مسار باريس انطلق… اما التسوية أو الانفجار!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

فرضت تطورات الساعات الأخيرة واقعاً جديداً يؤكد أن البلد دخل منعطفاً سياسياً على وقع ضغط خماسي الهوى أحادي الهوية، سلاحه الفتاك الدولار الأميركي ووقوده الشارع.

أما الـtarget فهو الوصول الى حل شامل من رئيس جمهورية ورئيس حكومة وفريق عمل وزاري وفريق عمل اداري وحاكم جديد لمصرف لبنان قبل انتهاء ولاية حاكم “المركزي” رياض سلامة في آخر حزيران. هذه هي خارطة الطريق التي بدأ العمل عليها في اطار زمني محدد اللقاء الخماسي في باريس، وعلى عكس ما اعتقد البعض أن هذا اللقاء “لم يقدم ولم يؤخر”، وعلى الرغم من التباين الكبير في المقاربات التي حصلت قبله وخلاله وبعده بين الدول الخمس المشاركة، فإن خارطة الطريق هذه توصلت الى حقيقتين: الأولى: أن أياً من الأسماء المطروحة يصعب وصوله، والثانية أن توقيت التقدم من الفريقين الى المنطقة الوسطية قد حان.

وللوصول الى هذا الهدف تقاطعت عوامل ومسببات عدة ترافقت مع حراك لممثلي الدول الخمس المشاركة على المسؤولين والحث باتجاه تسريع التوصل الى تفاهم ووقف مسار تعطيل الانتخابات وانجاز الاصلاحات المطلوبة وعدم انتظار التفاهم المسيحي – المسيحي الذي لن يحصل. وبحسب ما تقول مصادر سياسية اطلعت على هذا الحراك لموقع “لبنان الكبير” فإن النقطة الأساسية التي طرحت في اللقاءات هي ماذا لو أوصل تمسك الثنائي بالوزير السابق سليمان فرنجية الى impass في ظل تشرذم القرار المسيحي، فهل تبقى الأمور في دائرة المراوحة بينما البلد يخطو خطوات سريعة نحو مزيد من الانهيارات المتتالية؟ وما يزيد الأمور تعقيداً أن الضبابية المعلنة والوضوح غير المعلن في مواقف الدول تجاه المرشحين الأقوى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون جعلت الفرقاء السياسيين يقرأون هذا الأمر كل من كتابه، مع أنهم يعلمون أن فرنجية دونه رفض سعودي – أميركي وعون ليس في حال أفضل بسبب رفض تسميته من بعض قوى الداخل وفي مقدمها “التيار الوطني الحر”، لذلك لا مهرب من تفاهم بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار جبران باسيل و”حزب الله” على اسم ثالث والتفاهم مع رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط لا يعود عقبة لأنه سيسير مع الخيار الأقوى، وهو بادر في خطوة ذكية الى الايحاء بأنه ليس متمسكاً بمرشحه ميشال معوض اذا جرى التفاهم على اسم بديل، ومعروف عنه تاريخياً أنه لا يحبذ تحول قائد الجيش الى رئيس جمهورية. كذلك ألمحت “القوات” الى أنها مستعدة للانتقال الى plan b وهذا يعني بحسب المصادر، أنه حان الوقت للترجل عن الأحصنة والدخول الى المنطقة الوسطية أو الرمادية والبحث في أسماء جديدة طالما الجميع يدرك أن الوقوف في وجه الخارج انتحار وفي وجه الداخل انفجار.

وتضيف المصادر: “ان لقاء باريس لم يطرح أسماء أو تجري عملية شطب elimination لأخرى، انما مناخه العام أقفل الباب على فرنجية من دون أن يزكي عون، بل الأخير بقي par default وورقة ضغط اذا لم يتم الرضوخ لها يمكن تحويلها الى “فزاعة” لفتح باب الحوار على الخيار الثالث، اذا أراد الثلاثي ايجاد مخرج للأزمة… واذا كان الثنائي لا يعطي جواباً واضحاً حول قائد الجيش فإن هذا الامر بالنسبة الى باسيل واضح وضوح الشمس ومن سابع المستحيلات، وهذا ما أبلغه الى القطريين الذين حاولوا اقناعه بترشيح عون في الفترة السابقة”.

اذاً هل أصبحنا على عتبة الدخول في الـplan c ؟ تجيب المصادر مذكرة بخطاب السيد حسن نصر الله منذ مدة عندما قال: “نريد رئيساً لا يتلقى اتصالاً من ضابط في القيادة الوسطى”، من كان يقصد؟ بالتأكيد قائد الجيش وتلميحه في خطاب الأمس الى أن فرنجية يستطيع الوصول بـ ٦٥ صوتاً! والقول في أكثر من جلسة لمسؤولين في “حزب الله” اننا ننتظر لائحة أسماء من باسيل لنرى الخيارات الأخرى…. كل هذا يعني أن الكباش مستمر لكن الباب ليس مقفلاً، والسؤال متى تحصل المبادرة؟ وكيف؟ “عالبارد أو عالحامي”؟

وتؤكد المصادر أن باسيل لن يطرح أسماء قبل التأكد من جهوزية “حزب الله” لمغادرة دائرة فرنجية والا يكون كمن يطلق النار على قدمه. وازاء هذا الواقع الانتظاري القاتل برزت مجدداً ورقة الضغط الاقتصادية الاجتماعية وهي المسدس المصوب دائماً على الرأس، والجديد أن الاصبع وضع على الزناد لأول مرة مع قفزات خيالية للدولار يرافقها ضغط كبير على المصارف وتهديد للتحويلات التي تعد المتنفس الوحيد المتبقي لحوالي ٩٠٪؜ من اللبنانيين وبدأ الضغط بصورة كبيرة باتجاه الفوضى الاجتماعية واندلاع الشارع (declanchement) بالتزامن مع الحديث عن دولرة الاقتصاد واقفال المصارف والصيدليات والمحطات، وورود اسم الحاكم لأول مرة ضمن لائحة المهددين من الخزانة الأميركية، عوامل بنظر الخارج لن تتمكن من ايصال قائد الجيش كخيار أول (قابله تمسك الثنائي بفرنجية) انما تدفع الجميع للوصول الى التسوية طالما الخارج لا يستطيع فرضها بالقوة والتفاهم على اسم رئيس يلقى قبولاً في الداخل والخارج ويتمكن من رفع الحصار عن لبنان وفتح “الحنفية” لدخول العملة الصعبة، خصوصاً أن الغرب يتخوف من أن تستفيد من الانهيار الحاصل والتفتت قوى الأمر الواقع الأقوى، بعكس ما خطط له في بداية الأزمة فيقع البلد بين يديها.

وتشبّه المصادر ما يحصل بأنه “٧ أيار” ولكن بصورة مقلوبة وبـ “٦ أيار” ١٩٩٨ وجزء من ١٧ تشرين ولكن بأدوات مختلفة، متخوفة من أن تؤدي حالة “الخنق” الى صدامات على الرغم من تنبه الطرف الأقوى اليها وتجنب حصولها فلا أحد يعلم كيف ستتدحرج الأمور وتصبح حماية البيئة صعبة، فهل توصل الخضة هذه المرة الى الحل؟

العد العكسي بدأ فاما التسوية واما الانفجار ومسار “الخمسة” انطلق، هل يصيب أم سيحتاج الى الخمسة زائداً واحداً (5+1) فتدخل ايران ويكتمل التفاهم؟

شارك المقال