المواقف على حالها… هل يملك لودريان مبادرة حوارية سحرية؟

هيام طوق
هيام طوق

بعد أن سلّم الجميع بأنه لم يعد هناك أي بصيص أمل في انتخاب رئيس للجمهورية من دون تدخل من الدول المهتمة بالشأن اللبناني عبر وساطة ما أو تسوية أو طرح، تترقب مختلف الأطراف عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان لمعرفة ماذا يحمل في جعبته وسط معلومات صحافية تشير الى أنه سيدعو خلال زيارته الثانية الى حوار جامع، لكن لم يحسم بعد مكانه أو موعده أو مضمونه وعناوينه، ومستوى التمثيل فيه، مع احتمال استضافة باريس له في حال تعذر حصوله في لبنان، وذلك، بعد أن أجرت تقويماً لنتائج زيارة لودريان الى بيروت، الشهر الماضي، وهي تجري اتصالات مع مختلف الدول لانجاح مهمتها خصوصاً مع ممثلي اللجنة الخماسية التي تضم اليها الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر، وليس مستبعداً ضم إيران إلى اللجنة لمحورية دورها وتأثيرها على مختلف الملفات اللبنانية.

وفيما كثرت التحليلات عن عودة لودريان من عدمها، وعن الطروح التي يمكن أن يقدمها وسط تشاؤم من إمكان تحقيقه أي خرق على المستوى الرئاسي خصوصاً أن الاصطفافات والمواقف واضحة ولم تتغير، توقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي، عودة الموفد الفرنسي إلى بيروت بين 16 و17 تموز، ولم يستبعد أن تسبق زيارته الثانية، جولة على دول المنطقة المهتمّة بلبنان واستحقاقه كالسعودية وقطر وربما إيران. كما كشف بري أن لودريان سيعود بمشروع للحوار، معتبراً أن “المكان الطبيعي لحوار وطني يجري في لبنان هو مجلس النواب. وفي إمكان كل كتلة أن تفوّض إلى رئيسها أن يمثّلها إلى طاولة الحوار، لكن آلية الحوار ومن يديره غير واضحة”.

إذاً، على ما يبدو أن الموفد الفرنسي سيطرح الحوار على اللبنانيين للخروج من مأزقهم الرئاسي في حين لم تنجح في السابق طاولات الحوار، ولم يلتزم بعض الفرقاء ببنودها، ولم يتجاوب كثيرون مع دعوات الرئيس بري الى الحوار بعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون لأسباب كثيرة. واليوم، هناك من يعتبر أن الحوار يجب أن يتطرق الى كل الأمور الخلافية التي تعرقل قيام الدولة فيما يرى البعض أن الحوار يجب أن يتمحور حول الملف الرئاسي فقط، لأن الخلافات الجوهرية، أوجد الدستور حلولاً لها، ومجرد تطبيقه، وتنفيذ بنود اتفاق الطائف كاملة، تنتفي معظم الخلافات.

في هذا الوقت، لا بد أن الكتل النيابية والتيارات والأحزاب تدرس خياراتها في حال طرح لودريان إمكان عقد طاولة حوار، اذ يؤكد البعض أنه مع الحوار من دون شروط مسبقة على اعتبار أن لا حل بين اللبنانيين الا بالتحاور فيما يضع البعض الآخر شروطاً لأن ليس المهم التشاور للتشاور انما الوصول الى نتيجة إيجابية، والتعهد أمام الوسطاء والمجتمع الدولي، الالتزام بما يتم التوافق عليه كي لا تتكرر سيناريوهات طاولات الحوار السابقة. لكن، ما هو نوع الحوار المنتظر الذي تشارك فيه الأطراف خصوصاً تلك المعترضة؟.

رأى النائب نزيه متى أن “الحوار ينسف مبدأ الطائف الذي جاء بعد الحرب الأهلية، ومن المفترض أن تكون مؤسسات الدولة ملتقى الحوار. التشريع والمراقبة والمحاسبة تحصل في المجلس النيابي، والشؤون التنفيذية في مجلس الوزراء. اليوم عند كل استحقاق، تتم الدعوة الى الحوار، والفريق الممانع حين يستفيد من الحوار، يوافق عليه كما حصل في الدوحة، واذا لم تكن هناك أي افادة، فلا يلتزم ببنوده كما حصل في اعلان بعبدا”، معتبراً أن

“تجربة الحوار غير مشجعة، ولن توصل الى أي مكان. ليس لدينا شروط للحوار، ولم نرفضه يوماً ضمن مؤسسات الدولة، ومجلس النواب المكان الأمثل للحوار مع العلم أن انتخاب الرئيس لا يتطلب حواراً بل انتخاب من النواب”.

وشدد على أن “الحوار ينسف دور مؤسسات الدولة. نحن لسنا مع الحوار الذي يتم فيه النقاش على اسم رئيس الجمهورية لأنه حينها نكون دخلنا في مبدأ المحاصصات وفي جدل لا ينتهي. انتخاب الرئيس يحصل في مجلس النواب، واذا كان لا بد من حوار، فخلال الجلسة الانتخابية بدوراتها المتتالية. واذا كانت هناك نية لبناء البلد، فلننتخب الرئيس ثم تحصل الحوارات حول الملفات الأخرى”.

وأكد النائب محمد خواجة “اننا نلبي أي دعوة للحوار سواء كانت من الداخل أو من الخارج، واذا كان البعض يضع شروطاً مسبقة للمشاركة في الحوار، فهذا لم يعد حواراً. الرئيس بري دعا الى الحوار في بداية الشغور، ولاحقاً، عشية الجلسة 12 تمنى على البطريرك الماروني بشارة الراعي أن يدعو الى الحوار الذي نلبيه”، مشيراً الى أن “المكان الطبيعي للحوار هو المجلس النيابي، والطبيعي أكثر أن يكون الحوار بين اللبنانيين من دون وسيط”.

وسأل: “في حال تمسكت كل الكتل بمواقفها، كيف ننتخب رئيس الجمهورية؟ وكيف نشكل حكومة؟ وكيف نعيد الانتظام الى الدولة؟ وكيف تتم التعيينات في المراكز الشاغرة المهمة؟”، لافتاً الى أن “لا خيار أمام اللبنانيين الا الحوار ثم الحوار ثم الحوار. علينا أن نتحادث ونتفاهم مع بعضنا عن قرب، لأن التفاهم لن يحصل عن بعد خصوصاً أن ما من فريق قادر وحده على ايصال أي شخصية الى رئاسة الجمهورية. إمّا الحوار أو الاستمرار في الوضع الراهن، وما نراه من انعكاسات مدمرة للشغور في كل القطاعات”.

وأوضح النائب بلال عبدالله “أننا مع الحوار بين اللبنانيين الذين لا يجوز أن تكون هناك وساطة بينهم للجلوس مع بعضهم البعض. علينا أن نساعد أنفسنا لأن العامل الأساس القوي في الداخل. علينا أن نتحاور، وأن نصل الى تسوية داخلية لأن التسوية الخارجية وحدها لا تنتج رئيساً أو حلولاً. التواصل هو الطريق الوحيد للوصول الى حل”.

واعتبر أن “الوقت ليس مناسباً اليوم، لحل كل القضايا الخلافية، والأولوية من الحوار حل مسألة الرئاسة وانتخاب رئيس للجمهورية. الخطوة الأولى، نتوافق على الرئيس، ثم نشكل الحكومة ثم نتفق على الملفات الأخرى”، وقال: “علينا أن نعرف إن كان لودريان مكلفاً من اللجنة الخماسية واذا كان تواصل مع القوى الاقليمية المؤثرة في الداخل اللبناني، لذلك الأمر يتطلب جهداً استثنائياً من كل أعضاء اللجنة الخماسية”.

وأكد الوزير السابق آلان حكيم “أننا في المطلق مع الحوار، وحزب الكتائب كان دائماً ايجابياً في الحوار الذي يحصل في المؤسسات الدستورية”، مشيراً الى أن “ليس هناك من شيء واضح ورسمي بالنسبة الى ما سيقدمه أو يطرحه لودريان خلال زيارته الثانية، وفي حال دعا الى الحوار، لا يمكن أن نرفض اذا كانت هناك حلول، لكن هناك شرط مهم وهو يسحب مرشح الممانعة، لننتقل الى مرحلة جديدة عبر أرضية جديدة”.

شارك المقال