زيارة عبد اللهيان ديبلوماسية ما بعد التقارب “نص بنص”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

من جديد زار وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان بيروت للمرة الثالثة هذا العام، مستعرضاً حضور بلاده في لبنان منذ أن وطأت قدماه أرض مطار رفيق الحريري الدولي حيث أعلن وقوفه الى جانب “الجيش والشعب والمقاومة”، وتفقد الحديقة الايرانية على الحدود مع اسرائيل، وغادر بموقف من انتخابات رئاسة الجمهورية، معتبراً أنها “شأن لبناني وعلى القوى الداخلية التفاهم في ما بينها على رئيس، وستكون طهران في موقع الداعم لهذا الاتفاق”. وطبعاً هناك خفايا في توصيات وجهها في اجتماعاته لا سيما مع الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله والنواب الذين استدعاهم الى السفارة الايرانية لتأكيد الوصاية الايرانية على لبنان، وتوجيه رسالة ضمنية الى المملكة العربية السعودية بأن نفوذنا في الساحة اللبنانية قائم وتأثيرنا مستمر ونحن على موقفنا الداعم لسلاح الحزب، وبالتالي لا يمكن أن يكون من تبعات الاتفاق السعودي – الايراني التفاوض على مصيره لأن أمره بيدنا، وبالطبع كان كلامه عن دعم اقتصاد لبنان وتزويده بالطاقة شبيه بدعم المحروقات، أي كلام بكلام لا سيما وأن إيران تعيش أزمة داخلية وليس بإمكانها توفير الخدمات لشعبها المنتفض منذ شهور على سياسات أفقرته.

إذاً، لم يتورط عبد اللهيان في اعلان موقف نافر من الملف الرئاسي اللبناني بدعم مرشح “حزب الله” سليمان فرنجية، بل بدا ديبلوماسياً بالقول انه مع ما يتفق عليه اللبنانيون، لكن هذا الوجه الذي ظهر فيه لا يخفي الحقيقة بأن طهران لم تغيّر مواقفها، بل على العكس لا تزال تعتبر لبنان ساحة لها، وزيارته تعبير عن أن نفوذها قائم فيه، ولن تتخلى عن استخدامه كساحة لها في اطار إنجاح مشروعها التوسعي في المنطقة وهي لا تزال راعية وداعمة لميليشيات “حزب الله” وممانعيه.

لا شك في أن آثار “التوصيات الأخوية” ستظهر في سلوكيات الحزب لاحقاً من الاستحقاق الرئاسي وما اذا كان هناك تشبث بالمرشح فرنجية أو الاقتراب من الموافقة على شخصية أخرى مستقلة، علماً أن مواقف مسؤولي الحزب تتركز على حشر المعارضة في تسمية هذا المرشح المنشود طبعاً بعد التخلي عن المرشح المعلن ميشال معوض، والبعض ينتظر الخارج لطبخ الرئيس ومن بينهم المعارضون على تنوعهم على الرغم من أن هناك أسماء جديدة بدا التداول فيها من دون حسم.

وقد تحدث مسؤولو “حزب الله” عن مرشح مناسب (نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم) بعد تخيير اللبنانيين بين فرنجية أو الفراغ، وظهرت لهجة معتدلة في موقف أطلقه النائب محمد رعد، الذي رأى أن لا سبيل لانجاز الاستحقاق الرئاسي الا بتفاهم الجميع، لكنه استدرك أن “التفاهم يحتاج الى تنازلات”!

وهنا السؤال من هو المطلوب منه تقديم هذه التنازلات؟ بالطبع على “حزب الله” وفريقه أولاً التخلي عن مرشحهما الذي اعتبر ترشيحاً استفزازياً للساحة المسيحية أولاً ولكثير من اللبنانيين الذين هم على تناقض مع مواقف صديق “المقاومة” أي السلاح والساحة وبشار الأسد، والابتعاد عن الخطابات الفوقية والاستعلائية والاستكبارية على اللبنانيين والكف عن الترغيب والترهيب.

وعملياً، فان هناك من قرأ كلام عبد اللهيان عن الرئاسة أنه عملياً دعم لخيار “حزب الله” ومرشحه وللمبادرة الفرنسية لا أكثر ولا أقل.

وعلى الرغم من ان اللقاء الذي جمعه مع النواب من خارج الثنائي اراد من خلاله القول ان منفتح فرقاء لبنانيين آخرين، الا ان هذا اللقاء بدا وكانه تم بمذكرات جلب على طريقة ما كان يتم التعاطي فيه ابان مرحلة الوصاية السورية من قبل مسؤولي الاستخبارات.

صحيح ان اللهيان لم يتجاهل الحديث عن الاتفاق السعودي – الايراني، ليؤكد التزامه به، الا ان ذلك كان متناقضا مع اصراره مع تكرار المواقف الداعمة لما يسمى المقاومة وعدم التخلي عن سلاح الحزب وكذلك جعل الجنوب ساحة للاستعراض لجهة ما ورد فيه لجهة احترام سيادة الدول وليس خرقها بالوصايا.

شارك المقال