هل تؤثر انتخابات تركيا على علاقتها مع روسيا؟

حسناء بو حرفوش

أثارت الانتخابات الرئاسية في تركيا الأحد، تساؤلات حول مستقبل علاقة هذا البلد مع روسيا، خصوصاً وأن فلاديمير بوتين ينظر الى الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يخوض السباق الرئاسي ضد كمال كيليجدار أوغلو، بصفته حليفاً وثيقاً، حسب مقال في موقع “نيوزويك” الالكتروني.

وأكد بوتين على أهمية علاقات بلاده مع تركيا مؤخراً وعلى تمسكها بالاستثمار في الطاقة هناك، مشيراً إلى أن الاقتصاد التركي المتعثر يشهد بالفعل مشروع إنعاش. ومن المفترض أن تشغل محطة أكويو الواقعة في مدينة مرسين أربع وحدات طاقة بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، وفقاً لبيان نقل على موقع الكرملين. ويرتقب توفير حوالي 10% من احتياجات تركيا من الكهرباء من خلال هذا المشروع.

وأظهر استطلاع أجرته شركة “كوندا للأبحاث والاستشارات” في تركيا، أن مرشح المعارضة يتقدم مع نسبة 49.3% من التأييد، بينما حصل أردوغان على 43.7%. وتشير نتائج الاستطلاع، الذي أجري في 6 – 7 أيار، إلى أن أردوغان سيفتقر الى الغالبية اللازمة للفوز بالجولة الأولى، ما يعني أن الرجلين قد يواجهان بعضهما البعض في جولة الاعادة في 28 من الشهر نفسه.

واعتبر بكير أجيردير، المدير العام لشركة “كوندا للأبحاث والاستشارات”، في حديث لموقع “T24” الاخباري أن فرص أوغلو في الفوز بالانتخابات زادت بعد انسحاب مرشح آخر وعضو سابق في الجمعية الوطنية التركية، من السباق الى الرئاسة. وقال: “لن أتفاجأ إذا حصل [كيليجدار أوغلو] على 51%”. كما كشفت استطلاعات الرأي التي استشهدت بها إذاعة “أوروبا الحرة” وراديو “الحرية الحرة” أن أوغلو يتفوق قليلاً على أردوغان. في غضون ذلك، ذكرت صحيفة “غارديان” الخميس أن أوغلو يتقدم على أردوغان بنقطتين.

تغير في السياسات التركية تجاه روسيا وأوكرانيا؟

وركزت روسيا على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع تركيا مع تجاوز التجارة الثنائية بين البلدين 62 مليار دولار اعتباراً من العام 2022 ، وفقًا لشبكة CNN. كما تعمقت العلاقات بين البلدين على المستوى العسكري عندما اشترت تركيا صواريخ إس -400 من روسيا في العام 2019، وكانت أيضاً مركزاً للاستثمارات الروسية الأخرى بما في ذلك العقارات والملاذ الآمن لآلاف الروس الذين فروا من بلادهم بعد غزو بوتين الشامل لأوكرانيا.

ولكن حتى مع فوز أوغلو، من المرجح أن تبقى سياسة تركيا تجاه أوكرانيا وروسيا قائمة، وفقاً لجيمس جيفري، السفير السابق في العراق وتركيا ورئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون. وقال لـ”نيوزويك” إن السياسة التركية – الروسية ستبقى من حيث ضمان “هزيمة التوسع الروسي، مع تجنب استفزاز روسيا بصورة مفرطة أو تقويض العلاقات الاقتصادية القيمة لكل من أنقرة وموسكو”.

وترتبط سياسة تركيا تجاه روسيا جزئياً باعتمادها الكبير على الطاقة والاستثمارات الروسية التي تساهم في اقتصادها المتعثر، وتتلقى نحو 45% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا إلى جانب كميات هائلة من الفحم والنفط.

وسلط تقرير حديث نشره مركز ويلسون، الضوء على أن المرشح الرئاسي الجديد لم يعلن عن موقف واضح تماماً من أوكرانيا. ومع ذلك، قال مستشار السياسة الخارجية لمرشح المعارضة، أونال جيفيكوز، إن كيليجدار أوغلو سيحافظ على دور تركيا كوسيط بين أوكرانيا وروسيا إذا فاز في الانتخابات.

ولعبت تركيا منذ فترة طويلة دور الوسيط النشط بين كييف وموسكو بحيث توسطت في صفقة تصدير الحبوب التي وقع عليها الجانبان، ما أدى الى تخفيف أزمة الغذاء العالمية التي تسببت بها الحرب. وعلى الرغم من أن تركيا أرسلت مسيرات إلى أوكرانيا، إلا أنها تتفق مع روسيا في ما يتعلق بمعارضة بعض القيم الغربية. ومع ذلك، يسعى كيليجدار أوغلو إلى إعادة بناء العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة، ما قد يمهد لفتح الباب أمام انضمام السويد بسرعة إلى الناتو، في خطوة يعارضها بوتين وعطلها أردوغان منذ فترة طويلة.

في غضون ذلك ، أخبرت إليونورا تافورو، الزميلة البحثية البارزة في مركز روسيا والقوقاز وآسيا الوسطى فيISPI ، مجلة “نيوزويك” في رسالة بريد إلكتروني أنه على الرغم من أن الشراكة الوثيقة بين بوتين وأردوغان كانت مهمة للعلاقات الثنائية، فإن “تقليص العلاقة إلى علاقة صداقة بينهما، سيكون بوتين وأردوغان مخطئين”.

وقالت تافورو: “بوتين يؤيد بالتأكيد أردوغان… لكنه سيكون مستعداً للعمل مع كيليجدار أوغلو أيضاً. العلاقات مع تركيا حيوية للغاية بالنسبة اليه، خصوصاً الآن. ومن غير المرجح أن يفقدها، حتى لو ترك أردوغان السلطة”.

شارك المقال