الانتخابات البلدية بين “القوات” و”التيار”… والهاجس الأمني

محمد شمس الدين

فشل القوى السياسية في الوصول إلى توافق على رئيس للجمهورية انسحب على كل القطاعات في الدولة، في ظل رفض بعض القوى أن تقوم الحكومة بعملها كاملاً. مؤسسات الدولة كلها تعاني الشلل، إيرادات الدولة من مؤسساتها في خبر كان، وتسيير أمور المواطن أصبح أسطورة خيالية كان يتمتع بها، ويبدو أن الدور سيأتي على الادارة المحلية، أي البلديات، التي قد تكون توازي الاستحقاق الرئاسي أهمية، فقد بدأت القوى السياسية ترسل إشارات بالتوجه نحو التمديد للمجالس البلدية والمخاتير، عوضاً عن إجراء الانتخابات، ولكن المشكلة الأساس هي حتى لو كان هناك إمكان لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية فالأمر يحتاج الى جلسة تشريعية لإقرار التمويل، وهذا ما ترفضه قوى عدة تولي أهمية للاستحقاق الرئاسي، وترفض التشريع في ظل الفراغ، وعلى رأسها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، فهل تشارك هذه القوى في جلسة نيابية من أجل الانتخابات البلدية والاختيارية أم أن الفراغ سيكون الحاكم الأقوى؟

عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك مجموعة من الفرقاء السياسيين لا تريد للانتخابات البلدية والاختيارية أن تحصل، لأنها تشكل امتداداً للخط التراجعي الذي نتج عن الانتخابات النيابية، وهي اليوم تبتدع الأعذار من أجل عدم إجرائها، علماً أن وزير الداخلية ليس في هذا الصدد وهو يقوم بعمله وسيدعو الهيئات الناخبة وفق واجباته القانونية والدستورية”.

وأوضح يزبك أن “هناك حكومات صرفت مليارات الدولارات من دون العودة إلى مجلس النواب، ومن دون مراسيم وقوانين، وقد ابتدعت التواءات ذات طابع دستوري، وهي ليست كذلك، ولذلك الحكومة اليوم قادرة على أن تجلب التمويل عبر الجهات المانحة، أو عبر الغيارى الذين يملكون المال في البلد، فهي ليست مكلفة جداً”، مؤكداً أن “القوات لن تشارك في جلسة تشريعية بخصوص الانتخابات البلدية، ولا أحد يتهمها بالتعطيل من هذه الزاوية، فهم عندما يريدون تنفيذ أمر ما يجدون الالتواءات والتفسيرات الدستورية التي لا تستقيم في أي كتاب غير كتاب الانقلاب على الدستور والطائف، مثلما نعيش اليوم، لذلك لن نشارك.”

أضاف: “فليتقوا الله بهذه الدولة، وقبل أن نذهب باتجاه الانتخابات البلدية، نحن قادرون، وبظرف جلسة لا تتجاوز الساعتين من الوقت، أن ننتخب رئيس جمهورية، ونشكل بعدها حكومة محترمة نفسها، وعندها يمر الاستحقاق البلدي بسهولة، والقوى المعطلة لو أرادت تستطيع الاجتماع في نصف ساعة، وتغير دستوراً طويلاً عريضاً، من أجل تمرير التواء دستوري، ولكننا أصبحنا في الشهر الخامس للفراغ، ولم يقدموا على أي خطوة لاجراء الاستحقاق الرئاسي وما يتبعه من استحقاقات.”

أما عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطا الله فلفت الى أن “التيار” قد يشارك في جلسة تشريعية من أجل تأجيل الانتخابات البلدية، “اذ لم يقل إنه إذا كان هناك أمر ضروري لمجلس النواب كي يشرّعه فلن يشارك، بل كنا دائماً نقول إنه في حال كان هناك ظرف طارئ يستدعي تشريعاً من مجلس النواب ليسهل الأمور سنشارك، وحتى في الجلسة الحكومية الأولى الشهيرة التي اعترضنا عليها، كان رأينا أن كل شيء عالق في الحكومة يجب تحويله إلى مجلس النواب لأنه سلطة شرعية منتخبة حديثاً، ولا أحد عنده شك في هذا الأمر.”

وشدد عطا الله على أن “المشكلة الأساسية إذا لم تجرَ انتخابات بلدية هي أنه يصبح البلد بلا مخاتير، فاليوم ما يريده المواطن أن يحصل على ورقة مختار أولاً، لجواز السفر، تحديداً أن لبنان يعتمد النظام القديم، لذلك إن كان هناك بند واحد متعلق بتأجيل الانتخابات البلدية سنشارك، علماً أننا نحبذ أن تجري الانتخابات إن كان هناك إمكان لذلك.”

أما حول الكلام عن خوف “التيار” من ظهور تراجع في شعبيته، فقال عطا الله: “نحن منذ أشهر نتحضر للانتخابات البلدية على أنها قائمة، وليتفضلوا ويجدوا صيغة مناسبة تسمح بإجرائها، ونحن عندها جاهزون، ولكن يجب السؤال اليوم، هل السلطات الأمنية قادرة على تأمين صناديق الاقتراع في جميع مناطق لبنان؟ عدا عن الشق المالي للموضوع.”

وعلم “لبنان الكبير” أن مرجعيات سياسية عدة لا ترى إمكان إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وليس السبب التمويل المادي لها، بل السبب أمني بامتياز، بحيث ترى أن البلد لا يستطيع تحمل الخلافات المعتادة التي تحصل خلال هذه الانتخابات، والتي قد تفجر الوضع أمنياً، في ظل انهيار متلاحق للعملة والاقتصاد، وسطوة الخطاب المتعصب بين الأطراف السياسية، وانسداد الأفق السياسي كلياً.

شارك المقال