جلستان مهمتان نيابية وحكومية… والتصعيد ثالثهما

هيام طوق
هيام طوق

جلستان مهمتان تنعقدان الثلاثاء المقبل، الأولى نيابية تشريعية، دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس الذي عقد في عين التينة، تحضيراً لجلسة عامة، وجرى النقاش في اقرار قوانين مهمة خصوصاً تلك المتعلقة بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية بعدما بات اجراء الانتخابات في شهر أيار المقبل شبه مستحيل، وبالتالي، لا بد من جلسة لاقرار قانون التمديد لمدة تتراوح بين أربعة أشهر وسنة على أبعد تقدير.

أما الجلسة الثانية، فهي حكومية ودعا اليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في السراي الحكومي، للبحث في مختلف البنود المتعلقة بالمواضيع الضرورية والمستعجلة والطارئة، وأبرزها الأوضاع المالية، وانعكاساتها على القطاعات المختلفة خصوصاً على الرواتب وأجور وتعويضات العاملين والمتقاعدين في القطاع العام، مع العلم أن العديد من المؤسسات العامة لا يزال مقفلاً بسبب اضراب الموظفين الذين يطالبون بتحسين رواتبهم ومخصصاتهم، وسبق أن نفذوا اعتصامات في هذا السياق.

على أي حال، الجلسة النيابية معرضة لتطيير نصاب انعقادها، اذ تشير مواقف الكتل الى اختلاف عميق لناحية تأييد اجراء الانتخابات في موعدها من عدمه بحيث يعتبر البعض أن الوقت أصبح داهماً، وأن هناك صعوبات لوجيستية وادارية، في حين يرى آخرون أنه يمكن اجراء الانتخابات في توقيتها وصرف الأموال من الـ SDR، وتأمين الكادر البشري اللازم اذا كانت هناك إرادة سياسية لاتمامها.

وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسن الدر أن “من الصعب بمكان أن تلجأ كتل نيابية الى تطيير الجلسة النيابية المقبلة لأن الغالبية لديها مصلحة في التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، وعدم اجراء الانتخابات. وعلى الرغم من التصريحات والمواقف الشعبوية لبعض الكتل النيابية، فالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية حاصل لأسباب سياسية وتقنية”.

ورأى أن “الجو السياسي العام في البلد، لا يسمح باجراء الانتخابات، لذلك نحن ذاهبون نحو التمديد بين 6 أشهر وسنة، والأرجح سنة كاملة”، مشيراً الى أن “الانتخابات البلدية والاختيارية تسبب المشكلات داخل الحزب الواحد كما أنه في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة على الناس، هل من مصلحة الأحزاب والتيارات والقوى السياسية أن تأتي نسبة المشاركة متدنية أو التأييد لها هزيلاً؟ الكل يرى أننا ذاهبون الى تسوية في البلد الذي سيشهد انماء من جديد ثم تتم الانتخابات بحيث تكون النفوس قد هدأت، والوضع في البلد تحسن، وتكون الظروف مؤاتية لتنظيم انتخابات بلدية واختيارية” .

ولناحية الجلسة الحكومية، فإن أي قرار سيتخذ في شأن الرواتب والأجور، ولن يأتي على قدر تطلعات الموظفين والمتقاعدين، فسيتسبب بموجات غضب بحسب العميد المتقاعد جورج نادر، الذي لفت في تصريح لموقع “لبنان الكبير” الى أن “بنود الجلسة ليست واضحة كما أن توقيت انعقادها بعد الظهر ربما لعرقلة الاعتصام في حال تم التوافق عليه بالتزامن مع الجلسة خصوصاً أن الغالبية من الصائمين. يجب أن نتواجد على مداخل السراي الحكومي للضغط نحو اقرار المطالب، ومنها الطبابة والضمان الاجتماعي وتصحيح الأجور بصورة تتلاءم مع غلاء المعيشة، اذ أن زيادة الراتب مرتين مجحفة جداً في حين زادت السلع بأقل تقدير 30 مرة. فكيف يمكن الاستمرار في هذه الرواتب؟ لا يمكن تحصيل الحقوق الا بالضغط، وهذا ما يؤكده تاريخ البلد”. وأوضح “أننا تفاوضنا مع المعنيين، والوعود كانت كثيرة وجيدة، لكن لا شيء على أرض الواقع. الحل الدائم الذي نريده لا يمكن تحقيقه حالياً في ظل حكومة تصريف الأعمال ومجلس نيابي لا يشرّع، لذلك نحن نفتش عن حلول مؤقتة ترقيعية كل شهر بشهره. وهذا لا يجوز”، مؤكداً أنه “اذا أتت جلسة مجلس الوزراء مخيبة للآمال، فسنصعّد في الشارع، والتصعيد لن يكون مضبوطاً لأنه بات من الصعب ضبط تصرفات الناس الجائعة التي ليس لديها ما تخسره”.

في السياق، كشف مصدر مقرب من السراي الحكومي أنه “جرى خلال الاسبوعين المنصرمين، نقاش عميق بين الوزراء المعنيين حول كيفية زيادة الرواتب التي يمكن أن تكفي الموظف ولو بالحد الأدنى في هذه المرحلة لأنه لا يمكن تقديم أفضل من ذلك في ظل قدرة الدولة المالية المتدنية، وفي ظل منصة صيرفة اذ لا نعرف حجم امكانات مصرف لبنان في هذا الاطار”، مشدداً على أن “الدراسات والنقاشات حول الحد الأدنى المطلوب للابقاء على القطاع العام، وتسيير شؤون المواطنين، قائمة على قدم وساق، الى حين الوصول الى مرحلة يمكن خلالها تأمين الحلول المستدامة، وذلك بعد استقرار الوضع الذي لم يحصل حتى اللحظة. هناك جهد مبذول، والحكومة ستقدم الحد الأقصى من امكاناتها للقطاع العام، لكن ربما هذه التقديمات في ظل الغلاء، لن تكون كافية انما مع الظرف الصعب، فإن فن المستطاع وفن الممكن يفرضان القرارات”.

وأكد أن “رئيس الحكومة أعطى هذا الموضوع الأهمية القصوى وصولاً الى صيغة مقبولة لموظفي القطاع العام، في ظل موارد الدولة الضئيلة اذ أن المداخيل شبه متوقفة، وما تبقى من مصادر وايردات للدولة، المرفأ والمطار كما مصرف لبنان شبه استُهلك. هذه العوامل تشير الى أن قدرة الدولة المالية وصلت الى مكان لا يمكنها تلبية كل المطالب والتي هي محقة” .

وتحدث عن البنود التي ستطرح في الجلسة الحكومية المقبلة، ومنها زيادة الرواتب، وموضوع منصة “صيرفة”، وكيفية احتسابها بالنسبة الى المعاشات، “كما يمكن أن يطرح موضوع التحفيزات لمن يداوم في عمله لناحية زيادة بدل النقل أو تحفيزات على الانتاجية. هناك عدة طروح يتم العمل عليها في ما خص الرواتب”، معتبراً أن “الموظفين في القطاع العام، اذ أرادوا التصعيد في الشارع، في ظل عجز الدولة، فمن يكون المتضرر بصورة مباشرة؟ المواطن. الرئيس ميقاتي لن يدّخر جهداً لاعطاء ما أمكن من الحقوق، لكن في ظل العجز، من أين يمكن تأمين الأموال في وقت مداخيل الدولة شبه متوقفة؟”.

شارك المقال