4 خطوات تسمح لواشنطن بحشر بوتين في الزاوية

حسناء بو حرفوش

بعد مرور زهاء العام ونصف العام من الدعم الأميركي لأوكرانيا، رأت قراءة في موقع “ذا هيل” الالكتروني، أن الفرصة حانت لممارسة الضغط والتصعيد ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصاً وأنه يواجه عقبات داخلية. ووفقاً للمقال “أظهر انقلاب يفغيني بريغوجين الفاشل هشاشة النظام الروسي والضغوط التي يواجهها حالياً في الداخل. وبالتالي، على الولايات المتحدة استغلال عاملين رئيسين: أولاً، كيف يمكن لها الضغط على الدولة الروسية ككل من خلال نشاط عسكري أكبر؟ ثانياً، كيف يمكن استغلال الانقسامات الداخلية داخل روسيا، وتلك التي تظهر بينها وبين بيلاروسيا؟

ولا شك في أن معظم التفاصيل الجوهرية حول حادثة بريغوجين ستبقى سرية لعقود، أو على الأقل حتى تتاح الفرصة لتبادل المواد الأرشيفية من الحرب الحالية. ومع ذلك، الخطوط العريضة واضحة بصورة متزايدة، بحيث أن التمرد الأخير يوضح درجة عميقة من تآكل الدولة داخل روسيا.

القوة الناعمة

وتجدر الاشارة إلى أن بوتين بنى نظام الدولة على القوة الناعمة، ولم يكن في نيته أبداً إحياء الرعب الكامل لعصر ستالين، ذلك أنه أدرك التكلفة الهائلة والمخاطر التي قد تترتب على أي حالة أمنية شاملة. والأهم من ذلك، أنشأ بوتين بطريقة استبدادية كلاسيكية، مؤسسات أمنية متداخلة بالاضافة إلى الحرس الوطني وحتى الشركات العسكرية الخاصة، وتنظيم فاغنر واحد منها. ويضمن التعقيد الهائل لهذا الهيكل التنظيمي عدم قيام أي شخص بتجميع القوة الكافية ليصبح قادراً على السيطرة على الدولة.

ومع ذلك، في هذا النظام غير العقلاني ثغرات واضحة وقد استغل بريغوجين احداها للتقدم نحو موسكو. وقد يحاول بوتين إصلاح ذلك من خلال ترشيد النظام، لكنه قد يخاطر برفع المنافس إلى موقعه في السلطة. وأشار انقلاب بريغوجين إلى درجة انقسام النظام الروسي وسلبيته. وكما هو الحال في معظم التمردات والانقلابات، وجدت معظم أجهزة الدولة نفسها على الهامش حتى أصبح ميزان القوى واضحاً. لا يزال حجم الدعم الداخلي لبريغوجين غير معروف، ولكن من المحتمل أن بعض عناصر الدائرة الداخلية إما يعارض الحرب عموماً أو يريد إقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان لعدم الكفاءة. قد يؤدي إصلاح النظام الى المخاطرة بإعطاء أحد هذه المعسكرات وصولاً شرعياً إلى السلطة، كما قد يؤدي الى إعاقة كل من الجهات الأمنية الأخرى.

يمكن للولايات المتحدة استغلال هذا الوضع. ولا ينبغي توقع أن تكون روسيا ما بعد بوتين أكثر استعداداً للغرب، لكن الضغط الكافي على هذا النظام قد يفرض على الأقل إنهاء الحرب بشروط مواتية. ويعاني النظام الروسي من عدة اعتبارات استراتيجية متداخلة تستنزف الاهتمام الاستراتيجي وتثقل كاهل الدولة. ويمكن للولايات المتحدة تكثيف هذا العبء من خلال أربع خطوات:

أولاً، الافادة من الفوضى في روسيا وإغراق الفضاء المعلوماتي باتهامات حول الانقلابات والمؤامرات والتمرد وغيرها من الأعمال التخريبية. لا يمكن للدولة الروسية، في هذه المرحلة، تجنب متابعة مثل هذه الخيوط، خشية أن تفوّت حدثاً كبيراً مثل محاولة انقلاب بريغوجين. الهدف من ذلك هو تشتيت القرار الروسي وتقسيمه وإجبار جهاز الأمن الروسي على تحويل الموارد من أوكرانيا إلى الحماية الداخلية.

ثانياً، على الولايات المتحدة تقديم حوافز منظمة وعامة لأي فرد ذي قيمة عالية قد يخالف سياسة بوتين الحالية. قد يشمل ذلك درجة من حماية الأصول، أو عفواً من المقاضاة أو مزيجاً آخر من الحوافز الايجابية. تكمن صعوبة هذه السياسة في الرسائل العامة. ستعترض أوكرانيا وأوروبا الشرقية على أي تواصل داخل روسيا، لكن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تضيع فرصة للتلاعب بخصم رئيس.

ثالثاً، على الولايات المتحدة محاولة إقناع بيلاروسيا بفصل نفسها نوعاً ما عن روسيا. وعلى الرغم من أن الانفصال الكامل بين مينسك وموسكو بعيد الاحتمال للغاية، يمكن اتخاذ خطوات هامشية في مجال الاستخبارات، على سبيل المثال، للتقليل من استيعاب بيلاروسيا للقوات الروسية.

رابعاً، يمكن للولايات المتحدة زيادة ضغطها على روسيا خارج أوكرانيا، ولا سيما في الشرق الأوسط حيث تحتفظ روسيا بقدرات دفاع جوي كبيرة في سوريا، على الرغم من إعادة انتشارها الكبيرة في أوكرانيا”.

شارك المقال