اللقاء الخماسي المرتقب… مؤشرات ايجابية والعرقلة الداخلية هاجس

هيام طوق
هيام طوق

حالة من السكون والهدوء والثبات تخيم على الساحة السياسية الداخلية حيث أصبحت هناك قناعة لدى الجميع بأن انتخاب رئيس الجمهورية خرج من يد المسؤولين والمعنيين كلياً، خصوصاً بعد فشل المحاولات العديدة لتقريب وجهات النظر أو التوافق على اسم حتى ضمن الفريق الواحد، وبالتالي، أصبح من شبه المستحيل ايصال أي اسم الى سدة الرئاسة في ظل الانقسام الحالي في البرلمان مع العلم أنه مرّ على الشغور نحو 6 أشهر، والبلد يتدحرج نحو الهاوية بسرعة فائقة على المستويات كافة، والتقارير الدولية تشدد على ضرورة وضع البلد على السكة الصحيحة قبل فوات الأوان.

هذا الاستسلام في الداخل، يقابله حراك ديبلوماسي خارجي باتجاه لبنان اذ بعد زيارة الموفد القطري، يتم الحديث عن زيارات مرتقبة لمسؤولين عرب وأجانب كما أن التواصل قائم بين الدول الصديقة والشقيقة للبنان، بهدف التوصل الى إحداث خرق في الجدار الرئاسي خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة لأن كل الدول لا تريد أي انزلاق أمني لا تحمد عقباه أو الوصول الى مرحلة الشلل وانهيار المؤسسات بصورة تامة.

وبعد الاجتماع الخماسي الذي عقد في باريس، وشاركت فيه فرنسا، الولايات المتّحدة، السعودية، قطر ومصر على مستوى سفراء ومستشارين، لبحث الملف اللبناني، تحدثت معلومات صحافية عن توجه هذه الدول الى عقد اجتماع آخر في ظل محاولات لرفع مستوى التمثيل ليكون على مستوى وزراء خارجية هذه البلدان بحيث أبدت كل من الرياض وواشنطن والقاهرة، نيتها استضافة هذا الاجتماع مع العلم أنه بعد الاعلان عن الاتفاق بين السعودية وايران، اعتبر كثيرون أن الاجتماع المقبل سيتحول الى اجتماع سداسي بعد أن تنضم ايران اليه في حين استبعد آخرون هذا الأمر.

على أي حال، إذا عقد هذا الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، هل ستكون نتيجته حاسمة في الاستحقاق الرئاسي خصوصاً بعد زيارة الموفد القطري الاستطلاعية الواسعة على مختلف الفرقاء اللبنانيين، والتي ستشكل منطلقا للنقاش وربما للتوافق بين المشاركين على اسم أو على تسوية تصبح سارية المفعول من دون أي اعتراض؟ وهل التقارب السعودي – الايراني، وانعكاسه الايجابي على مختلف القضايا العالقة في المنطقة سيسهل المهمة أمام المشاركين؟

لا يستبعد أستاذ العلاقات الدولية وليد عربيد “أن تشارك ايران في الاجتماع المرتقب، ويصبح خمسة زائداً واحداً، وسيسعى الى تسريع دفع اللبنانيين نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ولن يخرج باسم معين انما سيضغط في هذا الاتجاه”، مشيراً الى أن “فرنسا من خلال المبادرات المتكررة التي قامت بها، تحاول إخراج لبنان من أزماته الداخلية المرتبطة اقليمياً ودولياً. وأعتقد أن الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الصين تعطي اشارة الى الدور الأوروبي الفاعل في انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان”.

وقال: “تعلم فرنسا اليوم أن الوضع الداخلي والتفاعلات الداخلية صغيرة بالنسبة الى حجم التطورات الاقليمية. وبالتالي، ستضغط باتجاه الخارج كما باتجاه الداخل لانتخاب الرئيس لأن الاتجاه الى الفوضى يعني الفديرالية أو الحرب، وهذا ما لا تريده فرنسا أو أوروبا لأن لبنان يبقى بالنسبة اليهما رأس الحربة ليس الثقافية وحسب، بل الاقتصادية أيضاً. اذاً، الاجتماع سيحاول ايجاد مخرج للاستحقاق الرئاسي ليستعيد لبنان ثقة الدول العربية، ووضعه على سكة الاستقرار وعدم الدخول في الفوضى”.

وشدد عربيد على أن “ملف الشرق الأوسط كبير ومعقد وليس أولوية بالنسبة الى الدول الكبرى، لكن محبة هذه الدول للبنان، ستساعد في حلحلة القضية اللبنانية، والبداية تكون بانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف شخصية لتشكيل حكومة اصلاحية”، مؤكداً أن “الاتفاق بين السعودية وايران سيرخي بظلاله الايجابية على الاجتماع المرتقب”.

ولفت الصحافي والكاتب السياسي قاسم قصير الى أن “الاتصالات مستمرة خصوصاً بين الفرنسيين والسعوديين، وبحسب المعلومات هناك بحث جدي في ما يسمى التسوية الشاملة أي البحث الجدي في مقاربة الوضع الداخلي اللبناني، وتكون المعالجة شاملة وليست جزئية أي ليس العمل على انتخاب رئيس للجمهورية وحسب، انما التنسيق حول اسم رئيس الحكومة، وحتى البحث في بعض المناصب المهمة مثل حاكم مصرف لبنان، وقائد الجيش وأن يكون هناك إشراك لجميع القوى اللبنانية. ويبدو بحسب المعلومات أن هناك تقدماً في النقاش، والمؤشرات ايجابية على الرغم من أن الأمور لم تحسم بعد”، موضحاً أنه “يتم التداول في إشراك ايران بصورة غير مباشرة في هذه اللقاءات من خلال التنسيق معها لضمان نجاح أي مشروع يتم التوافق عليه”.

وأشار الى أن “الاتفاق بين السعودية وايران بدأ تنفيذه من خلال الاتفاق على اعادة فتح السفارات بين البلدين، والتعاون الاقتصادي والأمني كما أن المؤشرات ايجابية في الملف اليمني اضافة الى الملفات الأخرى أي الملف السوري والبحريني. يبدو أن نتائج هذه الملفات ستنعكس ايجاباً أو سلباً على الملف اللبناني بحيث أن الدول المعنية تعتبر أن الملف اللبناني ليس أولوية اليوم”، كاشفاً عن “معلومات تتحدث عن احتمال زيارة وفد سعودي الى سوريا ودعوتها الى القمة العربية، لكن هذا الأمر لم يُحسم بعد. كيف ستنعكس هذه المعطيات على الوضع اللبناني؟ غير واضح. والسؤال هنا: هل الأطراف في الداخل جاهزة لملاقاة التطورات الاقليمية؟ لأننا لا نزال حتى الآن نسمع المواقف التصعيدية”.

ورأى أن “أي تسوية ستتم، يجب أن تحظى بمظلة اقليمية ودولية، وخلال الشهرين المقبلين يمكن أن نشهد مؤشرات معينة. والبعض يتحدث عن ملء الشغور قبل شهر تموز المقبل لأن ولاية حاكم مصرف لبنان تنتهي في تموز، ولا يجوز الفراغ داخل المصرف المركزي، ومن الصعب على الحكومة الحالية تعيين الحاكم. وبالتالي، البعض يعتبر أن شهر تموز هو الحد الأقصى لانتخاب الرئيس الا اذا حصلت أي تطوات سلبية في المنطقة”، معتبراً أنه “لا يجوز حسم المسائل بانتظار نتائج التفاهمات، لكن موضوع حاكم مصرف لبنان مهم للأميركيين وللفرنسيين وللدول العربية، ولا يمكن أن يتحمل البلد الشغور في هذا الموقع. وبما أن الاطراف في لبنان عاجزة عن التفاهم، فالجهد العربي والدولي يتقدم”.

شارك المقال