الحوثيون والحكومة اليمنية يطلقون سراح مئات الأسرى

لبنان الكبير
الاسرى اليمنيون

انطلقت في اليمن الجمعة عملية تبادل مئات السجناء بين طرفَي النزاع تشمل أسرى سعوديين، في بارقة أمل تعطي دفعا للجهود الدبلوماسية الهادفة لوضع النزاع الدامي على سكة الحل.

يأتي ذلك غداة مغادرة وفد سعودي صنعاء في ختام محادثات مع المتمردين الحوثيين بعد التوصل إلى تفاهم “مبدئي” حول العمل على إرساء هدنة في البلاد التي تمزقها الحرب منذ 2014 وتعاني من أزمة إنسانية كبرى، وعقد جولة أخرى من المحادثات.

أفادت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان وكالة فرانس برس صباحا بوصول أول طائرة إلى صنعاء قادمة من عدن، مقر الحكومة المؤقت، وعلى متنها 125 سجينا، وبوصول طائرة أخرى إلى عدن آتية من صنعاء وعلى متنها 35 سجينا من بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء الركن محمود الصبيحي واللواء الركن ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.

وفي وقت لاحق، حطت طائرة أخرى في صنعاء تحمل على متنها 124 سجينا، وطائرة رابعة في عدن وعلى متنها 34 سجينا، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تشرف على عملية التبادل.

عند مدخل مطار صنعاء، انتظر مئات من أقرباء الأسرى وصول أفراد عائلاتهم، وقد جلس معظمهم على الأرصفة وفي ظل الأشجار.
وقال محمد الحجوري لوكالة فرانس برس “نحن هنا لنستقبل أسرانا اليوم. ابني أسير منذ 2018. منذ خمس سنوات وأنا مشتاق له، وقلبي متعطش لرؤيته”.

وكان الحوثيون والحكومة توصلوا خلال مفاوضات عقدت في برن الشهر الماضي إلى اتّفاق على تبادل أكثر من 880 أسيراً. وبموجب الاتفاق، يُفرج الحوثيون عن 181 أسيرًا، بينهم سعوديون وسودانيون، مقابل 706 معتقلين لدى القوات الحكومية.

ستجري عملية التبادل على مدار ثلاثة أيام، وتشمل صنعاء والمخا (غرب) ومأرب (وسط شمال) وعدن، وكذلك الرياض وأبها (جنوب) في السعودية التي تدعم الحكومة ضد المتمردين عسكريا منذ 2015. وسيجري الافراج عن الاسرى السعوديين الذين لم يعرف عددهم السبت.

وفي آخر عملية تبادل كبرى جرت في تشرين الأول/أكتوبر 2020، تمّ “إطلاق سراح أكثر من 1050 أسيرا وإعادتهم إلى مناطقهم أو بلدانهم”، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتمّ التوصل الى اتفاق التبادل بعد أيام على إعلان السعودية وإيران توصلهما الشهر الماضي الى اتفاق على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد سبع سنوات من القطيعة.

ورأى المحلّل السياسي اليمني هشام العميسي أن عملية التبادل “خطوة مهمة لبناء الثقة … الأمر الذي قد يعزّز عملية السلام ويمهّد الطريق نحو المصالحة”، مضيفًا “لكننا بحاجة إلى مواصلة هذه التبادلات … والأهم من ذلك، نحن بحاجة إلى مواصلة جهود خفض التصعيد”.

من جهتها، اعتبرت الباحثة في معهد الشرق الاوسط ندوى الدّوسري ان “تبادل الأسرى في حد ذاته هو خطوة مرحب بها. ومع ذلك، دعونا لا نخلط بين ذلك وبين السلام”.

وتابعت ان “الإفراج عن جميع السجناء المدنيين وغير المدنيين دون قيد أو شرط من قبل أطراف النزاع سيشير فقط إلى الالتزام الجاد بالسلام”.

أما مدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط، فابريزيو كاربوني، فقال في مؤتمر صحافي إنّ عملية الافراج عن السجناء “خطوة لبناء الثقة … في إطار مبادرة أوسع”، معتبرا انها تعطي “زخما” لجهود إنهاء الحرب.

أجرى وفد سعودي برئاسة السفير محمد آل جابر محادثات مع الحوثيين في صنعاء هذا الأسبوع.

وبحسب مصادر حكومية يمنية، وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حلّ النزاع يقوم على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمرّ سنتين يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كلّ الأطراف.

وكان طرفا النزاع قد توصّلا العام الماضي إلى هدنة في 2 نيسان/أبريل بوساطة من الأمم المتحدة انتهت مفاعيلها في تشرين الأول/أكتوبر.

ووفقا لمسؤول حوثي، غادر الوفد السعودي صنعاء ليل الخميس، بعد أن تمّ التوصل الى اتفاق مبدئي “على هدنة قد يتمّ الإعلان عنها لاحقا اذا تم التوافق حولها بشكل نهائي”.

وأضاف أن “هناك اتفاقا على عقد جولة أخرى من المحادثات لبحث نقاط الاختلاف”.

من جهته، أكّد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في تغريدة أن “الوفود أنهت أعمال التفاوض في العاصمة صنعاء بعد نقاشات اتسمت بالجدية والإيجابية، وبتقدّم في بعض القضايا على أمل استكمال البحث في القضايا العالقة في وقت لاحق”.

وقُتل في النزاع مئات الآلاف من الأشخاص لأسباب مباشرة وغير مباشرة، فيما نزح 4,5 ملايين شخص داخليًا، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

وتظهر انعكاسات التقارب السعودي الإيراني في ملفات إقليمية أخرى، بينها الملف السوري الذي تدعم فيه طهران الحكومة السورية، بينما دعمت السعودية خلال سنوات النزاع المتواصل منذ 2011 المعارضة السورية.

وتستضيف السعودية الجمعة اجتماعًا لتبادل وجهات النظر بشأن عودة دمشق إلى الحاضنة العربية بعد أكثر من عقد على عزلتها إثر اندلاع النزاع فيها، ردا على قمع النظام للمحتجين ضده في بداية النزاع.

شارك المقال