قطر تلعب دور الوسيط… تحضيراً لمناخ ألطف؟

هيام طوق
هيام طوق

ليس خافياً على أحد أن هناك استنفاراً ديبلوماسياً عربياً وغربياً، وحركة ناشطة في اتجاه حسم الملف الرئاسي خصوصاً أن المعلومات الصحافية تتحدث عن زيارات لوفود عرب وأجانب مرتقبة، وخطوات منتظرة في المرحلة المقبلة، اذ يعتبر كثيرون أنه قبل تموز المقبل سيتم انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تسوية خارجية لأن الاستحقاق خرج من دائرة القرار اللبناني.

وفيما تناقضت المعلومات حول زيارة الموفد القطري، وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي، وجولته الواسعة على المسؤولين من مختلف الأطراف، فإن بعض المعلومات أشارت الى أن الزيارة التي اتخذت طابع الاستطلاع كانت في غاية الأهمية على الرغم من أن الموفد لم يحمل أي مبادرة، لكنه استمع الى الآراء والهواجس، وحاول معرفة ما هي العوائق الفعلية أمام انتخاب الرئيس لا سيما أن الدول المعنية بالملف اللبناني تريد الحفاظ على الاستقرار في لبنان.

وبالتالي، ليس مستبعداً أن تلعب قطر دور الوسيط بين اللبنانيين أنفسهم لتقريب وجهات النظر بينهم كما من المتوقع أن تبادر اللجنة الخماسية، في ضوء الأسئلة التي طرحها الموفد القطري، إلى التداول في مجموعة من الأفكار والطروح وربما المبادرات التي تهدف الى إحداث خرق في الجدار الرئاسي خصوصاً أن غالبية المشاركين في اللجنة، تؤيد شخصية ليست تابعة لأي فريق، وغير استفزازية، لأن لا مساعدة للبنان ما لم ينتخب رئيساً وفق مواصفات معينة، ويتبنى الاصلاحات المطلوبة.

على أي حال، فإن زيارة الموفد القطري في هذا التوقيت الدقيق لا تأتي في اطار الزيارات البروتوكولية، وليست استطلاعية واستكشافية فحسب، ولا بد من أنها ستستكمل بخطوات لم تتبلور بعد، وربما على أثرها، تعقد اللجنة الخماسية اجتماعاً جديداً ينطلق مما توصل اليه الموفد القطري خلال جولته في لبنان ما قد يخلق نوعاً من التقارب بين المشاركين.

في هذا السياق، أشار المحلل السياسي فيصل عبد الساتر الى أن “ما يجري في لبنان حول الملف الرئاسي أصبح معيباً ومشيناً بحق كل اللبنانيين”، لافتاً الى أن “زيارة الموفد القطري ليست بعيدة عما يريده السعودي انما تأتي استكمالاً للمناخ السعودي الذي الى اليوم غير مشجع على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو من هو على شكله. والسؤال: اذا كان هذا الأمر قد حسم، فلماذا هذه الجولات اذاً؟ هل هناك من تسويق لأسماء أخرى؟ المعلومات تقول ان الموفد القطري حاول أن يسمع من حزب الله اذا كان هناك اسم آخر غير فرنجية، لكنه لم يصل الى نتيجة باعتبار أن الحزب قال ان لا اسم لديه حالياً غير فرنجية” .

وسأل: “في ضوء الحديث عن اجتماع خماسي، ما الذي يمكن أن يقدمه الخارج طالما أن الأطراف في الداخل لم تصل الى أي رؤية بينها؟ هل المطلوب استمرار الأزمة في لبنان؟ هل البعض لم يقتنع بأن الأزمة بدأت تأكل كل شيء؟”.

وقال عبد الساتر: “علينا أن نقر ونعترف بأن هناك تبايناً بين العواصم الأساسية المعنية بالملف اللبناني. اليوم، هل القطري منفصل عن هذا المشروع أو أنه جزء مكمل؟ البعض يقول ان القطري يحاول أن يستفيد من هذه الخلافات لتمرير فكرة لها علاقة بتسويق قائد الجيش مجدداً. والبعض الآخر يقول ان القطري لا يمكن أن يكون خارج المنطق السعودي باعتبار أن الأمور بين السعودية وقطر على ما يرام. ويبقى السؤال: ما الذي أراده القطري من هذه الزيارة؟ هل السعودي كلف القطري القيام بمهمة ما أو أن الأخير يحاول أن يكون له دور في هذه القضية؟ مع العلم أن الاشارة الى قائد الجيش من قطر لم تكن اشارة بسيطة. هل يكون قائد الجيش اسماً بديلاً؟”.

ورأى أن “قطر ليست لها مصلحة أن تكون منفردة في حال أرادت القيام بأي وساطة. وليس لدى القطري مشروع خاص على حساب الدول الأخرى، لكن يمكن أن يكون حالة مكملة للمبادرة التي تطرح من دون أن ننسى أن الجميع يريد الاستقرار في لبنان، ويريد اتفاق اللبنانيين في ما بينهم، خصوصاً القطري الذي أصبح شريكاً مضارباً في موضوع الغاز”، متسائلاً: “هل تتحرك الأمور على يدي القطري أكثر باعتبار أن مروحة اتصالاته قد تكون أوسع وأشمل ولديه القدرة على التحرك أكثر؟ هذا ممكن”.

أما الكاتب والناشط السياسي بشارة خير الله فاعتبر أن “الدور القطري اليوم يكمل الدور السعودي في لبنان. قطر تحاول اختراق الساحة من خلال لعب دور المسهل بين الدول المعنية بالملف اللبناني، وتحاول انتاج ما يشبه الدوحة كي تساهم في ايجاد حل للمشكلة كما وتسعى الى جس نبض كل فريق، لكن ليس هذا هو المطلوب اليوم”.

وشدد على أن “المطلوب اليوم أن يعود لبنان الى دوره التاريخي من خلال رئيس جمهوريته ورئيس حكومته. المطلوب عودته الى عمقه العربي والى جامعة الدول العربية، وتفعيل دوره العربي بعد المصالحة مع الأشقاء العرب ودول الخليج العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية في ظل التبدلات الاقليمية اذ حصل الكثير من التطورات ولبنان بمنأى عنها”.

وسأل: “كيف يحافظ لبنان على مصالحه في ظل التطورات الخليجية – الاسرائيلية على سبيل المثال؟ كيف يحافظ على مصالحه في ظل التقارب السعودي – الايراني؟ كيف يحفظ دوره في ظل الدخول الصيني على المنطقة؟”، مؤكداً “أننا لا نريد أن نملأ الفراغ بأي رئيس انما برئيس يلعب دوره الى جانب رئيس حكومة ووزراء يعملون على الاصلاحات السياسية، وترميم علاقات لبنان الخارجية، ثم الاصلاحات في الادارات والمؤسسات”.

ورأى أن “زيارة الموفد القطري لا بد ستستكمل بخطوات لاحقة، والقطري لن يتعب بسرعة انما سيعيد المحاولة لايجاد ثغرة يمكن الافادة منها لاقناع الفرقاء بالرجوع عن التعنت، اذ أن حزب الله متمسك بفرنجية الذي تعتبره جهات لبنانية غير صالح للقيادة في هذه المرحلة”.

شارك المقال