كان من المقرر أن يعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جلسة لمجلس الوزراء، اليوم الأربعاء لبحث موضوع عقد الاتفاق بالتراضي مع محامين فرنسين لمعاونة رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، إذ سبق أن وجّه الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، كتاباً إلى وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري دعاه فيه، بناء على طلب ميقاتي، إلى حضور جلسة عاجلة وطارئة للحكومة، على جدول أعمالها بند وحيد يتعلق بالاتفاق بالتراضي مع محامين فرنسيين لمعاونة رئيس هيئة القضايا في الدعوى المقدمة من الدولة الفرنسية أمام قاضية التحقيق الفرنسية في ملف آنا كوساكوفا ورفاقها، وذلك للتباحث والنقاش مع الوزراء حول هذه المسألة ليقرر مجلس الوزراء في ضوء النقاشات ما يراه مناسباً.
الا أن المكتب الاعلامي لميقاتي أشار في بيان الى ارجاء الجلسة الى وقت لاحق، ازاء اعلان وزير العدل عدم حضورها، معتبراً أن “موقف الوزير بتعطيل سير العمل ضمن المؤسسات الدستورية من شأنه أن يحمّله شخصياً المسؤولية الدستورية والقانونية والأخلاقية عن أي ضرر قد يطال مصلحة الدولة العليا، والوقت لا يزال متاحاً لاتخاذ القرار المناسب بعيداً عن السجالات غير المجدية”.
وسبق البيان الذي أكد أن “الموضوع المثار يحتاج الى البحث في مجلس الوزراء، وكان حرياً بالوزير، حضور الجلسة، وعرض وجهة نظره والحيثيات التي لديه”، مؤتمر صحافي عقده خوري، أكد فيه “أننا وقعنا العقود وهي لا تزال سارية المفعول، وأنا متمسك بها ولن أتراجع عنها”، مشيراً الى اتصال تلقاه من من الأمين العام لمجلس الوزراء، “وطلب مني ايجاد حل سريع لتعيين المحامين، وأبلغته ان المخرج هو بالكتاب والمستندات التي أرسلتها الى مجلس الوزراء وكتاب المدير العام في ما خص استدراج عروض اضافية”.
وفي هذا السياق، رأى مصدر مقرب من الرئيس ميقاتي أن “تأجيل الجلسة يوضح أن الامور تأخذ منحى آخر حيث شد الحبال مستمر في حين من الضروري أن تحصل المعالجة الصحيحة في أماكنها الصحيحة، ويجري النقاش بهدوء بعيداً عن التجاذبات السياسية، والكيديات. المكان الذي يجب أن تبتّ فيه هذه القضايا، مجلس الوزراء خصوصاً أن القضية أساسية، وتمس هيبة الدولة. بغض النظر عن الآراء التي يجب احترامها، الا أن من المفترض دائماً اللجوء الى المؤسسات للمعالجة الموضوعية والمهنية لأن المؤتمرات الصحافية لن توصل الى أي نتيجة. وكان من الأجدى لو أن كل ما طرحه الوزير في المؤتمر الصحافي، تمت مناقشته في مجلس الوزراء، وفق ما تقتضيه اللعبة الديموقراطية”.
واعتبر أن “من المفترض تحديد جلسة حكومية أخرى، وحينها كل طرف يتحمل مسؤوليته، ومن الأفضل والأسلم، حضور الوزير المعني بالملف لاتخاذ القرار. واذا وصلت الأمور الى مكان آخر، فيعود للرئيس ميقاتي أن يتخذ القرار المناسب حينها”، مشدداً على وجوب “أن يرأف الجميع بالبلد، اذ في وقت نعيش في الشغور والمزيد من الفراغ، كل الدول تعمل لمصلحة بلدانها، وفي لبنان يتم التلهي بالعناوين ووضع الشؤون الأساسية جانباً”. وتمنى “ادارة الملفات بالحد الأدنى لحفظ ما تبقى من وجه لبنان محلياً ودولياً”.
وأكد مصدر قانوني أن “مسألة تعيين المحامين للدفاع عن المصالح العليا للدولة، أمر ضروري وضروري جداً، بحيث أن القضاء الفرنسي أصدر قراراً بحجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وفي حال ثبت أن هذه الأملاك والأموال مخالفة للقانون، تتم مصادرتها لصالح خزينة الدولة الفرنسية، وهذه الأموال عائدة للبنان، نتيجة حتمية ممارسة حاكم مصرف لبنان وظيفته كحاكم، وبالتالي، اذا تمّت مصادرة الأملاك، فيجب أن تكون لصالح الدولة اللبنانية التي عليها أن تدّعي أمام القضاء الفرنسي للمطالبة بذلك. من هنا، كانت الضرورة لتعيين محامين عن الدولة اللبنانية للمطالبة أمام القضاء الفرنسي بهذه المسائل. وعملية اختيار المحامين الفرنسيين أو مكتب المحامين، تأتي من باب الخبرة والاختصاص في القانون الفرنسي. ومن الأفضل، من أجل الدقة والموضوعية، أن يكون الى جانب المحامين الفرنسيين، محامون لبنانيون، لأن المحامي الفرنسي قد يغيب عنه بعض المسائل القانونية المتعلقة بالقانون اللبناني. وبالتالي، من الأفضل أن يكون فريق المحامين مختلطاً أي فرنسياً – لبنانياً”.
وأوضح أن “اختيار المحامين في القضايا التي تستوجب الدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء اللبناني، يتم وفق آلية معينة تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء، فكيف الحال اذا كان الأمر يتعلق بالدفاع عن مصلحة الدولة أمام المحكمة الفرنسية؟ هنا أيضاً، تتم عملية اختيار المحامين وفق آلية بحيث يرفع وزير العدل اقتراحه الى الحكومة الذي يمكن أن يتم الأخذ به أو رفضه بعد التداول والنقاش. وكل ما يقال خلاف ذلك، لا يجاري القانون لأنه لا يمكن لوزير العدل أو أي هيئة قانونية أخرى أن تقرر تعيين مثل هؤلاء المحامين من دون العودة الى مجلس الوزراء الذي يعود له صلاحية البتّ بهذه المسألة، ولا ندري ما هي الأسباب التي جعلت وزير العدل يعيّن المحامين من دون عرض الملف على مجلس الوزراء”.
وقال: “لو كان الوزير خوري مقتنعاً بأن اقتراحه سيمر في مجلس الوزراء، لكان حضر الجلسة، واليوم ميقاتي، يجدد الدعوة له لحضور جلسة وزارية مخصصة لمناقشة هذه القضية، وتعرض الاقتراحات على المجلس الذي اما يصوّت أو لا يصوّت على الأسماء المقترحة”. وأشار الى أن “هناك اشكالاً قانونياً في تعيين المحامين اذ لا يحق لوزير العدل تعيينهم، والقضاء الفرنسي سيطالبهم بمرسوم رسمي من الحكومة، بالمثول أمامه، واذا لم يكن لديهم هذا المرسوم، فيمكن الطعن بعملهم من الفريق الآخر، وتصبح المشكلة أمام القضاء الفرنسي”.
أضاف المصدر: “في حال رفض وزير العدل حضور الجلسة الحكومية المخصصة لهذه القضية، يطلب منه كتاب بالأسماء المقترحة، وتعرض على مجلس الوزراء الذي يقرر بالتصويت، القبول من عدمه، اذ أن النقاش يحصل حول السيرة الذاتية لكل محامٍ وكفاءته وخبرته وخلفياته، وبدل أتعابه. وهذه المسألة ضرورية وملحة لأنها تتعلق بمصلحة لبنان العليا. من المفترض أن ينظر الى المصلحة العليا للدولة خصوصاً في قضية كهذه، والا يذهب الملف الى التفرعات لأن سد الثغرات القانونية أمر ضروري وليس فتح ثغرات اضافية”.