لماذا الحملة على مطار رفيق الحريري الدولي؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

لم تعد الحملة المثارة حول مطار رفيق الحريري الدولي مجرد انتقادات أو تجاوزات، اذ توسوس الوقائع الى وجود حملة ممنهجة تسعى الى وضعه في عين العاصفة ومركز الاهتمام ونقطة تشكيك مخيفة تعيد الى الأذهان الحملة التي استهدفت مرفأ بيروت قبل تعرضه الى الزلزال المتفجر.

منذ مدة ووسائل الاعلام تثير مواضيع تتعلق بالمطار يتفاوت فيها الأمني باللوجستي من فوضى وتهريب على أشكاله وتضارب قرارات وتراجع اجراءات وصولاً الى الرصاص الطائش والنورس والكلاب التي تستبيح المدرجات. ولم يسلم المطار من توقعات رأس السنة التي وصلت مواصيلها مع بعض علماء الفلك الى التنبؤ بعمل أمني في محيطه أو خضة كبيرة تصيبه فماذا يحصل؟ ولماذا هذه الحملة في هذا التوقيت؟

“لبنان الكبير” حمل هذه الأسئلة الكبيرة والهواجس الى مصدر أمني في جهاز فاعل داخل المطار، لم يتردد في توصيف الحملة بأنها “هادفة” و”مدروسة”، منطلقاً من أزمة تضارب الصلاحيات التي رافقت تشغيل المطار لسنوات وأثرت عليه بصورة سلبية. ويؤكد المصدر أن صفحة الخلافات هذه طويت والأجهزة في قمة التعاون بين بعضها البعض وتعيين قائد جهاز أمن المطار الجديد العميد فادي كفوري منذ حوالي الشهر عزز هذا الأمر، والتنسيق بين الأجهزة الأربعة الممسكة بالمطار (جهاز أمن المطار، الأمن الداخلي، الأمن العام والجمارك) ينعكس انخفاضاً في منسوب المشكلات والتضارب بين الأجهزة، وهذا منفصل عن الضغط الكبير الذي يعاني منه المطار حالياً بسبب أعداد المسافرين غير المسبوقة (المطار مصمم لسعة ٦ ملايين وقد وصلت أعداد المسافرين فيه الى ١٨ مليوناً بين مغادرين وواصلين وأحيانا تصل حركة المطار في أوقات الذروة الى ٢٥ أي أكثر من ضعف قدرته التشغيلية) وهذا العام سجلت الحركة ٣٠٪؜ زيادة عن العام الماضي، ومن الطبيعي أن تحصل فوضى وبعض الخروق والأخطاء تماماً كما يحصل في كل مطارات العالم.

وحول الاجراءات الأمنية، يقول المصدر: “ان المطار زوّد بأجهزة تفتيش ألمانية حديثة أعلن عنها منذ أيام ويتوقع أن تساعد بصورة كبيرة وملحوظة في عمليات التدقيق والتفتيش، وهناك عملية تدقيق audit سنوية تحصل من شركات الطيران العالمية وبعض الدول. ثم ان الاجراءات التشغيلية مطابقة للمواصفات والمعايير الدولية، وهناك شركات طيران عالمية تحط وتطير وتسيّر رحلاتها عبر مطار رفيق الحريري الدولي، واذا كان هناك أي خطر عليها فستكون الكلفة البشرية والمالية عالية جداً، وهي حتماً ستستبق الأمر وتتخذ اجراءات خاصة أو ربما تخفف من رحلاتها وهذا لم يحصل على الرغم من كل الشائعات. كما أن ضرائب المطار وبقانون من مجلس النواب أصبحت تجبى لصالح المطار بصورة مباشرة (١٥ مليون دولار سنوياً يدخل الى المطار من هذه الضرائب تساعد في عمليات التحسين والتشغيل). وعلى الرغم من كل ما يثار والحديث عن الفوضى لا يزال المطار ضمن المواصفات العالمية (يخضع للاتفاقية الدولية ايكاو) لكنه بالتأكيد يحتاج الى ورشة تجميلية وتشغيلية وهذا ما يُعمل عليه حالياً”.

ويضيف: “بالنسبة الى التهريب، يومياً تضبط العديد من عمليات التهريب منها ما يعلن عنها ومنها ما لا يعلن وخصوصاً العمليات الصغيرة، وهذا الأمر يحصل في كل بلدان العالم، وطرق التهريب صعبة وتخضع لمراقبة الأجهزة الأربعة وليس هناك مقاطعات منفصلة أو سلطة لجهاز واحد دون سواه على أي بقعة فكيف ستهرب أو تصل الأسلحة وغيرها مما يتهمون المطار بتهريبه؟ ثم ان معابر لبنان البرية مفتوحة ولا حاجة الى المطار، والأجهزة الأربعة اذا تحدثنا في السياسة متعددة المرجعيات ومنها من هو موالٍ للأميركيين بلغتهم وليس بلغتنا فكيف ستحصل عمليات التهريب؟”.

وبالنسبة الى طائر النورس فهذا الأمر طبيعي بحسب ما يشير المصدر الأمني، وعلى مر السنين وفي كل البلدان هذه المعضلة موجودة وتحتاج الى معالجة سريعة، وطيور النورس عادت الى الواجهة بسبب عدم تطوير الأجهزة التي تصدر أصواتاً لتخويفها وإبعادها، فهذه الأصوات اعتادت عليها الطيور ويجب تطويرها عبر تحديث أصوات مخيفة جديدة لا تعرفها بعد، وهذا الأمر يعالج حالياً بعدما رفض وزير الداخلية طلب “الميدل ايست” صيدها .

أما ما تردد عن مرور كلاب على المدارج، فيعتبر أنه يجب التواصل مع جمعيات مخصصة للتعامل معها ونقلها الى أمكنة أخرى.

وحول الرصاص العشوائي، يؤكد المصدر خطورة هذا الأمر، لكنه يشير الى أن عمره عشرات السنين وهذه مهمة الأجهزة الأمنية خارج حرم المطار وفي محيطه، ليخلص المصدر الى القول: “الهجوم على المطار سياسي ممنهج وأسبابه معروفة وقديمة جديدة ولا داعي للتذكير بها”.

هذه الحملة يقول عنها وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية لـ “لبنان الكبير” بأنها “مشبوهة”، مضيفاً: “من يسعى باستمرار الى تطبيق المعايير الدولية على المطار بكل مرافقه، ومن يسعى الى امتلاك وتركيب سكانرات عالية الجودة وحديثة الصنع يعمل على تجهيز المطار للتهريب أو لمطار آمن؟ وبالتالي كل الاجراءات المتخذة هي لسلامة الطيران والمحافظة على أمنه، وكل الاشاعات والأكاذيب هي لتشويه سمعته وصورة لبنان خصوصاً بعد الحركة الكثيفة للطيران خلال مواسم معينة واستخدام العديد من الدول مطار بيروت”.

وعما اذا كان الأمر مقدمة لإنشاء مطار آخر أو تدويله خصوصاً أن هذا الأمر طرح في السابق عند اعداد القرار ١٧٠١، يجيب حمية: “نحن بلد ذو سيادة ولدينا قوانيننا والمطار مطارنا، ونتصدى لهذه الحملة عملياً على الأرض ولدينا العديد من الخطوات سنعلن عنها لاحقاً”.

اذاً، مطار رفيق الحريري الدولي لا غبار عليه أمنياً، انما تشغيلياً وضعه كسائر مرافق لبنان يعمل باللحم الحي، فلا داعي لجلده كلما هب يعقوب لغاية في نفسه.

شارك المقال