جلسة تشريعية قريبة… واشتباك دستوري في الأفق

هيام طوق
هيام طوق

وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الاثنين المقبل لتحديد جدول أعمال أول جلسة تشريعية في ظلّ الشغور الرئاسي، وتتناول مجموعة من البنود الملحّة والأساسية، وفي مقدمها المشروع المتعلق بـ “الكابيتال كونترول”، والتمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وسط رفض قائد الجيش العماد جوزيف عون التمديد له في موقعه مع العلم أنّه يُحال على التقاعد في 10 كانون الثاني 2024، وذلك في جلسة سيكون نصابها مكتملاً وفق ما أكدت مصادر مواكبة للاتصالات للتوافق على القانون كما أن غطاءها السياسي والطائفي مؤمن.

وفي ظل الشغور، هناك تناقضات في المواقف بين الجهات السياسية تجاه اجتماعات حكومة تصريف الأعمال كما تجاه المجلس النيابي ومساره التشريعي، اذ تعتبر أصوات معارضة أن دور المجلس اليوم انتخاب رئيس للجمهورية أي أن يكون هيئة انتخابية وليس هيئة تشريعية، وبالتالي، خيارها المقاطعة لأي جلسة تشريعية. في حين ترى أطراف أخرى أن النص الدستوري واضح في هذا الاطار، ولا يجوز تعطيل دور المجلس التشريعي بذرائع قانونية خصوصاً أن هناك مشاريع قوانين لا بد من اقرارها لأنها تتعلق بحياة الناس مباشرة وبالاصلاحات.

ووسط التخوف من اشتباك دستوري يلوح في الأفق، أوضح رئيس مركز “ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية” محمد زكور أن “السياسيين منقسمون، ويدعمهم بعض الدستوريين اذ منهم من يقول انه في حال شغور الرئاسة طبقاً للمادة القانونية الدستورية يصبح مجلس النواب هيئة انتخابية، وبالتالي، يجب عليها انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي شيء آخر، ولا يحق لها أن تعمد الى التشريع. ومنهم من يقول، وعلى رأسهم الرئيس بري، انه يحق للمجلس التشريع في فترة الشغور، ويتحول الى هيئة ناخبة فقط في الجلسة التي يدعو اليها لانتخاب الرئيس. وعند اختتام الجلسة يعود مجلس النواب الى هيئة اشتراعية. نحن نتحدث عن المادة 75 من الدستور التي تنص على أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا اشتراعية. ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أو أي عمل آخر”.

واعتبر أن “وجهة نظر الرئيس بري صائبة، ووجهة النظر المقابلة غير صائبة مع تحفظ وحيد، وهو أن جلسات مجلس النواب يجب أن تكون متتالية لانتخاب الرئيس. وبالتالي، إن أصبحت الجلسات مفتوحة ومتتالية يصح القول بأن مجلس النواب هو هيئة انتخابية. لكن ما يفعله الرئيس بري، وهنا التحفظ، أنه يفتتح جلسة انتخاب الرئيس، وإن لم يتأمن النصاب، يختتمها كي تصبح الجلسة التي تليها جلسة جديدة، وعندما تختتم الجلسة، حكماً يعود مجلس النواب الى هيئة اشتراعية”.

اما من جهة المنطق، فسأل زكور: “أيعقل في بلد مثل لبنان حيث قد يطول الشغور لسنوات أن يستمر مجلس النواب في جلسات هزلية ومسرحية وكاريكاتورية من دون أن ينتج رئيساً؟ أيعقل أن تستمر السلطة التشريعية هيئة انتخابية ولا تستطيع التشريع؟ ماذا لو حصلت أمور طارئة في البلاد أو أزمات خصوصاً في ظل ما نشهده من هزات وزلازل، ألا يجب أن تكون كل المؤسسات الدستورية على أهبة الاستعداد لتسيير الأمور الطارئة؟ واذا سلمنا جدلاً مع الفريق المعترض على اجتماعات حكومة تصريف الأعمال، وعلى تشريع مجلس النواب في ظل الشغور، فماذا يبقى؟ هل نقفل البلاد ونرحل؟”.

وأكدت النائب غادة أيوب “أننا نرفض المشاركة في أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية. لا ينتظم العمل في الحكومة أو في مجلس النواب الا بانتخاب رئيس للجمهورية. ولو تمت الدعوة الى جلسات مفتوحة، لما كنا وصلنا الى هذا النفق المسدود”، متسائلة: “اذا قام المجلس النيابي بعمله التشريعي وكأن الدولة تسير على ما يرام وكأن هناك رئيساً للجمهورية، ومجلس الوزراء ينعقد بانتظام، فما الذي سيحث المسؤولين على انتخاب رئيس الجمهورية؟”.

وأشارت الى أن “هناك اجتهادات في النصوص الدستورية، فهناك اجتهاد يقول ان المجلس النيابي يتحول حكماً الى هيئة انتخابية بجلسات مفتوحة الى حين انتخاب الرئيس، اذ لم يكن المشرّع يتوقع أن يمتد الشغور الى أشهر وسنوات. المشرّع يضع النصوص بهدف استمرارية الحكم وكي لا يحصل الشغور، وبحجة هذا الشغور تستخدم الأوراق في السياسة كي تتعب الناس وتستسلم وتقبل بأي أمر لتحل أمورها الأساسية اليومية”.

ولفت النائب قاسم هاشم الى أن “دعوة هيئة المجلس الى الاجتماع، تحضير لجدول أعمال الجلسة التشريعية، والرئيس بري قال منذ البداية عندما تتوافر كل متطلبات الجلسة التشريعية سيدعو الى عقدها لأن التشريع ضروري لتسيير أمور الدولة وقضايا الناس خصوصاً في مواضيع أساسية وحساسة. على جدول أعمال الجلسة ما يفوق الـ 60 بنداً وأهمها بند الكابيتال كونترول”، مشدداً على أن “أي اقتراح قانون مهم لأنه يأتي في اطار الضرورة. هناك اقتراحات، وعادة في جلسات التشريع، تطرح المشاريع واقتراحات القوانين التي تنجز في اللجان، وللرئيس بري الحق في طرح أي مشروع قانون”.

وعن دستورية الجلسة التشريعية في ظل الشغور واعتبار مجلس النواب هيئة انتخابية فقط ، أكد أن “الدستور واضح والمادة 75 تجيب عن كل التساؤلات وتدحض بعض الاجتهادات. نصاب الجلسة سيكتمل لأن هناك ضرورة للتشريع، والكل لا يستطيع التهرب من المسؤولية”.

شارك المقال