من يستفيد من الفوضى في لبنان؟

محمد شمس الدين

في احتفال شهداء “حزب الله” في 16 شباط الماضي حذر أمينه العام السيد حسن نصر الله الأميركيين من أنهم إذا كانوا أو البعض في الداخل يخططون للفوضى وانهيار البلد فانهم سيخسرون كل شيء في لبنان، معتبراً أن “من يراهن على أن المعاناة أو الألم يمكن أن يدفع هذه البيئة إلى التخلي عن خيارها والوصية الأساس وإنجازات الحاج عماد مغنية أي التخلي عن مقوم أمنها وبقائها ووجودها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها، فهو واهم”. وقال: “إذا دفعتم إلى الفوضى في لبنان فستخسرون وستمتد أيدينا إلى ربيبتكم اسرائيل. من يريد أن يدفع لبنان الى الفوضى أو الانهيار عليه أن يتوقع منا ما لم يخطر في بال أو وهماً وإن غداً لناظره قريب”. واليوم بعد تفلت الدولار بهذا الشكل الجنوني بحيث وصل إلى ما فوق 140 ألف ليرة، هل هذا يعني أن هناك من يسعى الى الفوضى في لبنان؟ ومن سيستفيد منها؟

وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف قد حذرت مرات عدة من الوصول إلى الفوضى في لبنان، ورجحت في أحد التصريحات أن “يضطر لبنان الى تحمل المزيد من الألم قبل أن يشكل هذا البلد المتوسطي الفقير حكومة جديدة، مع احتمال تفكك كامل للدولة”. ورأت في مناسبة أخرى أن “الفشل السياسي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعني دخول لبنان في فراغ طويل”، معتبرة أن “الحل هو بضغط الشارع. يجب أن تسوء الأوضاع أكثر حتى يتحرك الشارع”. وتحدثت عما سيرافق هذا، “المزيد من السوء من تفكك الأجهزة الأمنية وحدوث فوضى وهجرات مكثفة”.

وتساءلت مصادر متابعة في حديث لموقع “لبنان الكبير” عما إذا كان ما يحدث على الحدود الجنوبية مؤخراً هو تنفيذ لوعد نصر الله، فقد شهدت الحدود الجنوبية امس انفجار لغم بآلية إسرائيلية، ومنذ مدة اتهمت إسرائيل “حزب الله” بتنفيذ عملية في الداخل الاسرائيلي في منطقة قريبة من الحدود، فهل كل هذا رسالة الى الأميركيين أن باستطاعته ضرب إسرائيل؟ ومع ارتفاع سعر صرف الدولار والفوضى الحاصلة في كل القطاعات في لبنان هل بدأ المسار نحو الانهيار والتفكك للوصول إلى حل؟

مَن يريد الفوضى؟

وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل رأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “لا أحد يريد الفوضى في لبنان ولكن هناك من لا يريد رئيساً، وهناك من يريد رئيساً على ذوقه، وهناك من هو بين هذين الرأيين. المشكلة هي رئيس الجمهورية، عندما يكون هناك رئيس تستقيم الأمور بحدودها الدنيا ونبدأ بالاقلاع شيئاً فشيئاً، تحديداً إذا شكلنا حكومة سريعة، فهل نستطيع بضمانة داخلية إنجاز هذين الاستحقاقين أم أننا بانتظار الخارج؟ وماذا لو كان الخارج يريد الفوضى؟ هل يجب أن نقبل؟ نحن لا نريد الفوضى، ولكن إذا لم ننتخب رئيساً فستحصل الفوضى، وإذا كنا بانتظار الخارج، والخارج لا يريد إنجاز الاستحقاق الرئاسي ونحن لا نريد الفوضى، فيجب أن نحلها بين بعضنا البعض، وننتخب رئيساً، إلا إذا كان البعض لا ينتظر تسوية، بل هو بانتظار صفقة، وهذا أمر آخر”.

أما عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم فأكد أن” الفوضى لا تفيد أحداً، وإذا كان من أحد يخطط لحدوثها، فهي ستقع على الجميع”.

أما عن كيفية تجنب الفوضى، فشدد كرم على وجوب “أن يفهم نصر الله ومحور الممانعة أنهم لا يمكنهم حكم البلد وحدهم، ويجب أن يقتنعوا بفكرة الشراكة، وتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية التي وضعوه فيها، ويجب عليهم التخلي عن فكرة إيصال مرشحهم عبر توافق خارجي وفرضه على اللبنانيين”، لافتاً الى أنه “يجب على حزب الله أن يتخلى عن مشروع الدويلة ونشر الثورة الإيرانية في المنطقة، وأخذ لبنان رهينة محور الممانعة. ”

يعتبر “حزب الله”، وعلى لسان من يدورون في فلكه، أن اليوم هو لحظة صبر، ويجب على شعبه وجمهوره أن يصبرا إلى حين ساعة النصر، وأن ما يحصل هو حصار خارجي بمساعدة أيادٍ داخلية، ولكن في النهاية الأمور لن تصب لمصلحة خصومه. بينما يرى الفريق “السيادي” أن الحزب ليس في مكان يستطيع الصمود طويلاً أمام ما يحصل في البلد، وهو كان حامي المنظومة طيلة هذه الفترة، ومن أوصل ميشال عون إلى الرئاسة، ومن كان الحاكم الفعلي والناس تعرف ذلك، وفي النهاية سيكون مجبراً على التنازل، من أجل بيئته الحاضنة بطبيعة الأمر، وهو قادر على ذلك والدليل ما حصل في ملف ترسيم الحدود. ولكن ربما غاب عن فكر الطرفين أن هناك الكثير ممن يستفيدون من الفوضى، مافيات منتشرة على كل الأراضي اللبنانية، ستحقق أرباحاً طائلة في ظل غياب الدولة، ولن يعاني أي من الطرفين من هذه المافيات، بل من سيعاني هو المواطن الذي يكدح لتأمين لقمة عيشه، بينما يستمر الفريقان في لعبة عض الأصابع، التي يمكن أن تعيد البلد 40 عاماً إلى الوراء.

شارك المقال