رسائل نتنياهو العسكرية… للتهويل والمكاسب الداخلية

هيام طوق
هيام طوق

منذ أن عاد بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة في إسرائيل، بعدما منحته نتائج الانتخابات مع حلفائه 65 مقعداً في الكنيست المكوّن من 120 مقعداً، اعتبر المحللون أنه سيفتح مرحلة جديدة عنوانها صعود اليمين المتطرف، ما رسم علامات استفهامٍ حول مصير الملفات خصوصاً اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان. في حين نفذت أحزاب المعارضة الاسرائيلية، مظاهرات وتحركات احتجاجية ضد سياسة نتنياهو، وسياسة الائتلاف الحاكم الذي يضم أحزاباً يمينية ويمينية متطرفة وأخرى دينية متشددة، تخشى أن تكون معادية للديموقراطية، واعتبرت هذه المظاهرات من الأكبر في تاريخ البلاد.

ووصف نتنياهو في وقت سابق، الترسيم مع لبنان بـ”المخزي” وأنه رضوخ لمطالب “حزب الله” والسماح لإيران بالتنقيب عن الغاز قبالة السواحل الاسرائيلية، “هذا ليس اتفاقاً تاريخياً، بل استسلام تاريخي”. كما أكد أن بلاده مصممة على محاربة أي محاولة من “حزب الله” لإظهار العدوان على إسرائيل من لبنان، محذراً من “تخطي الحزب الخطوط الحمر لبلاده”.

وقال نتنياهو في تصريحه الأخير منذ ساعات: “إسرائيل بعثت برسائل إلى حماس وحزب الله بأنها مستعدة عسكرياً لأي عمل في غزة أو لبنان”. ثم تحدثت المعلومات عن سقوط قذيقة إسرائيلية من عيار 155 ملم، بصورة مفاجئة، على منزل قيد الانشاء في مزرعة وادي خنسا في قضاء حاصبيا، والتي تبعد 2 كلم من الحدود، شمال قرية العباسية، في منطقة القطاع الشرقي جنوباً، فيما توزّعت ثلاث قذائف مدفعية أخرى بين حيٍ سكني، ولم يبلغ عن إصابات . وحضرت قوة من “اليونيفيل” لاستطلاع الوضع، ومعاينة الاعتداء الاسرائيلي. وليل أول من أمس، إشتعلت المنطقة بالقنابل المضيئة بعيد منتصف الليل، حين كان الجيش الإسرائيلي يُجري تدريبات عسكرية في تلك الأثناء في مزارع شبعا المحتلة ومرتفعات الجولان.

والسؤال اليوم: هل من تصعيد عسكري اسرائيلي باتجاه لبنان؟ وما هي الرسائل التي أراد نتنياهو ايصالها الى الداخل والخارج؟

رأى العميد الركن الدكتور هشام جابر أن “من المنتظر تصريحات من هذا النوع لنتنياهو الذي منذ وصوله الى السلطة، نفذ اعتداء على سوريا، ومنذ أسبوع تقريباً قصف دمشق. نتنياهو رئيس حكومة حرب، ويواجه اعتراضات كبيرة في الداخل الاسرائيلي لأنه يسعى الى الحرب”، مشدداً على أنه “لن يقوم بأي مغامرة حربية انما بعمليات أو ما يسمى معارك بين الحروب في سوريا وغزة، لكن ليس في الجنوب اللبناني لأنه كما بات معلوماً، اسرائيل بدأت بتصدير النفط من حقل كاريش، وتعرف ما هو ثمن فتح الجبهة الجنوبية، ثم ان فتحها يعني فتح جبهة الجنوب السوري حتى أن الخبراء الاسرائيليين يقولون انه في حال وقعت الحرب مع جنوب لبنان، فإن حزب الله سيقصف منصات النفط والغاز، وهذا يعيدهم عشر سنوات الى الوراء”.

وقال: “لا أعتقد أنه بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وبدء اسرائيل بتصدير النفط والغاز أن نتنياهو سيقوم بأي مغامرة. لذلك، وفي ظل المشكلات والانقسامات الاسرائيلية الداخلية، يصرح نتنياهو بمثل هذه التصريحات ليهرب من مشكلهات الداخلية، اضافة الى أن العلاقة مع الولايات المتحدة ليست كما يجب بسبب الحرب التي لا تريدها. اذاً، هذا التصريح يعني التحذير، والهروب من المشكلات الداخلية وليس مستبعداً القيام بعدوان على غزة ومتابعة القصف على سوريا. وبالتالي، إظهار هذه القوة رسالة الى أميركا وكأنه يقول لها أنا موجود كما للداخل الاسرائيلي لتحقيق مكاسب سياسية”.

واعتبر الصحافي والكاتب السياسي غسان جواد أن “طبيعة الحكومة في اسرائيل طبيعة يمينية متشددة، ولديها مجموعة من الاشكاليات قد تدفع نتنياهو الى تصدير الأزمة الى الخارج كما حصل في سوريا مؤخراً”، مستبعداً أن يشن حربا على لبنان “لأن أي مواجهة ستكون كلفتها باهظة عليه لاسيما أن الجبهة الداخلية في اسرائيل غير متماسكة، وهناك انقسام حاد في المجتمع السياسي الاسرائيلي حول الحكم وادارة الدولة ومستقبل التعاون مع الفلسطينيين”.

أضاف: “نتنياهو يهتم اليوم بالضفة التي يحصل فيها ما يشبه ما حصل في غزة لناحية تسلح المقاومة، وهو يعتبر أن محور المقاومة يدعمها. على مدى 8 سنوات سابقة، هدد نتنياهو كثيراً لكنه لم ينفذ، ومن المستبعد أن يقوم بأي عمل عسكري في لبنان”. ولفت الى أن “العالم بعد الحرب الأوكرانية، يشهد خلط أوراق كبيرة، وبالتالي، يحاول نتنياهو الافادة من ذلك لتحسين ظروفه اذ أنه خائف من موضوع النووي الايراني، وينطلق من مجموعة اعتبارات. وكل ما يصرح به يبقى في اطار التهويل والتهديد ومحاولة إظهار نفسه أنه قادر على اتخاذ القرارات لكن لا يمكنه القيام بالحرب بالمعنى الذي نعرفه. هناك معادلة تقول ان أي ضربة اسرائيلية ستلقى رداً ليس في لبنان وحسب، انما في غزة المحاصرة أيضاَ. من المفترض بعد الترسيم أن تأخذ الأمور منحى التهدئة، ونتنياهو مأزوم واسرائيل مأزومة حالياً، وهم يتحدثون عن حرب أهلية”.

شارك المقال