالتالي هو يعمل كرئيس حكومة كل لبنان وفي حال أراد أي فريق التعاون معه الى أقصى درجة في هذه المرحلة فهو جاهز لأن الهدف الأساس خدمة لبنان”، معتبرة أن “التقارب مع الرئيس ميقاتي يخدم كل الأفرقاء ولا ينحصر ضمن فريق واحد”.

الأمين: الحزب يقدم الفتات لميقاتي

أما المحلل السياسي علي الأمين فرأى أن “حزب الله يخفف من حدّة التوتر الحاصلة مع السنّة منذ 15 عاماً، بحيث لا يقدم شيئاً للرئيس ميقاتي سوى بعض التنازلات البسيطة وهي عبارة عن فتات. وكل ما يقال عن أن الحزب نتيجة خلافه مع التيار الوطني الحر يتقرّب من ميقاتي لا أعتقد أنها نظريات صائبة، فالحزب يلعب دوراً مع كل القوى مثل الوصاية السورية، أي ينصّب نفسه الطرف والمرجع والوصي الذي تعود اليه كل الأطراف ويكون هو من يحل ويربط ويملك الحلول بيده”.

ولفت الى أن “حزب الله لا يذهب نحو الخصومة بالمعنى الحاد طالما أن هذه القوى لم تخرج عن خطوطه الحمر”، متسائلاً: “من قال ان الحزب حضر الجلسة الشهيرة بسبب الرئيس ميقاتي؟ فهي ليست لدعم ميقاتي بل بحسب حسابات الحزب رأى أن من الأفضل عقد الجلسة”.

أضاف الأمين: “حزب الله لعب خلال الفترة الماضية حلفَ مسيحي – شيعي في مواجهة السنية السياسية، وطيلة الفترة منذ العام 2006 حتى الآن كان هناك اتفاق لاضعاف الموقع السني ولتلبية مصالح معينة للحزب من جهة وللوطني الحر من جهة أخرى، وعندما تأكد الحزب من قبضته الكاملة على السلطة بات يحسب أنه بحاجة الى اعادة الاعتبار للوضع السني، وهذا ليس بتحالف سني – شيعي بل تخفيف من الحلف الشيعي – الماروني وهذا سببه أنه أصبحت هناك حالة مارونية اتسعت ضد حزب الله”.

تقرب الحزب من ميقاتي بات واضحاً، لكن الطرفين يفضلان عدم تسليط الضوء على هذه المسألة، مستخدمين الأسلوب الديبلوماسي في الكلام عن ذلك. ويعتبران أن من واجبهما التعاطي مع كل الأطراف لحل أزمات البلد، لكن المؤكد أن الحزب أراد توجيه رسالة قاسية الى حليفه ليدرك حجمه الحقيقي وبذلك، وعلى قاعدة ضرب عصفوين بحجر واحد، يريد التخفيف من حدّة التوتر مع الشارع السني.

شارك المقال