الحبل حول الرقبة… البلد نحو الشنق أو الفرج؟

هيام طوق
هيام طوق

يكاد اللبنانيون لا يستوعبون الأزمات التي تحاصرهم من كل الجهات، اذ بدت ككرة تكبر وتتدحرج بسرعة قياسية حتى بات من المستحيل ايقافها أو تلافي تداعياتها، ويبقى انتظار لحظة الارتطام، الأمر الوحيد في متناول اليد.

في الاستحقاق الرئاسي، الجمود قاتل، وكل المساعي بين مختلف الجهات لم تصل الى نتيجة يمكن أن تسجل خرقاً في الجدار السميك لأنه وفق المعطيات كل طرف لا يزال متمسكاً برأيه وخياراته. وعلى الصعيد الحكومي، الاجتماعات التي يدعو اليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتسيير الشؤون الطارئة والملحة، تتحول الى محطة أخذ ورد وكباش سياسي مستدام على خلفية شرعيتها ودستوريتها. أما ما يجري على الجبهة القضائية، فحدث ولا حرج بحيث انهارت أكثر المؤسسات حساسية ودقة وأهمية والتي تعتبر مع المؤسسات العسكرية والأمنية المدماك الوحيد لابقاء البلد واقف على رجليه. والخلاف بين وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري وقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي ظهر إلى العلن لا يبشر بالخير. وبالنسبة الى الأزمات الاجتماعية المتعددة والمتشعبة الأوجه والمجالات، فتنذر بخطر داهم اذ وصلت الأحوال المعيشية الى الخط الأحمر بعد أن سجل الدولار ارتفاعاً قياسياً، وأشعل معه الأسعار التي باتت خيالية ولا يمكن تحملها.

إزاء هذا الواقع السوداوي، الكل يتحدث عن أمر ما سيطرأ، والكل في حالة ترقب وانتظار حدث ما من هنا أو تحرك من هناك على اعتبار أنه لا يمكن تحمل المزيد أو الاستمرار في ظل هذا الاستنفار والانسداد والتأزم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقضائي. والأسئلة الكبرى اليوم: هل دخلنا مرحلة المخاض الأصعب قبل الولادة؟ وهل سنشهد ارتطاماً كبيراً أو أن الأمور ستسير على الطريقة اللبنانية أي تمرير كل يوم بيومه؟

أشار رئيس “مركز استراتيجيا للدراسات والاحصاء” مروان الأيوبي الى أن “المؤسسات التي لا تزال تعمل هي المؤسسات العسكرية والأمنية مع كل المخاطر التي تتعرض لها. كان هناك بعض الأمل بالقضاء، لكن ما حصل مؤخراً يعبّر عن انتهائه. تحلل المؤسسات يعطي مؤشرين: اما هناك ضغط محلي باتجاه افتعال الاشكالات للقول للآخرين ان الفوضى انطلقت، ولا بد من الحل المحلي، وبالتالي، يصبح سهلاً استدراج الآخرين الى محور معين، وفرض ما يريد في الاستحقاقات الرئاسية والحكومية. واما الضغط الدولي نحو تسوية ما لكن الى الآن ليس هناك أي مؤشر على أي توافق على المستوى الاقليمي والدولي حول لبنان. وبالتالي، اذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فنحن متجهون وبسرعة الى الانحلال أكثر وأكثر، وأسوأ مما نراه حالياً فحينها يصبح الخطر على لبنان ككيان”.

ورأى أن “طريقة اللعب أصبحت خطيرة، واللاعبون يلعبون على حافة الهاوية”، قائلاً: “بعيداً عن الاصطفافات والقرارات التي اتخذت خلال الأسبوع المنصرم في القضاء، هناك أكثر من علامة استفهام حول التوقيت، وحول ما جرى”.

واعتبر أن “انفجار الأوضاع ينتظر الشرارة الأولى، وأي شرارة حقيقية ستؤدي الى النزول الى الشارع، ومنعاً لهذا الامر، نسمع الكثير عن أعمال أمنية وعن اغتيالات، فهذا للترهيب لمحاولة ضبط الشارع أو تحريكه وفق مصالح بعض القوى. بمجرد النزول الى الشارع، سنرى الفوضى لأن الناس الذين سينزلون هم جياع في حين أنه في 17 تشرين نزلت الطبقة الوسطى التي كانت أحوالها أفضل بكثير من اليوم انما فقدت ثقتها بالسلطة. من سينزل الى الشارع هو الجائع، والجائع لن يقيم حسابات لتحركه، وبالتالي، التحركات ستتخذ طابع الفوضى والعنف وليس الطابع السلمي أو البورجوازي كما في السابق خصوصاً وأن قرار الجيش بالتصدي ومنع اقفال الطرقات واضح”.

وأكد أن “اللبناني لم يعد قادراً على تمرير كل يوم بيومه، وهو اليوم يعيش كل ساعة بساعة، وبالتالي، الفوضى حاصلة حاصلة انما التوقيت لا يمكن تحديده لأن لا أحد يعرف ما هي الشرارة الأولى. بتنا أقرب الى الانفجار أكثر من أي وقت آخر اذا لم تنطلق القوى السياسية بسرعة قصوى في وضع الحياة السياسية على السكة الصحيحة، وربما الوضع لن يحتمل هذا الانحدار المخيف أكثر من أشهر لا تتعدى أصابع اليد”.

وأوضح مصدر متابع أن “المعلومات تشير الى رسم خارطة طريق للبنان في اللقاء الرباعي الذي سيعقد في باريس. هناك عمل حثيث على خارطة طريق لاخراج لبنان من مأزقه في اللقاء بين فرنسا والسعودية وأميركا وقطر الذي سيعقد الشهر المقبل، وسيقدم مقترحات عملية قابلة للتطبيق. اذا قبل بها الفرقاء اللبنانيون فنكون بدأنا بالخروج من الجورة، واذا لم يقبلوا بها فنحن ذاهبون الى الانفجار الكبير. في السابق، لم يكن هناك أمل في أن يغيّر الاجتماع في الواقع المأزوم انما اليوم تغيرت بعض الأمور والمعطيات بحيث يحضّر لخارطة طريق تتعلق برئاسة الجمهورية والحكومة والحكم ككل في لبنان. الأمور اتخذت منحى الجدية العالية، والاهتمام الكبير لأسباب لها علاقة بالأمن الاقليمي وبالتسويات الكبرى التي تحصل في اليمن وغيرها”.

وقال: “لم يعد هناك سوى المؤسسات العسكرية والامنية في حالة جيدة الى حد ما، وفي حال تعرضت هذه المؤسسات الى أي خضة ستكون كفيلة بالانهيار التام بحيث لا أحد يمكنه توقع ماذا سيحصل حينها انما المشهد سيكون سوداوياً. نحن أمام مسارين: اما سنتجه نحو ولادة جديدة واما نحو الانفجار الكبير بحيث تتفكك كل أركان الدولة ويتهدم بنيانها. وفي حال تلقف المسؤولون العرض المنتظر من اللقاء الرباعي، وقبلوا به، نكون فتحنا نافذة أمل اما في حالة الرفض فنكون دخلنا في المجهول المخيف. نحن في بلد يتعرض للخنق والحبل يشتد يومياً على الرقبة، ولا أحد يعلم ما هو مصير البلاد والعباد: هل هو الشنق أو فك حبل المشنقة؟”.

شارك المقال