الخلوة الروحية… خرق للنفوس وليس العقول

هيام طوق
هيام طوق

عقدت الخلوة الروحية للنواب المسيحيين، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في بيت عنيا – حريصا، واستهلت بحديث روحي للنائب البطريركي المطران أنطوان عوكر، بعنوان “الخلاص بين عمل الله وأعمال المؤمن”. وكما كان متوقعاً، لم تتطرق الخلوة الى السياسة لا من قريب ولا من بعيد وفق ما أكدت مصادر نيابية مشاركة لموقع “لبنان الكبير”، لكن الجو كان هادئاً بحيث طغت الأحاديث الروحانية بين النواب المشاركين الذين تواصلوا مع بعضهم البعض، وتبادلوا الآراء، وجلسوا بصورة عشوائية الى جانب بعضهم بعيداً عن الاصطفافات الحزبية أو وفقاً للتكتلات النيابية.

واعتبر أحد النواب أن “البطريرك حقق هدفه من الخلوة أي محاولة ايجاد مساحة روحانية بين النواب علها تتطور الى تواصل أكبر مع التأكيد أن الجميع خرج بانطباع ايجابي وبارتياح، وليس صحيحاً أن الخلوة لم تقدم ولم تؤخر بشيء لأنها خرقت النفوس على أمل أن تخرق العقول”.

الخلوة التي عقدت في “أربعاء أيوب” ربما لأن البطريرك الراعي أراد أن يقرع جرس الانذار بأن الصبر قد نفد، وصادفت في أسبوع الآلام على أعتاب القيامة لكي يقول للنواب انه يكفي الشعب عذاباً وآلاماً، وانه لا بد أن تنجلي الغيوم السود، وتشرق الشمس لتعلن قيامة لبنان من تحت ركام الأزمات المتتالية.

إذاً، توقيت اللقاء الروحي، فيه الكثير من الرسائل كما أن عظة البطريرك الراعي خلال القداس في ختام اللقاء، تضمنت أيضاً الكثير من الرسائل الموجهة الى النواب الذين دعاهم الى أن “يطرح كلّ واحد منّا وكلّ سياسي صالح هذه الأسئلة على نفسه: بماذا جعلت الشعب يتقدم؟ أي روابط حقيقية بنيت؟ وكم سلام اجتماعي زرعت؟ ماذا أنتجت في المسؤولية التي أوكلت إلي؟ وماذا فعلت لتسهيل انتخاب رئيس وإحياء مؤسسات الدولة؟”.

أضاف: “يقول البابا فرنسيس إن السياسة التي تسعى الى خلق مساحة شخصية وفئوية هي سيئة أمّا السياسة التي تضع خطة لمستقبل الأجيال فهي صالحة. السياسة السيئة تستعمل كلّ الوسائل للوصول الى مصالحها ولا تعرف كيف تحاور”.

على أي حال، لا بد من التساؤل: كيف كانت الأجواء بين النواب في الخلوة؟ وهل كان هناك من أحاديث جانبية في السياسة وفي التسميات الرئاسية؟ وكيف تلقف النواب الأسئلة التي طرحها عليهم البطريرك الراعي؟

أشار النائب الياس حنكش الى أن “اللقاء كان للتأمل الروحي، ولم يجرِ أي حديث في السياسة. كان الجو هادئاً ومريحاً، ولم تكن هناك من جلسات أو اصطفافات حزبية اذ رأينا النواب من مختلف الأحزاب والكتل يجلسون الى جانب بعضهم البعض”، لافتاً الى أن “التواصل بين النواب موجود في البرلمان، لكن اطاره في الخلوة يختلف لأن جو التقوى والخشوع والصلاة هو الذي كان سائداً”.

وشدد على “أننا كحزب كتائب لبنانية ليس لدينا خصوم مع أحد انما هناك اختلاف في السياسة مع بعض الأطراف، ونحن لا نبيع ولا نشتري. المشكلة اليوم مع فريق يعطل انتخاب رئيس الجمهورية. ليس الشرط أن يحصل التوافق بين المسيحيين على اسم الرئيس المقبل انما المهم أن تحصل العملية الديموقراطية وأن يمارس النواب واجباتهم في البرلمان”.

ورأى أن “هناك ربما من يكون انزعج من كلام البطريرك أو شعر أنه معني اذ ليس كل الموجودين معنيون بهذا الكلام. نحن تحمسنا للعظة التي كانت مهمة ومباشرة اذ تحدث عن السياسة الصالحة والسياسة السيئة”، مؤكداً أن “لو كل نائب يعود الى ضميره، فيمكن حينها أن يقيم توازناً أو يجري قراءة لما فعل ولما كان يجب أن يفعل. اذا بنينا على الخير الموجود داخل كل انسان فيمكن أن نصل الى مكان جيد”.

وأوضحت النائب غادة أيوب أن “الخلوة كانت للتأمل، وتم تبادل الأحاديث حول النصوص الدينية التي طرحت، ولم يتم التطرق الى أي موضوع سياسي لا من قريب ولا من بعيد انما رفعت الصلوات من أجل الوصول الى خشبة الخلاص. الخلوة كانت جيدة، ورفعت خلالها النوايا على نية خلاص لبنان وقيامته القريبة، وهذا أمر مستحب”.

واستغربت “أن يعتبر الناس أن ليس هناك من تواصل بين النواب، لأننا على تواصل دائم في البرلمان، ونلتقي في عمل اللجان، ولا يجوز أن ننتظر لقاء روحياً ليحصل التواصل”، معتبرة أن “عظة البطريرك في القداس بعد الخلوة، أتت في سياق عظاته نفسه يوم الأحد اذ يتوجه الى النواب الذين لا يقومون بدورهم أو يستخدمون السلطة بصورة سيئة، بأن يعيدوا النظر في الأولويات. كل من يقوم بواجباته الوطنية منذ أن بدأ الشغور، ولا يعطل نصاب جلسات الانتخاب، لا يعتبر أن رسالة البطريرك موجهة اليه”.

وقال النائب أديب عبد المسيح: “الخلوة بمثابة تجمع للنواب المسيحيين، وكان الجو مريحاً بعيداً عن التشنج حيث كان هناك صلاة وتأمل، وكانت هناك رسائل مبطنة من البطريرك في عظته، ووصلت الى من يعنيهم الأمر خصوصاً عندما تحدث عن السياسة السيئة والسياسة الجيدة، وكيف يمكن استخدام السلطة لعمل الخير”.

وأشار الى أن “المعني بكلام البطريرك الراعي، المعطل للحياة السياسية في البلد، ولجلسات انتخاب رئيس الجمهورية”، مشدداً على أن “هدف اللقاء، خلق جو من الألفة بين النواب، وقد تحقق كما وجمع المسيحيين بمختلف مكوناتهم تحت سقف واحد في بيت الله. الخلوة قرّبت النفوس وليس العقول لبعضها”.

شارك المقال