13 نيسان 1975… هل انتهت الحرب فعلاً؟ 

آية المصري
آية المصري

13 نيسان 1975 تاريخ لا يمكن محوه من ذاكرة اللبنانيين نظراً الى ما عاشوه من أوضاع نفسية واجتماعية ومعيشية كان من الصعب تخطيها. فالحروب بأنواعها كافة مرفوضة جملةً وتفصيلاً نتيجة آثارها وانعكاساتها السلبية على الأمم جمعاء، فما بالك بحرب أهلية بين شعب واحد مسلم ومسيحي استمرت 15 سنة وتضاعف حجم خسائرها الى حد الوصول للقتل على الهوية؟

حرب يلعن ذكراها كل لبناني عاشها وذاق الأمرين نتيجتها، اذ استمرت بين أبناء المنطقة الواحدة والحيّ الواحد وقسمت بيروت الى شرقية وغربية ودمرت كل مفاهيم العيش الواحد والمشترك. حربٌ جرى التحضير لها من أطراف عدّة كانت حاقدة على لبنان وتريد تدميره، أبطالها معروفون لا بل موجودون حتى هذه اللحظة في صنع القرار.

بعد مرور 48 عاماً على إندلاعها، نرى اليوم اعادة احياء لشرارة الطائفية المتمثلة بالخطابات العنصرية والهجومية والمذهبية التي يستخدمها البعض من أجل شدّ عصب بيئته على حساب مصلحة البلد ومشاعر الفئة الأخرى، فهل سنستعيد هذه الحرب المؤلمة للجميع في ظل إستمرار موجة هذه الخطابات؟

المرعبي: تنذكر وما تنعاد

وصف النائب السابق طلال المرعبي في حديث لموقع “لبنان الكبير” هذه الذكرى بـ “الأليمة وتنذكر وما تنعاد، خصوصاً وأنها كانت محضرّة سابقاً من مختلف النواحي وأبرزها من ناحية التسلح”. وقال: “يومها كانت هناك تحذيرات كبيرة وفرق عديدة تتسلح بحيث كان هناك الفلسطيني العاقل والمخرّب، اما الظروف اليوم فاختلفت عن الماضي تماماً مع العلم أن هناك شحناً طائفياً ومذهبياً لكنه ليس شبيهاً بأيام الحرب الماضية والوضع لا يحتمل أي تقارب بين الفترتين”.

وأوضح أن “هناك خلافات سياسية وفئة تحاول أن تحقن طائفياً وترمي الفتن بحيث بات الخطاب السياسي طائفياً بإمتياز، والأمور اليوم مختلفة وليست هناك ظواهر تبني فتنة داخلية من الخارج، فهناك من سار على الريموت كونترول، ولا أرى اليوم أي ريموت كونترول شغال”، معرباً عن أسفه لوجود “أفراد عندما تضيق بهم الأحوال يعودون الى الطائفية ويستغلون الوضع الطائفي والمذهبي كي يتسلقوا على ظهور الشعب، ومشكلة هذا الشعب أنه يتجه وينجرف نحو تلك الشعارات، فالأيام لم تعلمه عدم الانجراف نحوها وهذه لا تساهم في إيصال البلد الا الى الخراب، ونحن أصبحنا نعيش في مرحلة مدمرة ومن يتحدث بهذه اللهجة لن يخلص لبنان بل على العكس”.

وجددد المرعبي التذكير بضرورة تطبيق إتفاق الطائف “فلو طبقناه لما كنا وصلنا الى ما نحن فيه اليوم”، معتبراً أن “الأوان لم يفت بعد، وان شاء الله عندما ينتخب رئيس جديد للجمهورية وتشكل الحكومة ستكون أولى أولوياتها إعادة تطبيق الطائف لأنه يبقى الأهم”.

غانم: 13 نيسان الجديد هم الأهم

وأعرب القيادي الكتائبي رفيق غانم عن حبه للتحدث عن 13 نيسان القادم وليس الماضي، متمنياً “أن نتحدث عن مستقبل البلد وليس ماضيه لأننا بحاجة الى أن نتخطى كل جراح الماضي التي تمس جميع اللبنانيين، وكلنا قمنا بارتكاب أخطاء ماضية ولهذا السبب 13 نيسان الجديد هو الأهم لنبني وطناً جديداً مرتكزاً على مفاهيم أخرى تساهم في تخطينا كل العقد الماضية والظروف الصعبة التي عاشها لبنان وأغرقت المنطقة في الدماء والمآسي”.

وعن خطأ “الكتائب”، قال غانم: “نحن مثلنا مثل غيرنا لا ندّعي أننا فوق الخطأ أو معصومون عنه، ربما أخطأنا ولكن يومها كنا ندافع عن وجودنا وكرامتنا ووطننا، ودفعنا ثمن ذلك بشهدائنا، وكل من يدخل في أحداث وحروب يخطئ ومن يقول عكس ذلك لا يكون منطقياً وموضوعياً”.

وشدد على أن “الكتائب ترفض بصورة قاطعة البحث أو التكلم أو التلفظ بكلمة حرب أهلية، فنحن ننظر الى المستقبل لكل الوطن، والحرب الأهلية من سيقاتل من؟ جميعنا نريد وطناً واحداً نعمل لمصلحته والبحث في الطائفية أمرٌ مرفوض، ونحن في الحاضر الذي نعيشه نسعى الى وطن لا الى أحداث يمكن أن تعكرّ البحث عن مستقبل الوطن، كما أننا مؤمنون بالوطن الذي يعيش فيه كل اللبنانيين بالتساوي والنظام. اما تعديل الأنظمة فهي أمور تسعى اليها كل مجموعة تعيش في وطن معيّن وصولاً الى النظام الأفضل بصورة مستمرة”.

الفرزلي: إعادة تكوين الدولة والسلطة

وأكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أن “الوسيلة الوحيدة لتخطي الحرب الأهلية هي من خلال اعادة تكوين الدولة والسلطة اللبنانية، فالتناقضات ستبقى تناقضات وكل المجتمعات حافلة بالتناقضات والصراعات بين أبنائها، والنقطة الوحيدة التي تؤمن امكان الخلاص للبلد هي اعادة تكوين الدولة وتحت هذا السقف أن يكون الدستور هو الفيصل لكل الصراعات بين الفئات كافة، والرأي العام يحاسب المسؤول على مدى التزامه بالدستور وأخلاقياته الدستورية”. 

ورأى الفرزلي أن “هذه هي المعادلة البسيطة والصعبة، بسيطة لأنها واضحة بترجمتها، وصعبة لأنه لسوء الحظ منذ أيام الفينيقيين حتى اليوم اعتاد اللبنانيون أن يكونوا جماعات متفرقة، متناقضة ومتصارعة تستعين بالخارج لكي تستقوي على بعضها البعض، وهذا الخارج لا رحمة له على البلد ويستعمل الساحة اللبنانية في أحداث شبيهة بأحداث 13 نيسان التي فجرت المشكلة في لبنان وسبقها أيضاً اغتيال الأستاذ معروف سعد في صيدا”. 

نستنتج من كل هذا أن غالبية الأطراف لا تريد إعادة لبنان الى سيناريو العام 1975 نتيجة الصعوبات والمآسي التي عاشها وشعبه، على الرغم من التخوف من نفوس محقونة وخطابات تثير المزيد من النعرات الطائفية وتعيد التوترات والتشنجات وأخطاء الماضي، والجميع بغنى عنها، ويبقى تطبيق الدستور واتفاق الطائف هما من يحميا البلد.

شارك المقال