سأخون وطني

الراجح
الراجح

يقول الكاتب والأديب محمد الماغوط في كتابه “سأخون وطني” انه أنذر بخيانته للوطن قبل أن يقوم بفعله. وإنذاره لوطنه بالخيانة في زمن لا تكون الخيانة فيه إلّا سرّاً، يرى أو يحدد الماغوط أن الأوطان نوعان: منها أوطان مزوَّرة للطغاة وأخرى حقيقية للأحرار البسطاء. فأوطان الطغاة لا تعطي إلا القهر والكبت والذل والفقر والحاجة… فهي سجون وقبور، والانتماء إليها خيانة للإنسان بحد ذاته. هذا ما قصده الماغوط بِنيَّته لخيانة وطنه لينتمي الى وطن يمنح الإنسان الحرية والعدالة، لأن الوطن هو الّذي يقدّم هذه المفاهيم وليس المكان الذي يولد فيه الإنسان وترجع إليه أصوله.

أردت هذه المقدمة بعد ما لفت نظري منح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون البروفيسور اللبناني الأصل جان مارك أيوبي، والذي اختاره زملاؤه مؤخرّاً عضواً في الأكاديمية الفرنسية للطب، وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة ضابط، وهو من أعلى الأوسمة التي تمنحها الدولة الفرنسية. وكان هذا الطبيب البروفيسور قد نال في العام 2015 وسام الشرف من رتبة فارس في عهد الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا هولاند. البروفيسور جان مارك أيوبي هو جراح نسائي يشغل منصب رئيس قسم الأمومة والخصوبة في أهم مستشفيات فرنسا “فوش”، وهو من وضع فرنسا في مرتبةٍ متقدمةٍ عالمياً ورائدة أوروبيّاً في هذا المجال. لكن، وأنت تتابع توافد المدعوين إلى وزارة الدفاع الفرنسية، حيث علَّق وزيرها سيباستيان لوكورنو الوسام على صدر البروفيسور أيوبي، ترى نفسك تسأل عما يمكن أن يفكر فيه اللبنانيون إذا تذكروا حفلات توزيع الأوسمة من فخامة العماد، وعلى الأخص وسام المطاعم!

وأنا كلبناني أنتمي الى النوع الثاني من الأوطان، بحسب الماغوظ، سألت نفسي:

هل هناك من يهمس في أذن الرئيس الفرنسي ماكرون الذي شجع وبشكل استثنائي على منح هذا الوسام وعلى إقامة هذا الحفل أن يدعم لرئاسة الجمهورية اللبنانية أمثال من يمنحهم الأوسمة، أم أنه سيبقى أسير طاولة “الزهر” يا محبوسي، يا فرنجية!

شارك المقال