في عيد التحرير… من يفرّط بالمنجزات والمكتسبات الوطنية؟

هيام طوق
هيام طوق

في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، منذ 23 سنة، يستحضر اللبنانيون، المحطة الوطنية المشرقة في تاريخ لبنان حيث تمّ تحرير أراضيه من الاحتلال الاسرائيلي سنة 2000، وتكثر الأمنيات بتحرير ما تبقى من أراضٍ في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر، والدعوات الى وحدة الكلمة والموقف خصوصاً في هذه الظروف الصعبة والدقيقة في الداخل في ظل الشغور الرئاسي، بالاضافة الى التهديدات الاسرائيلية المتكررة، وآخرها ما صرّح به رئيس الأركان الاسرائيلي هرتسي هاليفي بعد مناورة “حزب الله” العسكرية الأخيرة، بأن “الحزب يعيش حالة ردع مع إسرائيل، ويعتبر أن لديه الجرأة على تحدينا لأن ذلك لن يؤول إلى حرب، لكن هذا يبني لنا أرضية للمفاجآت”، مؤكداً أن “لدى إسرائيل جاهزية جيدة على الساحة الشمالية. الحرب في الشمال صعبة على الجبهة الداخلية، لكنها ستكون أصعب على لبنان سبعين ضعفاً، وعلى حزب الله أكثر من ذلك”.

إذاً، بعد الاحتلال الاسرائيلي للبنان سنة 1978، استعاد لبنان الجزء الأكبر من أراضيه في 25 أيار سنة 2000، وفي الذكرى، كانت مواقف متعددة، ومن المنتظر أن يلقي الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، مساء اليوم، كلمة في المناسبة. كما وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري، رسالة الى اللبنانيين، اعتبر فيها أن “التفريط بالمنجزات الوطنية والقومية والمكتسبات التي حققها لبنان في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 بتحرير معظم أرضه من الاحتلال الاسرائيلي، وإحباط مخططاته العدوانية القديمة والمستجدة منها الرامية الى تقويض أسس الكيان اللبناني ومؤسساته الدستورية وضرب نموذج التعايش فيه كنقيض لكيانه العنصري، هو فعل يرقى الى مستوى الخيانة الوطنية العظمى، كائناً من يكون مرتكب هذا الفعل سواء عن عمد أو عن قصور في الانتماء والحس الوطنيين”.

لكن ماذا قصد الرئيس بري بالتفريط بالمنجزات الوطنية؟ وهل من فريق في الداخل يرغب في التفريط بالمكتسبات؟ وهل هذه الرسالة موجهة الى الداخل أو الخارج؟

مصدر قريب من أجواء “الثنائي الشيعي” قال انها “رسالة الى كل من لا تزال لديه شكوك أو رهانات معينة. انها نوع من الحثّ على الكلمة الجامعة، والمقاومة جامعة، والتحرير إنجاز جامع وليس لفئة من اللبنانيين، هذا هو المقصد الأساس”، مشيراً الى أن “الرئيس يتحدث عن المبدأ بحيث لا يزال هناك فرقاء في لبنان لديهم نظرة الى المقاومة لم ترتقِ الى الحالة الوطنية. الخلاف بين اللبنانيين بحد ذاته، تفريط بالمنجزات، وعند اعتبار أن المقاومة تضرب هيبة الدولة، وتتسلط عليها، وتنتقص من سيادتها، يعني أننا مختلفون حتى على المقاومة. الرئيس بري، من موقعه السياسي والوطني، لا يدخل في اطار التسميات، لكن هناك اشارة واضحة لجهات بعينها”.

وقال النائب عماد الحوت: “لا أعتقد أن هناك اتهاماً لجهة محددة، وهو كلام ينطلق من مبدأ عام، لكن في المقابل كان هناك مناخ في المنطقة في اتجاه التطبيع والتوطين، وهذا يتنافى مع مناسبة التحرير. ومن جهة ثانية، هناك من يستعجل فتح ملف الصراع مع العدو الاسرائيلي لجهة سلاح المقاومة بينما هذا الملف بالذات يحتاج الى حوار عميق، وجدي بين اللبنانيين يتوازن فيه منطق الدولة وسيادتها مع توازن الرعب مع العدو الذي لا يترك أي مناسبة الا ويهدد فيها محيطه بصورة واضحة ومباشرة”.

وأشار النائب غسان عطا الله الى أن “هذا الكلام يأتي في السياق العام، وغير موجّه الى أي طرف اذ يتحدث عن استرداد الأرض، ومن يفرط بأرض وطنه، يكون يرتكب خيانة. وهنا نسأل: هل هناك من يريد أن يفرط بالأرض والسيادة؟ طبعاً لا”، قائلاً: “انني أقرأ هذا الكلام من منطلق ايجابي، يأتي في سياق الذكرى. انه كلام عام في ذكرى معينة تكون فيها خطابات تنطلق من الذكرى”. ورأى أن “الكل اليوم يتحدث بلغة واحدة، ولا أحد يرغب لا في الداخل ولا في الخارج بعودة اسرائيل الى لبنان”.

ولفت الوزير والنائب السابق إيلي ماروني الى أن “لا أحد يمكن أن ينكر انجاز التحرير سنة 2000 ويعترف للجيش وللمقاومة بهذا الانجاز الذي أدّى الى الانسحاب الاسرائيلي من لبنان، لكن الانجاز كان في المحافظة على بناء الدولة وكيانها وعلى مؤسساتها، وبالتالي، التفريط جريمة وخيانة طبعاً”، متسائلاً: “من يفرّط بكيان الدولة ومؤسساتها، أليس من يمتنع عن انتخاب رئيس الجمهورية؟ أليس من يعرقل في كل مرة تشكيل الحكومة بسبب الحصص والمحاصصة؟”.

أضاف: “الهيمنة على المؤسسات، تفريط بالوطن وخيانة، وحفاظاً على انجازات التحرير، نتمنى على الرئيس بري أن يدعو الى جلسة مفتوحة ومتواصلة لانتخاب رئيس للجمهورية ثم تشكيل حكومة لانقاذ ما تبقى من لبنان والا انجازات التحرير تضيع، ودماء الشهداء أيضاً”. وأوضح أن “الرئيس بري يعتبر أن الجميع يجب أن يوافقوا على انتخاب مرشحه والا عدم انتخابه هو تفريط بالانجازات الوطنية”.

ورأى النائب السابق غسان مخيبر أن “ليس هناك من تفريط بإنجاز دحر العدو لأنه هو الوحيد المستمر على الرغم من التهديد الاسرائيلي المستمر اذ أن الاحتلال العسكري غير موجود، وهناك ردع كاف، يمنع هذا الاحتلال من العودة. وبالتالي، لا تفريط بالانجازات والمكتسبات انما تفريط بالدولة وبمؤسساتها بفعل الأخطاء الفادحة التي يتحمل مسؤوليتها جميع الزعماء والسلطات”، مشدداً على أن “إنهيار السلطات مسؤولية داخلية، على الزعماء تحملها كاملة، ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالانجاز الوطني سنة 2000”.

وأشار الى “اتحاد لبناني على رفض أي تدخل أجنبي في شؤون لبنان الداخلية، لكن التحدي الدائم هو في الاستقلال، وهو عمل مستمر وليس فعل في الزمن، ينتهي بانتهاء هذا الزمن”.

شارك المقال