الرئيس بين أيار وتموز… حقيقة أم أوهام؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ أشهر سرت معلومات أن انتخاب رئيس الجمهورية سيكون في أيار المقبل أو في أبعد تقدير خلال شهر تموز، وبالتالي، سيوضع البلد على السكة الصحيحة، وتنطلق حملة الاصلاحات خصوصاً أن المسؤولين في الداخل والخارج يؤكدون أن الانهيار الكلي أصبح وشيكاً ما دفع اللبنانيين الى انتظار المرحلة المقبلة على “نار” لأن قدرتهم على التحمل قد نفدت في ظل أسوأ أزمة اقتصادية ومالية مرت عليهم.

وبعد الاتفاق السعودي – الايراني الذي أعاد خلط الأوراق في المنطقة، تعتبر أكثرية المطلعين والمحللين أن الأمور اذا سارت كما هو متوقع، فإن الايجابيات وأجواء الحلحلة ستنعكس على الملفات العالقة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وما يجري من لقاءات ونقاشات وحركة سياسية وديبلوماسية بارزة بين مختلف دول المنطقة خير دليل على أن قطار التهدئة والتسويات قد انطلق، وعلى لبنان الافادة من هذا المناخ، والتقاط اللحظات التاريخية عله يخرج من مستنقعه خصوصاً بعدما أظهرت الطبقة السياسية عجزها وفشلها في القيام بأي خطوة الى الأمام لا بل تتعمد التعقيد من خلال المناكفات والخلافات والانقسامات في ما بينها.

إذاً، الاستحقاق الرئاسي خرج من أيدي اللبنانيين، واسم رئيس الجمهورية المقبل سيتفق عليه بين عواصم الدول الشقيقة والصديقة مع العلم أن هناك أحاديث كثيرة عن مبادرات وطروح تضع خارطة طريق انقاذية للبلد، تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، لكن كل المؤشرات تؤكد أن الأمور الى اليوم لم تتبلور بشكلها النهائي، ولم يحصل التوافق على اسم للرئاسة على الرغم من أن الدفة الخارجية تميل أكثر وأكثر نحو شخصية توافقية لا تشكل استفزازاً لأي فريق تماشياً مع روحية الاتفاق السعودي – الايراني.

على أي حال، من انتظر لسنوات في العتمة لن يستصعب الانتظار لشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر، لكن لماذا يعتبر كثيرون أن الأشهر الثلاثة المقبلة حاسمة أي اما نحن ذاهبون الى الانفراج من خلال تلقف الأجواء الايجابية في المنطقة، أو الى حالة الوضع الميؤوس منه بحيث سيغرق البلد في أزماته المتتالية وصولاً الى تحلل المؤسسات والانهيار التام للقطاعات كافة، حتى أن بعض السياسيين أكد لـ “لبنان الكبير” أن الفرصة تاريخية أمام لبنان، واذا لم يحسن المسؤولون التصرف والتقاطها، فيكون على الدنيا والبلد السلام. ثم، في ظل زحمة المبادرات والمساعي واللقاءات، لا بد من التساؤل: وفق أي صيغة سيتم ملء الشغور الرئاسي؟ هل من خلال مؤتمر في الخارج يجمع اللبنانيين أو من خلال توافق الدول المعنية بالملف اللبناني والساعية الى ايجاد الحلول أو من خلال تسوية كبرى تتعلق بالمنطقة ككل؟

رأى النائب عبد الرحمن البزري أن “الوضع اللبناني الداخلي أصبح متأزماً بصورة كبيرة جداً إن كان لناحية الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وأزمة الليرة، وأزمة التربية، وأزمة الصحة والاستشفاء، وأزمة انحلال الادارات، بالاضافة الى ارتفاع منسوب الخطاب الطائفي. بناء على هذه الأزمات، يمكن الاستنتاج أن وضع البلد في الثلاجة بانتظار المزيد من الوضوح الاقليمي، وهذا أمر خطير لأنه سينعكس مزيداً من الانهيارات التي تصعب معالجتها فيما بعد. من هنا، نرى الحركة السياسية الكثيفة باتجاه لبنان أو زيارة بعض الشخصيات اللبنانية الى الخارج للتشاور، مع العلم أن الملف اللبناني ليس أولوية، لكن صعوبة الوضع وخطورته تفرض الأولوية”.

وأمل أن “يكون أي لقاء سياسي بين الفرقاء اللبنانيين داخل لبنان وأن يكون هناك نوع من المواكبة الأخوية العربية والاقليمية والدولية الصديقة، لكن جمع اللبنانيين حول طاولة نقاش في الخارج دونه عقبات لأن من يتبنى الحل في الخارج يجب أن يتبنى تفاصيل معقدة”، لافتاً الى أن “هناك خطين متوازيين: الخط العربي والاقليمي والدولي والخط الداخلي. وليس هناك من وضوح في الصيغة التي ستطرح لملء الشغور أو كيفية المساعدة خصوصاً أن هناك أجواء اقليمية ودولية لا تزال غير واضحة بالنسبة الى الملف اللبناني”.

وتمنى أن “تتبلور الأمور في المنطقة سريعاً، وأن يتجاوب اللبنانيون مع الحلول المقترحة لأن الحلول من دون تجاوب الداخل لا يمكن أن تحصل مع التأكيد أن ظروف البلد لا تحتمل الانتظار الطويل”.

أما الوزير السابق فادي عبود فاعتبر أن “بلورة الأزمة في المنطقة خلال أسابيع أو أشهر، كلام غير مبني على وقائع بل على تخمينات ليس الا. لبنان بات أكبر منتج للخبراء في العالم، لكن هؤلاء الخبراء يبنون على معلومات غير دقيقة وعلى أوهام لا تمت الى الواقع بصلة، وكل من نسمعهم يحددون تاريخ ملء الشغور لا يستندون الى معطيات لا إقليمية ولا لبنانية ولا أوروبية”، مشيراً الى أن “كل العالم يرى حجم الأزمة التي يمر بها لبنان ما عدا اللبنانيين. نحن في أزمة قاسية جداً، وحين نرى انفراجات طفيفة، تفسر بصورة خاطىئة لأن الانفراجات الجذرية لا تزال بعيدة المنال”.

وقال: “اليوم نتحدث عن مواقف الدول، ونركز على التحركات الديبلوماسية، لكن كنا نتمنى لو أن أي مسؤول يطلب من أي مرشح أن يعرض برنامج عمله الرئاسي، وما موقفه من الأزمات المتعددة”، مشدداً على أنه “لا يجوز أن نتلهى بالتحليلات والقراءات، ولا أحد يتطرق الى أساس الموضوع وصلبه. التفاهم السعودي – الايراني سينعكس ايجاباً على الملفات في المنطقة، لكن هذا الانعكاس لن يتم خلال فترة قصيرة، وتحديد الوقت خطأ لأن هناك متغيرات كبيرة في المنطقة والعالم”.

وأكد أن “ليس هناك أي دور للبنانيين بالنسبة الى المخرج الرئاسي. المهم أن تتوافق الدول المعنية بالشأن الداخلي أي فرنسا والسعودية وايران على اسم معين ليتم انتخاب الرئيس فوراً. الرأي اللبناني في هذا الموضوع يأتي في آخر السلم”.

شارك المقال