لماذا تحاول الصين التوسط في الملف الأوكراني؟

حسناء بو حرفوش

لقد منحت الحرب التي اندلعت بين روسيا وأوكرانيا، الصين فرصاً جديدة ربما لم تتوافر لديها منذ زمن طويل، حسب ما كتبت ماري ديجيفسكي في موقع صحيفة “اندبندنت” الالكتروني.

وسمحت هذه الحرب وفقاً للمقال، “للزعيم شي بالانخراط بصورة غير مباشرة من خلال الاستعراض بصفته المدافع العام عن كتلة غير غربية. حصل ذلك بينما كان العالم الغربي منغمسا في تجديد دعمه لأوكرانيا بعد عام من الغزو الروسي، لدرجة أنه بالكاد انتبه إلى كيفية قيام قوة كبيرة جداً بالاحتفال على الجانب الآخر من العالم بالذكرى بطريقة مختلفة نوعاً ما.

وحتى في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأوروبيون يستعدون لعام آخر من الصراع ويتنافسون على أمجاد توريد الأسلحة، خرجت الصين… بخطة سلام!

ولكن هل حظي هذا الاستعراض بالانتباه؟ بالنسبة الى الغرب، لم يقبل بمنح الصين أي اهتمام على الإطلاق، وعلى العكس من ذلك، قوبلت مساعيها بالرفض. وأتت الرسالة العامة لتقول إن الوقت الحالي ليس وقتاً للنقاش وإن الصين تفتقر، على أي حال، الى المصداقية وليس بامكانها لعب دور الوسيط المحتمل.

لكن بعد أسابيع قليلة، لم تختف “ورقة الموقف” الصينية المكونة من 12 نقطة فحسب، بل أفادت تقارير بأخذها ربما في الاعتبار، على الأقل في باريس وبرلين، وربما حتى في واشنطن العاصمة. والأهم من ذلك، أن هذه الورقة لم تقابل بالرفض من كييف، التي منحتها ما وصف بـ”الترحيب الحذر”.

وفي ضوء هذه الاشارة الصغيرة، ربما يبدو أن الصين مارست نوعاً من الضغط بهدوء. ومن المتوقع بثقة أن شي جين بينغ، الذي حظي بالمصادقة مؤخراً على اسمه كرئيس للصين لفترة ثالثة غير مسبوقة، سيزور موسكو الأسبوع المقبل، مع اجتماع “بعيد” مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل ذلك بقليل أو بعده”.

وكانت مجلة “فورين أفيرز” قد سلطت بدورها الضوء على محاولة قادة الصين تحقيق التوازن بين مصلحتين أساسيتين يعصى الجمع بينهما: أولاً، تعزيز وفاق الصين مع روسيا لموازنة القوة الأميركية وتخفيف الضغط الاستراتيجي المتزايد من الغرب. ثانياً، على الرغم من دعم الغرب لموسكو، سعى الى تجنب العقوبات الأحادية والمنسقة التي تستهدف الحكومة والشركات والمؤسسات المالية في الصين.

وعلى مدى العام الذي مر منذ اندلاع الحرب، عالجت الصين بصورة غير مريحة هذه الأهداف المتنافسة، ورفضت عموماً بيع الأسلحة إلى روسيا والالتفاف على العقوبات نيابة عنها نظراً الى أهمية الحفاظ على الوصول إلى الأسواق العالمية بالنسبة الى بكين، التي لا مصلحة لها في أن تكون وكيلاً لروسيا. لكن بكين حاولت أيضاً الحصول على حصتها من خلال تأييد المبررات الروسية للصراع، والتنسيق مع موسكو ديبلوماسياً بالتوازي مع الامتناع الحذر عن التصويت في الأمم المتحدة، والاستفادة الكاملة من النفط روسيا المخفض، وتعزيز العلاقات الاقتصادية معها”.

شارك المقال