هل الصين مستعدة حقاً لغزو تايوان؟

حسناء بو حرفوش

أعلنت الصين استعدادها للقتال من أجل مستقبل تايوان، في خطاب صاخب يعكس، مع تكرار المطالبات التاريخية أو القانونية، خطاب روسيا قبل غزوها لأوكرانيا من نواحٍ عديدة. وبالعودة إلى بدايات الغزو الروسي، أخذ العديد من المحللين الأميركيين تقويم روسيا لقواتها العسكرية بصورة ظاهرية. حتى أن البيت الأبيض نصح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالفرار من بلاده بدلاً من مواجهة ما اعتقدوا أنه غزو روسي ناجح وموت محتوم للرئيس.

ولكن بالتزامن مع خطاب بكين العدائي، هل الصين مستعدة حقاً للقتال، أم أنها مجرد نمر من ورق؟ وهل عدوانية الرئيس الصيني شي جين بينغ مجرد غطاء للمشكلات المتزايدة داخل جيشه ومجتمعه؟

حسب قراءة للمحلل مايكل روبن في موقع “واشنطن إكزامينر” (Washington Examiner) الالكتروني: “من المؤكد أن الصين تمتلك تكنولوجيا هائلة، وهي في طليعة القوى التي تملك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والليزر والمسيّرات والذكاء الاصطناعي. كما أنها قادرة على إحداث دمار شامل في تايوان بمجرد إطلاق الصواريخ على تايبيه أو كاوشيونغ المكتظة بالسكان، ولكن احتلال البلاد شيء آخر.

وفي هذا السياق، يشير الباحث الديموغرافي نيكولاس إبرشتات، إلى أن الصين تدفع اليوم ثمن عقود من “تنظيم الأسرة في جمهورية الصين الشعبية” أو “سياسة الطفل الواحد”، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعسكري. وتعدّ تايوان من الناحية الطوبوغرافية من بين أكثر الجزر تحدياً على وجه الأرض. وإذا سعى جيش التحرير الشعبي الى احتلال الجزيرة، فلن يخسر عشرات الآلاف من الجنود في حملة حرب العصابات الحتمية التي ستتبعها وحسب، بل سيخسر أيضاً عشرات الآلاف من الأبناء الوحيدين لأهاليهم. ويعتمد المسنون، وعددهم في تزايد في الصين، بصورة شبه حصرية على أبنائهم، ويعني ذلك أن الخسائر التي ستواجهها الصين في تايوان ستؤثر على النخب في بكين وشنغهاي.

كما أن نمو الصين وثراءها سيزيدان من المخاطر على الجبهة الداخلية. ربما كان الخطأ الأكبر في نهج إدارة جو بايدن تجاه أوكرانيا هو مطلبها بأن يحصر الأوكرانيون القتال داخل حدودهم، وهذا بدوره قلل من تكلفة عدوانها على روسيا. إذا لم تجبر إدارة بايدن تايوان على حصر دفاعها بالجزيرة نفسها، فقد تكون التكلفة أعلى بالنسبة الى الصين. وتدرك بكين على سبيل المثال أن أزمة مضيق تايوان يمكن لعبها بالاتجاه المعاكس. فهل سترغب مئات الآلاف من العائلات في مدينة شيامن حقاً في المخاطرة بأبنائها الوحيدين؟

الحقيقة ببساطة هي أن الصين لم تخض حرباً كبرى منذ العام 1979، عندما غزت فيتنام. وفي أحسن الأحوال، ترجمت النتيجة بتكاليف باهظة، حتى أن فيتنام هزمت في الواقع، جيش التحرير الشعبي للصين. لذلك، لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتسرع في قرار الحرب، كما لا ينبغي لها أن تسمح لخطابات الصين الصاخبة بإلهائها عن الواقع: يمكن للصين أن تلحق أضراراً كبيرة، لكنها قوة عسكرية متراجعة ومتحكمة. ومن المرجح أن يترافق غزو تايوان مع انتصار باهظ الثمن… انتصار سيكلف الحزب الشيوعي الصيني ما يقرب من 75 عاماً من احتكاره السلطة في الصين القارية”.

شارك المقال