“لبنان الكبير”… بين تهاوي الدولة وانطلاق الموقع

زياد سامي عيتاني

أهي الصدفة أم أنه موعد معقود مع الزمن، أن تتصادف الذكرى والذاكرة السوداء للحرب اللبنانية العبثية والمدمّرة، التي أزالت مداميك دولة لبنان الكبير، مع الذكرى الثانية لانطلاقة “لبنان الكبير” الموقع الاعلامي؟

في زمن المطالبة بـ”الفدرلة”، وإستحضار نظام “القائمقاميّتين”، والعودة إلى التقوقع و”الانعزال” في (غيتو) “لبنان الصغير”، عبر الإيحاء باستحالة التعايش التعدّدي الحضاري التنوّعي بين اللبنانيين (!) من خلال تأجيج الصراع الطائفي، وتعميم ثقافة الأحقاد البغيضة، وبخ سموم الكراهية المقيتة، ونكء جراح الماضي…

في هذا الزمن، الذي باتت فيه دولة لبنان الكبير، مهدّدة وجودياً، وسط هذا الانهيار الجارف لكلّ مفاهيم الدولة ومداميك ومؤسساتها ومرافقها؛ كانت إنطلاقة “لبنان الكبير” الموقع الاعلامي الالكتروني، وكأنّه نذر نفسه ليكون مدافعاً وحامياً وحارساً، بالكلمة وقول الحق عن “لبنان الكبير” الدولة والكيان والنموذج الفريد، ولو وحيداً، وسط هذا الجنون السياسي والإفلاس الأخلاقي والسقوط الوطني المريع.

كذلك، تزامنت إنطلاقة موقع “لبنان الكبير” في وقت يتراجع الاعلام اللبناني (!) إما إقفالاً، أو تقلصاً، جراء تداعيات الأزمة الإقتصادية، وانعدام سوق الاعلانات، (أوكسجين الاعلام غير المأجور)، فضلاً عن تراجع القرّاء، وغياب الاهتمام والمتابعة بالأوضاع اللبنانية، بعدما تسلّل اليأس والخيبة إلى نفوسهم، وجعلهم فاقدي الأمل بمستقبل دولة لبنان الكبير، خصوصاً وأنه بات لكلّ طائفة دولتها، التي هي أشبه بالشرنقة.

وسط هذا الواقع اللبناني المأساوي، كانت مغامرة إطلاق موقع “لبنان الكبير”، عسى أن يتمكن من ملء ولو جزئياً، وبالامكانات المتاحة، هذا الفضاء الاعلامي “شبه الفارغ” بمادة إعلامية موضوعية ومسؤولة، تزوّد النّاس بأكبر قدر من الحقائق الواضحة والصريحة، تكتب بأحرف من القيم المهنية الصادقة، لصياغة خطاب متجدّد ومتنوّر، يحاكي لبنان الكبير، ويخاطب المتمسكين به وطناً نهائيّاً لكلّ اللبنانيين، قائماً على التنوّع والتعدّدية والتلاقي والتعايش والانفتاح، آخذاً على عاتقه أن يبقى مدافعاً عنه، عن قناعة وفعل إيمان، بأنّه في نهاية المطاف، وعندما تهدأ النفوس، وتسود لغة العقل، ويعود الجميع إلى رشدهم، فإنّ جميع اللبنانيين سيدركون، أن لا سبيل أمامهم، إلّا أن يعيشوا سويّاً متحدين متوحّدين، تحت سقف “لبنانهم الكبير”، الذي يتسع لهم جميعاً.

في إحتفالية الذكرى الثانية لانطلاقة موقع “لبنان الكبير”، الرهان أن يبقى لبنان كبيراً في أعين اللبنانيين وأفئدتهم، حتى يكون كبيراً في نظر العالم، الذي ما عرفه إلا كبيراً، على الرغم من صغر مساحته.

شارك المقال