لا دولرة لرواتب القطاع العام… و”صيرفة” طبّقت الدعم العشوائي

آية المصري
آية المصري

بعد دولرة القطاعات الانتاجية كافة في البلد، صار المواطن يدفع غالبية خدماته ويشتري معظم احتياجاته المنزلية بالفريش دولار، و”الرايت” يتحكم بمصير السلعة وسعرها فكلما ارتفع الدولار في السوق السوداء ارتفع معه سعر السلعة داخل السوبرماكت التي باتت تخيّر المشتري بين الدفع بواسطة الليرة اللبنانية على سعر الصرف أو بالدولار، وبهذا بات الموظف يحمل في محفظته رزماً من الملايين ليشتري ما يحتاجه في معيشته.

اذاً، كل شيء بات مسعراً ومدولراً في لبنان الا رواتب موظفي القطاع العام التي لا تزال بالليرة اللبنانية، حتى أن هناك عدداً كبيراً يتقاضى الحد الأدنى للأجور، فهل حان الوقت لدولرة رواتب القطاع العام؟ أم أن الدولة المفلسة عاجزة عن إتمام هذه المهمة؟

في هذا السياق، رجّحت مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر موقع “لبنان الكبير” أن يدعو الرئيس ميقاتي الى جلسة مطلع الأسبوع المقبل للبحث في موضوع الرواتب والأجور والشؤون المعيشية بصورة مباشرة.

درويش: رفع الأجور حاجة ملحة

وأكد النائب السابق علي درويش في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “لا يمكننا في لبنان دولرة رواتب وأجور القطاع العام لأننا لا نتحكم بالعملة من جهة، ولأننا لا نعلم ما اذا كانت مواردنا تسمح بأن ندفع للموظف الراتب من جهة أخرى، لكن يمكننا دولرة السلع المستوردة ليحصل عليها المستهلك بالدولار بما يساوي قيمة سعر الصرف في السوق السوداء”، مشيراً الى أن “رفع الرواتب والأجور حاجة ملّحة وخلال الأشهر الأخيرة حصل موظفو القطاع العام على راتبين أو ثلاثة بالاضافة الى التحفيزات وبدلات النقل لمن يعمل”.

وشدد على وجوب “زيادة الرواتب ليتمكن الموظف من العيش بالحد الأدنى المطلوب والحصول على حياة كريمة، ونتيجة الاحصاءات الأخيرة التي جرت فان الموظف بحاجة الى ما يعادل 33 مليون ليرة كي يؤمن غالبية احتياجاته اليومية”، معتبراً أن “صيرفة تمكنت من حلّ جزء من المشكلة في الأشهر الماضية لأنها استطاعت أن تقدم للموظف الدولار على سعر 45 ألفاً”.

أبو سليمان: نحتاج الى مداخيل بالعملة الصعبة

وأيد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان عدم قدرة الدولة على دولرة رواتب القطاع العام في الوقت الحاضر، لافتاً الى “أننا بحاجة الى مداخيل بالعملة الصعبة كي نتمكن من هذه الدولرة واليوم هذا الطلب مستحيل وغير متوافر”.

وأوضح أن “الموظف كي يتمكن من العيش بالحد الأدنى يجب أن تبدأ الاصلاحات في القطاع العام، خصوصاً وأن غالبية هذا القطاع غير منتجة والاضرابات متتالية فيه، ونتيجة ارتفاع أسعار المحروقات بات الموظف غير قادر على الوصول الى مكان عمله وبالتالي يجب الاعتناء به وتقديم الحوافز المطلوبة وتحديداً للموظفين أصحاب الكفاءة العالية وليس التوظيف السياسي”. وقال: “لنتمكن من تأمين القدرة الشرائية للموظف والمحافظة عليها لا يمكننا إعطاؤه راتباً على سعر صيرفة بل تأمين النقل العام وحوافز لخدماته ومنها الكهرباء وغيرها لأننا في الوقت الحالي عاجزون عن دولرة رواتبهم”.

وأكد أبو سليمان أن “صيرفة لم تجد الحل المناسب للموظف لأنها طبقت على طريقة الدعم العشوائي وانتقلنا بذلك من دعم السلع الى دعم سعر الصرف، واليوم صيرفة تتغير وتتقلب أسعارها مواكبةً سعر الصرف في السوق السوداء على عكس قولهم بأنها ستجذب السوق الموازية”.

يتبين مما ذكر أن دولرة رواتب القطاع العام مستحيلة اذا لم تكن من سابع المستحيلات، لكن يبقى الأهم هل ستقدم للموظف الحوافز المطلوبة لتأمين احتياجاته الأساسية والضرورية من أجل الصمود وتخطي لهيب الارتفاع الهستيري للدولار؟

شارك المقال