لقاءات باسيل… قنابل صوتية بلا صدى رئاسي

هيام طوق
هيام طوق

قبل الأعياد لم يسجل أي خرق أو تقدم في المسار الرئاسي، وكل الأنظار متجهة اليوم الى ما بعد العطل بحيث هناك أحاديث كثيرة عن مبادرات داخلية وخارجية ستتبلور في السنة الجديدة، لكن وفق أحد المراقبين والناشطين فان كل هذه الرهانات غير مستندة الى وقائع جدية، والكلام عن انتخاب رئيس للجمهورية بين شهري كانون الثاني وشباط، يصب في اطار التكهنات والتحليلات والتوقعات والتمنيات وليس أكثر خصوصاً اذا استمر كل طرف على تشبثه بموقفه ورؤيته.

ولفتت في الأيام الأخيرة، الزيارات التي قام بها النائب جبران باسيل الى عدد من الشخصيات من مختلف الأطياف، فيما تشير المعطيات الى أنه سيسعى الى عقد لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتل نيابية وشخصيات أخرى.

وأوضح مصدر مطلع في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن اللقاءات التي قام وسيقوم بها باسيل لن تؤدي الى أي نتيجة، وهي لزوم ما لا يلزم، بحيث أن لقاءه مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بعد وساطات من النائب فريد البستاني وبيار الضاهر لاتمام اللقاء في منزل جوي الضاهر، اقتصر على العموميات، ولم يسفر عن أي نتيجة إيجابية أو توافق أو تسوية. أما اللقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي جاء خلال مناسبة اجتماعية بمبادرة من الصديق المشترك علاء الخواجة على مأدبة غداء في منزله، فكانت نتيجته صفراً، وامتناع الوزراء المحسوبين على باسيل عن توقيع المراسيم الصادرة عن الحكومة لا سيما تلك المتعلقة بالجيش، تؤكد ذلك. والأمر نفسه ينسحب على اللقاء الذي قيل إنه جمع باسيل ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الذي اقتصر على الشأن الإجتماعي، بحيث أن التوافق شبه مستحيل بينهما في ظل إصرار الأول على رفض ترشيح الثاني، وإصرار الثاني على المضي بترشيحه.

وفيما اعتبر البعض أن هذه اللقاءات شبيهة بالجولة التي قام بها باسيل حين طاف بورقة الأولويّات الرئاسية على المرجعيات السياسية من دون أن تلقى تجاوباً من أحد، أشار أحد المحللين السياسيين الى أن الرجل يحاول اظهار نفسه بأنه منفتح على كل المكونات، وليس محاصراً أو مقاطعاً من أي منها خصوصاً اثر الخلاف بينه وبين “حزب الله”، وانه يريد تحسين علاقاته مع الجميع. وانطلاقاً من هذه المعطيات، سيسعى الى طرح شخصية جديدة للرئاسة يمكن أن تشكل توافقاً حولها، ومن بينها رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.

وأكد أحد المتابعين أن “اللقاءات لم تغير في المواقف أي أنها حركة وضوضاء بلا بركة ولا نتيجة. باسيل يحاول أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، لكن كل ذلك عبارة عن قنبلة صوتية. هو يوجه رسالة مباشرة الى حزب الله مفادها أنه غير محاصر وغير مختنق وغير مقاطع سياسياً، وأنه يلتقي الشخصيات وسيكمل في سياسة الانفتاح على الأطراف الأخرى. كما ويريد أن يبعد عنه شبهة التعطيل، ويقول انه المسؤول الذي يتقن تدوير الزوايا، ويحاول خرق الجدار الرئاسي. وهذه اللقاءات أيضاً تأتي رداً على مبادرات الرئيس نبيه بري الحوارية تحت قبة البرلمان، ولم تحصل، وأنه يمكنه الاستعاضة عنها بلقاءات ثنائية. وهنا نسأل: هل لهذا الحراك أي نتائج ايجابية؟ أبداً، لأن كل طرف لا يزال على موقفه، ولا يمكن أن يتغير أي شيء على هذا الصعيد في الوقت الحالي”.

ورأى أن “اقتراح اسم أزعور لحرقه وإحراج الخصوم. هناك خوف حقيقي وجدي لدى باسيل من سليمان فرنجية ومن قائد الجيش العماد جوزيف عون خصوصاً أنه سمع من الأحزاب المسيحية أنها قد تبلغ النائب ميشال معوض بالتوجه نحو خيار آخر قد يلقى اجماعاً حوله أكثر. وما قام به وزير الدفاع موريس سليم في موضوع الترقيات العسكرية والمساعدات الاجتماعية، استهداف لقائد الجيش بطريقة أو بأخرى لاضعافه وضرب حظوظه برئاسة الجمهورية. باسيل لا يريد أن يطرح اسماً ثالثاً بقدر ما يريد إبعاد قائد الجيش وفرنجية عن السباق الرئاسي”.

وعن المبادرة الباسيلية بعد الأعياد، قال: “من يريد القيام بالمبادرات، عليه أن يتعاطى مع الأطراف ويتواصل معها بجدية، وأن يأخذ ويعطي، لكنه حتى الآن يأخذ ولا يعطي. من يريد التفاوض والتحاور للوصول الى توافق، عليه التنازل وملاقاة الآخرين الى منتصف الطريق، لا أن يتنازل له الجميع من دون أن يتنازل هو عن أي شيء. وبالتالي، كل الحراك لزوم ما لا يلزم وبلا معنى”.

أما أحد النشطاء السياسيين، فأشار الى أن “الحراك الذي يقوم به باسيل، لتلميع صورته، وينطلق في مقاربته الرئاسية من موقع وطني، وأنه لا يمكن محاصرته، ولديه مساحة كبيرة من الاستقلالية ومن هامش التحرك، وقادر على التواصل مع الجميع حتى الخصوم منهم. لكن هناك استحالة في الوصول الى مرحلة التحالف مع أي فريق أو الى اتفاق على اسم معين”، معتبراً أن “الموضوع لا علاقة له بالرئاسة فقط، انما بالتموضع. باسيل يريد القول انه الى جانب حزب الله وليس خلفه. والأهم من كل ذلك، أنه يريد أن يسمع الحليف قبل الخصم أنه ناخب أساس، والمعبر في الاستحقاق الرئاسي خصوصاً أن حظوظه الشخصية معدومة مع تأكيده أن الفيتو الذي وضعه على قائد الجيش وفرنجية ثابت ولا يمكن التراجع عنه. باسيل يحاول أيضاً من خلال اجتماعاته مع الشخصيات أن يجس نبضها حول بعض الأسماء التي يطرحها، لكن الايجابية هنا أنه يعترف بالآخرين، وبالحاجة اليهم في الاستحقاق الرئاسي”.

وشدد على أن “المشكلة في لبنان ليست اقتصادية انما سياسية بنتائج اقتصادية”، لافتاً الى أنه “اذا لم يندمج حزب الله في الدولة، ولم يستبعد الفاسدون عن السلطة، ومحاكمتهم ومحاسبتهم، فلا يمكن أن يسير البلد على السكة الصحيحة، وبالتالي، سنبقى في الدوامة ذاتها، وسنعود الى التعطيل عند كل استحقاق. ووفق المعطيات اليوم لا بوادر توحي بإمكان تحقيق هذين الأمرين ما يعني أن البلد ذاهب الى المجهول المقلق”.

شارك المقال