الحكومة تزيد الرواتب… والموظفون يتوعدون بالتصعيد

هيام طوق
هيام طوق

قرر مجلس الوزراء في جلسته أول من أمس، زيادة رواتب موظفي القطاع العام 4 أضعاف، بعد زيادة سابقة بمعدل راتبين، وتعديل بدل النقل إلى 450 ألف ليرة لبنانية، على ألا يتعدى الحضور 18 يوماً شهرياً. وتزامنت الجلسة التي كانت تبحث في بند أساس يتعلق بتصحيح رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين، مع تحركات في محيط السرايا الحكومية، للضغط على الوزراء، لتحقيق المطالب التي باتت معروفة، كي يعيش الموظف حياة كريمة.

هذه الزيادة، لم ترضِ الموظفين في القطاع العام، ولا المتقاعدين، ورفضوا الاجراءات المتخذة على اعتبار أنها لا تواكب مطالبهم لناحية صرف الرواتب على سعر صيرفة 15 ألفاً، وصرف نصف الرواتب بالدولار النقدي، لاسترجاع قيمة الرواتب التي كانت قبل الأزمة خصوصاً أن الدولار الجمركي رفع بحجة تأمين رواتب الموظفين إلا أن ذلك لم ينعكس الا على أسعار السلع التي ارتفعت بصورة كبيرة ما يعني أن الزيادات التي أقرت، قد تآكلت.

وانطلاقاً من هذا الواقع، يعتبر الموظفون أن المسؤولين يتذاكون عليهم كما على الشعب اللبناني بأكمله، وما جرى يدل على استمرار سياسة الترقيع لتسيير المرافق العامة والوزارات والمدارس، ولكن فعلياً ليست هناك من حلول مستدامة مع العلم أن مصادر وزارية أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “الموظفين على حق في مطالبهم، والمعاشات لا تؤمن لهم حياة كريمة، لكن الحكومة تقوم بما أمكن لأن هناك حقيقة لا يمكن التهرب منها، وهي أن الدولة شبه مفلسة، وليس هناك من موارد لتغطية النفقات. وبالتالي، نحن أمام معادلة صعبة: المطالب محقة، وتحقيقها شبه مستحيل في ظل الضائقة الاقتصادية القاسية. لكن لا بد من أنه عند انتخاب رئيس للجمهورية، ستوضع الحلول الطويلة الأمد على السكة الصحيحة، وليس في اليد حيلة اليوم سوى الحلول الترقيعية لاستمرار عمل المرافق العامة في حدها الأدنى”.

لذلك، يتحدث الموظفون والمتقاعدون عن خطوات تصعيدية مقبلة، ستتوسّع أكثر وأكثر، بالتنسيق مع الفئات المتضررة كافة، ولا أحد يمكن “توقع طبيعة هذه التحركات حتى أنه ليس مستبعداً أن ندق أبوابهم، ونلاحقهم في أماكن تواجدهم لأن أولادنا جاعوا، وليسوا معتادين على هذه البهدلة” بحسب ما قال أحد المتقاعدين العسكريين.

في هذا السياق، أوضح مصدر مقرب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “الاجراءات التي اتخذتها الحكومة، تسمح بأن يعيش الموظف في الحد الأدنى لتمرير المرحلة، مع التأكيد أنها ليست حلولاً مستدامة، لكن هذا هو المتوافر حالياً”، متمنياً “أن نتعاون مع بعضنا البعض في هذه المرحلة خصوصاً أن المواطن هو الموجود بين المطرقة والسندان، ولا يحصل على خدمات على مستوى القطاع العام. اليوم، نحن في وضع يسمى تقطيع المراحل، بأقل أضرار ممكنة، الى حين الحلول المستدامة التي تنطلق بانتخاب رئيس للجمهورية، ثم تنتظم المؤسسات. واذا استمر الوضع على ما هو عليه، فستستمر الأمور في التعقيد”.

وأشار الى أن “الحكومة لا يمكنها أن تتخذ قراراً في تحديد سعر صيرفة بالنسبة الى الموظفين، لأنه منوط بقدرة مصرف لبنان على التلبية والتغطية، ولا يمكن حسم التسعير على المنصة أو ضمان ثباتها، مع العلم أن المصرف المركزي يحدد السعر عند اقتراب موعد قبض الرواتب”.

أما بالنسبة الى المتقاعدين الذين لم يحصلوا على زيادة 4 أضعاف على رواتبهم انما 3 أضعاف، فلفت المصدر الى أن “المتقاعدين ليست لديهم مصاريف بدل نقل كالموظفين الذين يداومون في مؤسساتهم كما لا يحصلون على بدل انتاجية”، مشدداً على “أننا نشعر بألم كل المواطنين وليس الموظفين في القطاع العام المنقسم بين الموظفين المدنيين والعسكر الذي يعاني كثيراً خصوصاً أنه ملتزم بالدوام. على الرغم من الألم، علينا أن نتساعد لتمرير المرحلة، والحكومة ليست لديها حلول سحرية، وما أقرّ، أقصى المستطاع. نتمنى من الموظفين أن يسيّروا شؤون المواطنين، ولو بالحد الأدنى الى حين الوصول الى حلول مستدامة بعد عبور الجلجلة”.

وتحدث النائب السابق شامل روكز عن “الدولار الجمركي المعتمد اليوم على سعر 60 ألفاً، وسيصل الى 87 ألفاً في المرحلة المقبلة، وكل السلع في السوبرماركت مسعرة بالدولار، وكل الخدمات مسعرة أيضاً بالدولار الا الرواتب تدفع بالليرة”، متسائلاً: “كيف للعميد في الجيش أن يكون معاشه 400 دولار كحد أقصى في حين أن العمال الاجانب إن كان في المنازل أو المؤسسات، يتقاضون أكثر من هذا المبلغ؟ نحن نتحدث عن أعلى الرتب، فكيف اذا كانوا من الجنود؟ الطبابة صفر، ولا مساعدة في المدارس كما أن المتقاعدين أصبحوا في أعمار يحتاجون فيها الى الأدوية التي تكلفهم باهظاً. هل يجوز لأولئك العسكر الذين خدموا وطنهم، وضحوا بشبابهم في سبيله أن يمضوا آخر سنوات عمرهم بهذا الاذلال؟ يطبق عليهم المثل القائل: أكلوهم لحمة ورموهم عظمة. هل يعقل أن نصل الى مرحلة يموت فيها العسكر والمواطنون من قلة الطبابة أو العلاج أو نقص الأدوية؟”.

واعتبر أن “ليست مسؤولية الناس والموظفين أن يفتشوا عن مصادر الدخل لتأمين رواتب لائقة، تؤمن لهؤلاء حياة كريمة. هناك الكثير من مزاريب الهدر والصفقات في مرافق كبرى في الدولة. هل يريدون اليوم تعويض السرقات من جيوب الناس وكراماتهم؟ هل يعقل رمي العسكر بقنابل دخاية؟”.

ورأى أن “الحل الحقيقي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، تضع خطة تعافي وطنية، وتتواصل مع المؤسسات الدولية والدول المانحة خصوصاً العربية والخليجية منها”، مؤكداً أن “كل ما نطلبه اليوم أن تستمر الناس على قيد الحياة الى حين موعد انتخاب رئيس الجمهورية. المجلس النيابي المنتخب من الشعب غير معني بحقوق الناس، ويختلف النواب على كل شيء، واذا اتفقوا، فيتفقون على الصفقات كصفقة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية. هم يتلكأون عن القيام بواجباتهم، ولا ينتخبون رئيساً للجمهورية، وينتظرون الوحي من الخارج لملء الشغور”.

ولفت الى أن “هناك اجتماعات تقويمية لما حصل، ولما اتخذته الحكومة من اجراءات، لنبني على الشيء مقتضاه، لكن لن نسمح لهم في اظهار القضية، وكأن هناك مواجهة بين العسكر المتقاعد والعسكر الموجود في الخدمة خصوصاً أنهم جميعاً في الخندق عينه. كلنا حريصون على عمل المؤسسات، ولن نسمح لهم بجعل العسكر يتواجه. هناك العديد من السبل لتحصيل الحقوق، والمهم ثبات سعر صرف الدولار”.

شارك المقال