التمديد للبلديات محسوم… بفعل سياسي أو لوجيستي؟

هيام طوق
هيام طوق

عقدت اللجان النيابية جلسة في مجلس النواب، لاستكمال البحث في عدد من اقتراحات القوانين، من ضمنها اقتراح قانون يتعلق بتمويل الانتخابات البلدية والاختيارية، تغيب عنها وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الذي أرسل نيابة عنه المديرة العامة للشؤون السياسية في الوزارة فاتن يونس، ووزير المال يوسف الخليل الذي مثلته رجاء شريف.

وما صرح به النواب بعد الجلسة، يدل على أن اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها بات شبه مستحيل وفق ما قال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي كشف أنه سيتقدم بصفته الشخصية باقتراح قانون لتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لمدة أربعة أشهر.

وعلى الرغم من أن وزير الداخلية أكد خلال مناسبات عدة اصراره على اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأن الوزارة في جهوزية لاتمامها، كما حدد مواعيدها بين 7 أيار المقبل و28 منه، شكك كثيرون في امكان اجرائها في مواعيدها بسبب الصعوبات اللوجيستية، وعدم امكان تأمين الاعتمادات لها.

على أي حال، الاختلاف حول غالبية الملفات، والانقسام في المجلس النيابي، ظهر جلياً في جلسة اللجان النيابية، اذ اعتبر البعض أنه اذا تأمن القرار السياسي، فالانتخابات يمكن أن تُجرى في مواعيدها، ويمكن صرف الأموال من الـ SDR، في حين رأى آخرون أن هناك استحالة لوجيستية لاجرائها، إلا أن أحد المحللين السياسيين أشار في تصريح لموقع “لبنان الكبير” الى أن ما من جهة سياسية تريد اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، كلها حفلة مزايدات. ومن يطالب بإجراء الانتخابات، يستفيد من رفض الآخرين كي يزايد. الانتخابات البلدية تضع الأحزاب والتيارات في مواقف حرجة أمام مناصريها في المناطق حيث التنافس يكون بين الأهل والأقارب. وبالتالي، أي موقف يمكن أن يتخذه أي حزب سيضعف من شعبيته.

وبعد كل ما جرى، لا بد من التساؤل: هل “طارت” الانتخابات البلدية والاختيارية أو تأجلت للمرة الثانية على التوالي بعد أن ارجائها العام الماضي على اعتبار أنها تتزامن مع الانتخابات النيابية؟

في هذا الاطار، شدد النائب محمد خواجة على “ضرورة اجراء العملية الانتخابية في وقتها، ووجوب أن يُحترم هذا الاستحقاق، الذي تأجل سابقاً لسنة، وكان يجب التحضير له بطريقة أفضل، لكن القطاع العام اليوم مشلول بسبب الاضراب في الادارة. وظيفة المجلس النيابي أن يسأل الحكومة عن عدم حلحلة العقد والصعوبات”، معتبراً أن “ليس هناك من تعاطٍ جدي مع الانتخابات البلدية والاختيارية، وأكبر دليل غياب وزيري الداخلية والمالية عن الجلسة التي هي الأساس مهما كان الالتزام بارتباطات أخرى. رأينا أن الرئيس نبيه بري دعا فوراً هيئة مكتب مجلس النواب الى إجتماع، تحضيراً لجلسة عامة، تناقش هذا الموضوع”.

وأكد أن “الفراغ على المستوى البلدي والاختياري لا يجوز لأن تداعياته كبيرة، واذا وصلنا الى تاريخ انتهاء مدة ولاية المجالس البلدية والمخاتير، ولم يقر التمديد في المجلس النيابي، تحال الصلاحيات على القائمقامين والمحافظين، وهذا أمر خطير”، مشيراً الى حصول “نقاش بنّاء اليوم (أمس) انطلاقاً من الوقائع. المرحلة الاولى من الانتخابات ستجري في الشمال، لكن الى اليوم لم تقدم طلبات الترشح بسبب صعوبات عدة، منها: اضراب الموظفين الذين لا يداومون في مكاتبهم، والعوائق في اتمام اخراجات القيد واستكمال الملفات. واذا احتسبنا أيام العطل المقبلة بسبب الأعياد، فإن أيام العمل المتبقية قليلة جداً. كما أن غياب الوزراء عن الجلسة، ترك انطباعاً لدى غالبية الكتل النيابية بأن الحكومة غير جدية في اجراء الانتخابات بعيداً عن موضوع التمويل”.

وقال: “ماكينتنا الانتخابية انطلقت منذ 15 يوماً، ولا ننتظر مفاجآت من نتائج الانتخابات، لكن قد يكون هناك تخوف لدى بعض القوى الأخرى. وكيف يقول وزير الداخلية ان الوزارة جاهزة لاجراء الانتخابات، وليس هناك من طلبات ترشح خصوصاً من الشمال الذي تفصله أيام قليلة عن موعد الانتخابات فيها؟”. ورأى أن “هناك صعوبة لوجيستية وادارية، ولا نعرف الى أي حد ستكون ادارات الدولة والأجهزة المعنية حاضرة لادارة الانتخابات”.

ولفت النائب بلال عبد الله الى أن “من الواضح أن الانتخابات البلدية والاختيارية تأجلت، وربما هناك إرادة سياسية في ذلك على الرغم من الثغرات المالية واللوجيستية التي عُرضت. ليس لدي معلومات، لكن هذا ما استنتجته من النقاشات التي حصلت، ومن الأجواء السائدة”، مشدداً على أنه “لا يجوز أن نوجه التهم الى هذه الجهة أو تلك. وزير الداخلية قام بواجباته وبما يمليه عليه القانون، لكن لم تتوافر كل الموجبات الموضوعية المطلوبة لتنفيذ مهمته”.

وأوضح أن “من الطبيعي أن يدعو الرئيس بري، هيئة مكتب مجلس النواب الى الاجتماع، للتداول في هذا الموضوع واتخاذ القرارات المناسبة، ومن الضروري أن يكون هذا الاجتماع تهيئة لجلسة عامة تعقد لاحقاً لأنه لا يجوز ترك البلديات والمخاتير خارج اطار الخدمة، ولا يمكن للمحافظين والقائمقامين، استلام بلديات كل لبنان كما أن المواطنين في حاجة الى افادات من المخاتير لكثير من المعاملات. وبالتالي، لا يجوز التمديد للمجالس البلدية من دون قانون”، مشيراً الى أن “المسؤولية تقع على عاتق النواب في تأمين نصاب الجلسة التي ستقر التمديد، ونحن مع اجراء الانتخابات في موعدها، وقاتلنا في هذا الاتجاه، لكن لا يجوز ترك الفراغ في القرى والمدن على مستوى المجالس البلدية والاختيارية. سنصوّت مع التمديد لهذه المجالس، لأن ليس هناك من خيار آخر”.

وأكد أن “البلديات في غالبية القرى انمائية، ولا تتخذ الطابع السياسي، وفي ظل غياب الدولة وتحلل المؤسسات، فإن البلديات تقوم بمهام كبيرة، وليس صحيحاً أن لدى القوى السياسية مصلحة في تطيير الانتخابات البلدية”.

شارك المقال