الموفد القطري… ورئيس بروحية التفاهم السعودي – الايراني؟

هيام طوق
هيام طوق

تحركات وزيارات مكوكية، ذهاباً واياباً، بين بيروت والعديد من العواصم العربية والأوروبية تحديداً الفرنسية منها ما يوحي بأن طبخة الاستحقاق الرئاسي وضعت على نار حامية حتى أن القراءات والتحليلات تتوقع حصول حلحلة على هذا الصعيد نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، لكن لا يمكن أن نقول “فول حتى يصير بالمكيول” خصوصاً أن هناك تطورات كبرى في المنطقة تؤثر على الداخل اللبناني بصورة مباشرة.

على أي حال، بعد الزيارة التي قام بها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى باريس، وبغض النظر عن المعلومات التي تحدثت عنها إن كانت ايجابية أو سلبية، بالاضافة الى اللقاءات السرية التي تجري في فرنسا مع العديد من الشخصيات اللبنانية، معطوفة على الحراك الديبلوماسي المتسارع، والزيارات الرسمية باتجاه لبنان وآخرها زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي، وتوسيع دائرة لقاءاته مع مختلف الأطراف بحيث لفتت المعلومات الى أنه سيلتقي شخصية من “حزب الله” كما ليس مستبعداً أن يزور قائد الجيش العماد جوزيف عون، تدل على مؤشرات ايجابية، وأن هناك بصيص نور يأتي من الخارج باتجاه الداخل الذي يبدو ملبداً بالمناكفات والانقسامات التي تجعل من المستحيل التوافق على رئيس للجمهورية.

وفي حين علم أن فرنجية سارع الى وضع قيادة “حزب الله” ورئيس مجلس النواب نبيه بري في أجواء محادثاته مع الجانب الفرنسي كي يبنيا على هذه المعطيات نقاشهما مع الموفد القطري، أشارت معلومات صحافية الى أن الوزير الخليفي يحمل مبادرة رئاسيّة قطرية ربما تكون خارج إطار إسم فرنجيّة مع العلم أنه كان قد زار طهران، ومثّل بلاده في اللقاء الخماسي في باريس في 6 آذار الماضي.

وإذ بات واضحاً أنه يتم العمل لحلحلة العقد الرئاسية في أكثر من عاصمة وسط الحديث عن لقاء أو اجتماع سيعقد في مصر أو السعودية أو غيرها لاستكمال النقاش في الوضع اللبناني خصوصاً الملف الرئاسي، لا بد من التساؤل: هل لفحت رياح التقارب السعودي – الايراني لبنان أو لا يزال من المبكر الحديث عن انعكاس نتائجه على الداخل؟ وهل من مسعى أو مبادرة قطرية يحملها الخليفي الى بيروت لا تتضمن اسم فرنجية؟ وهل الدول المعنية بالملف اللبناني تنسق في ما بينها أو أن كل دولة تغني على ليلاها؟

اعتبر الوزير السابق فارس بويز أن “الموفد القطري سيحاول أن يشرح للجميع أن التفاهم السعودي – الايراني كبير ومهم ، ويفترض حلولاً في اليمن والعراق ولبنان وسوريا. من هذا المنطلق، جاء ليشرح للفرقاء أنه لا يمكنهم بعد الآن البحث في رؤساء فريق أو محور بل المطلوب مرشح وفاقي لا ارتباط له بأي من المحورين أكان السعودي أو الايراني. المشهد أمامنا، اذا أحسنا التعاطي معه، فسيكون شبيهاً بالعام 1958 بعد الثورة وبعد الصراع الكبير بين الناصرية من جهة وحلف بغداد من جهة أخرى بحيث اتفق الفريقان على الايحاء أو النصح بمجيء الرئيس فؤاد شهاب كمرشح سيادي مستقل. ولم يكتفيا بهذا الأمر بل عبّدا الطريق لشهاب باتجاه طريق سيادية، وهكذا نجح في اعادة بناء الدولة. ربما نحن على مقربة من تصور كهذا”، مؤكداً أن “الموفد القطري لن يتخطى الاتفاق الذي حصل بين السعودية وايران كما أنه لن يتخطى المملكة العربية السعودية، وجاء لشرح وتسهيل وتيسير التوجه نحو روحية هذا التفاهم أي انتخاب رئيس مستقل”.

ورأى أن “المبادرة القطرية اذا كانت تختصر بجمع الفرقاء وتقريب وجهات النظر بينهم، فربما قد تنجح أما اذا كانت تقدم طروحاً شبيهة بالطروح السابقة، فأظن أننا سنعود الى الوراء”. وقال: “بعد التفاهم السعودي – الايراني أصبح من الواضح أن الرسالة الى لبنان اذا أراد دعماً خارجياً، فستكون: انتخبوا رئيساً توافقياً مستقلاً. لا المملكة العربية السعودية تطالب بمرشح لها بل تطالب بأن يكون المرشح حراً مستقلاً، ولا ايران بعد الاتفاق سيكون لها مرشح بل ستقبل بمرشح حر ومستقل شرط ألا يكون في المحور الآخر. أعتقد أن الكثير من الأسماء التي كانت مطروحة في الماضي، ستغيب عن المشهد إن أرادوا التوصل الى حلول واقعية وعملانية”.

وأشار بويز الى أن “الدول تنسق في ما بينها في الملف اللبناني خصوصاً بعد الاتفاق السعودي – الايراني، والاتصال بين وزيري الخارجية السعودي والايراني يعبّر عن هذا التنسيق. هناك تنسيق بين الدول لتطبيق الاتفاق في المنطقة بأكملها”.

اما الوزير السابق رشيد درباس فأوضح أن “الموفد القطري وفق ما تسرب من معلومات جاء للاستفسار وليس لعرض الحلول، لكن من المؤكد أنه لم يأت للتسلية بل أراد الاستطلاع تمهيداً للبحث عن طبخة في الخارج لا يكون للبنان يد فيها. ربما تكون الزيارة توطئة لمبادرة ما”.

وشدد على أنه “لا يمكن القول ان الاستحقاق الرئاسي وضع على نار حامية داخلياً خصوصاً اذا سمعنا التصريحات من المسؤولين التي لا تزال أقرب الى وضع العراقيل. أما ما يطبخ في الخارج، فلا علاقة للداخل به”، لافتاً الى وجوب “التعويل على اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني حسين عبد اللهيان. العالم سيشغل محركاته بعد الاتفاق السعودي – الايراني الذي سينعكس على لبنان الذي هو آخر الأولويات في برنامج السياسيين اللبنانيين. العلة ليست في الخارج انما فينا”.

وأشار الى أن ” الدول تتواصل في ما بينها، لكن كل دولة لديها موالها. فرنسا لديها موال، وأميركا تنتظر المواويل لتعطي رأيها في النهاية، اما الصين التي كان ينتظر منها حل اقتصادي، فأتت بحل سياسي”، معتبراً أن “الحل يتم حين يجتمع السعودي والايراني، ونحن ننفذ ما اتفق عليه”.

شارك المقال