المنطقة نحو التسويات… ولبنان خارج القطار؟

هيام طوق
هيام طوق

الحراك الجاري على مستوى المنطقة منذ اعلان الاتفاق السعودي – الايراني أكثر من لافت بحيث أنها تنام على تطور ايجابي لتستفيق على لقاء يبشر بالتهدئة والتبريد واعادة العلاقات الى طبيعتها بين الدول المتخاصمة، حتى أن البعض يقول ان العملية الانفتاحية والدينامية التي نراها أو المعلن عنها ليست سوى عيّنة مما يجري في الكواليس السياسية حيث التسويات والاتفاقات والتواصل على قدم وساق، ما يؤكد أن المنطقة متجهة نحو مسار يتسم بمزيد من الانفتاح والعلاقات الجيدة والتفاعل والتنسيق بين دولها.

إذاً، تعود العلاقات بين الدول الى طبيعتها شيئاً فشيئاً، وتعمل على حلحلة العقد الواحدة تلو الأخرى، بوتيرة سريعة بحيث تعقد اللقاءات على مستوى قادة أكثر من دولة، لكن يبدو أن لبنان معزول أو خارج اطار هذه الدينامية التصالحية والتوافقية اذ يواصل المسؤولون فيه مسارهم التصادمي والخلافي، ويتمترس كل فريق وراء متراسه ليصوّب الاتهامات على الآخر، ويصرون على المنحى السلبي والتعطيلي، مغلبين مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية، غير مكترثين بما يجري من حولهم، وبما تفعله كل دولة لصالح شعبها.

وانطلاقاً من انسداد الأفق في الداخل، والتشبث بالمواقف، والانقسام الحاد في الرأي والرؤية، لا بد من التساؤل: هل يجوز أن تستمر خطوط التواصل شبه مقطوعة بين الفرقاء في ظل الأجواء الحوارية في المنطقة؟ وهل يجوز أن يبقى المنحى التصادمي والسلبي في الداخل فيما تسير المنطقة نحو منحى التلاقي والايجابية؟ وهل يُعقل ألا يتعظ المسؤولون مما يجري حولهم، ولا يحققوا مصلحة بلدهم الأكثر حاجة الى الافادة من الأجواء الايجابية وتقاطع المصالح، لانتشاله من قعر الهاوية؟ وهل الاتفاق السعودي – الايراني سينعكس ايجاباً على دول المنطقة فيما لبنان لن يستفيد بشيء لأن المسؤولين غير مسؤولين ولم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي؟ وهل يكون لبنان خارج اطار التسويات والتفاهمات طالما أن المسؤولين لم يقدموا على أي خطوة باتجاه بعضهم البعض وتجاه بلدهم خصوصاً أن عدداً كبيراً من الشخصيات العربية والأجنبية تحدث عن ضرورة المبادرة الداخلية لتلاقي التغيرات والتطورات والتسويات الى منتصف الطريق؟

قال النائب محمد سليمان: “في ظل التسويات في المنطقة، لا بد من أن يكون الحس الوطني لدى المسؤولين في أعلى درجاته كي لا نبقى خارج الأجواء الايجابية والتواصلية والانفتاح بين الدول. يجب أن نلتفت الى مصلحة بلدنا، ولم يعد هناك من أعذار وأسباب لعدم القيام بالواجبات تجاه الناس وهمومهم لأن الأمور لم تعد تحتمل خصوصاً أننا نرى الدول المتخاصمة في المنطقة، تحاول اليوم اعادة العلاقة بينها الى طبيعتها، فكيف الحال بين أبناء البلد الواحد؟”.

ورأى أن “استمرار المسؤولين في مناكفاتهم، وصراعاتهم، سيجعلنا ندفع الثمن باهظاً لأن كل دولة تحاول تأمين مصالحها. اليوم علينا الافادة من كل التفاهمات، وتأمين مصالح بلدنا، واذا لم نقدم على هذه الخطوة، فسيسبقنا قطار التسويات، ونبقى خارج ما يجري في المنطقة. علينا التخلي عن الأنانيات والمصالح الضيقة، والعمل للمصلحة الوطنية، والافادة من المناخ الايجابي في المنطقة، وتهيئة الأجواء الملائمة لايجاد مساحات مشتركة بين اللبنانيين هدفها مصلحة لبنان، والعودة الى العلاقات الطبيعية مع الدول العربية والخليجية. واذا نحن في الداخل لم نبادر، فلا أحد سيبادر عنا”.

وشدد على أن “المطلوب اليوم من المسؤولين، التفاهم في ما بينهم، وعدم التلهي بالخلاف على أبسط الأمور. بالأمس، كاد تأجيل التوقيت الصيفي أن يؤدي الى بلبلة. علينا الابتعاد عن الشعبوية في القضايا الوطنية والمصيرية، والتخلي عن المناكفات التي لا تفيد أحداً، والتركيز على مصلحة الناس والبلد. علينا الاتفاق في ما بيننا كي يبارك الخارج هذا التوافق، ويساعدنا. علينا نحن اصلاح بيتنا الداخلي كي يقف الخارج الى جانبنا”، متمنياً من القيمين على البلد “أن يتقوا الله، والعمل على انقاذه”.

وأكد النائب الياس اسطفان أن “الحل في البلد لبناني – لبناني لأن لبنان ليس على أجندة الدول الخارجية، وهذا يتجلى يوماً بعد يوم من خلال ما يحصل في المنطقة إن كان لناحية الاتفاقات أو المساومات أو اللقاءات. الملف الرئاسي شأن لبناني، ولن يتم الا لبنانياً”، لافتاً الى “أننا لسنا خارج اطار ما يحصل في المنطقة، والتطورات لها أثر اما مباشر أو غير مباشر على لبنان، ولا يجوز أن نكون من فئة المتفرجين. لذلك، في ظل هذه التطورات، الأمر الأهم هو انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن للبدء بعملية فرملة الانهيار. المنظومة الحاكمة لا يمكنها الاصلاح، ونحن بحاجة الى اعادة تكوين للسلطة”.

أضاف: “المشكلة في التسويات، اذ أنها خلال العقود التي مرت هي التي أوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم. لا نريد رئيساً صورياً انما فعلي. نحن مع أي أمر ايجابي يفيد البلد بغض النظر عن التسمية، ويوصل رئيس جمهورية سيادياً، اصلاحياً، انقاذياً ولا يتبع لأي محور ويكون لبنانياً، ويعرف أنه ليس من حق أي طرف ابادة شعب عمره آلاف السنين”.

واعتبر النائب أسعد درغام أن “الجو في المنطقة والاتفاق السعودي – الايراني، والتفاهمات الاقليمية، تنعكس ايجاباً على لبنان وعلى دول المنطقة بأكملها، ووقعها سيكون جيداً. لكن، اذا استمر الوضع على ما هو عليه في الداخل، وفي ظل الممارسات الكيدية، والخلافات القائمة بين الأطراف، فلن نستفيد من التسويات الحاصلة في المنطقة أو علينا انتظار تسوية اقليمية تفرض على اللبنانيين، وحينها يكون رفضها صعباً. وبالتالي، علينا التحاور في ما بيننا لننتج رئيساً بتفاهمات لبنانية – لبنانية. وكل طرف عليه تحمل مسؤولية عدم الحوار والتلاقي وتداعياته”.

وذكر بـ “أننا كنا دائماً نقول بوجوب أن يكون لبنان المبادر، لكن كنا نتلقى نتائج التفاهمات، ولم نكن يوماً المبادرين”، آملاً “أن تنعكس التفاهمات ايجاباً علينا على الصعد كافة وعلى الاستحقاقات المنتظرة”. وأشار الى أن “هناك تمسكاً اليوم من الثنائي الشيعي وحلفائه بالوزير السابق سليمان فرنجية، وهذا من حقهما كما هناك تمسك من القوات اللبنانية بعدم التحاور والتفاهم، وهناك ضياع بين التغييريين والمستقلين. في ظل هذه الأجواء، كيف يمكن أن نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ المطلوب الحوار، والتلاقي في منتصف الطريق. نحن ندعو الى الحوار للتفاهم على برنامج انقاذي، وعلى مواصفات الرئيس”.

شارك المقال