مهاجرون لبنانيّون وسوريّون في قبضة السلطات الليبية… اعتقال أم خطف؟

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يُحالف 110 مهاجرين الحظّ في رحلتهم التي انطلقت من شاطئ شيخ زناد في عكّار، إذْ توقّع المئات من اللبنانيين والسوريين أن يصل المركب الذي انطلق يوم 11 من الشهر الجاري إلى إيطاليا بأمان، لكنّهم اصطدموا بعملية توقيف قامت بها قوّات ليبية لم تفرج فيها عن أيّ مهاجر غير شرعي حتّى اللحظة.

المشهد السياسي والأمنيّ المقلق في ليبيا التي تتعرّض منذ أعوام إلى مختلف وجوه الفلتان الأمنيّ الذي يُقلق أهالي “المنكوبين الجدد”، يُجبر منظّمات إنسانية وحقوقية على التحدّث جدّياً عن عملية “خطف” علنية تعرّض لها مهاجرون معظمهم من السوريين، فيما يتحدّث ناشطون آخرون عن حصول عملية “اعتقال” تحتاج إلى دعم المعنيين اللبنانيين بعيداً عن حال الغموض والتكتم التي طغت على هذا الملف.

يُمكن التأكيد أنّ هذا المركب الذي انطلق باكراً، كان قد توجّه سريعاً متجاوزاً المياه الاقليمية قبل وصول القوى الأمنية إلى المنطقة الحدودية الشمالية، حيث أحبطت حينها عملية تهريب بشرية ضخمة، فأوقف بعضهم وهرب الكثير من الأفراد كما أوقف الرأس المدبّر لها أيضاً، إذْ تمكّن الجيش اللبنانيّ بالتعاون مع مديرية المخابرات في اليوم نفسه، من توقيف 130 سورياً مع 4 لبنانيين كانوا يرغبون في الانتقال عبر مراكب صغيرة إلى مركب آخر كان ينوي الانطلاق بعد المركب الذي تمّ توقيفه من خلال “قراصنة ليبيين” وفق ما يقول متابع لهذا الملف لـ “لبنان الكبير”.

المركب الذي أفلت من الجيش، لم يُفلت من يدّ الليبيين، ويوضح المتابع أن “الرصاص أطلق على المركب والمهاجرين، ووفق معلوماتنا أنّه وقع 9 جرحى منهم وبعد مرورهم بسلام، تابعتهم كتيبة اللواء طارق بن زياد المعزّزّ التي يُقال انّها تابعة لقوّات خليفة حفتر والتي تُسجّل بدورها انتهاكات إنسانية مختلفة، وسيق المهاجرون إلى بنغازي”.

ويضيف: “في ظلّ وجود متابعة قانونية وإنسانية سريعة لهذا الملف، يُمكن التأكيد أنّنا بتنا بين خيارين: الأوّل يكمن في حصول عملية اعتقال، والثاني مرتبط بالحديث عن عملية خطف بحيث علمنا أنّ من قام باختطافهم يطالب بفدية تصل إلى 2000 دولار عن الشخص الواحد”.

المهاجرون الذين تجاوز عددهم الـ 100 شخص بينهم 37 طفلاً، 14 امرأة و59 رجلاً والموجودون في بنغازي، يُواجهون اليوم مصيراً قاسياً اعتقدوا أنّهم تجاوزوه مع مغادرتهم لبنان، في وقتٍ تلفت معطيات “لبنان الكبير” إلى وجود عائلة واحدة انقسمت في هذه الرحلة إلى قسمين: الأوّل بعد توجهها بالمركب الأوّل الذي أوقف في ليبيا، والثاني بتوقيف المركب أيّ أنّ قسماً منها لا يزال في لبنان.

ووفق منظمة “ألارم فون” أيّ الخطّ الساخن لركاب القوارب المنكوبة والتي تُطلق إنذاراً معتاداً في هذا النوع من الحوادث، أنّه يوم 18 آب الجاري، كان هاتف الانذار على اتصال بهذا المركب وأخبره أنّهم في تمام الساعة 14:56 بتوقيت وسط أوروبا، واجهوا “سفينة تحمل العلم الليبي كانت تطاردهم وأنّ رجالاً مسلحين كانوا يطلقون النار عليهم، ما أدّى إلى إصابة شخص واحد على متنها”، الأمر الذي دفع المنظمة إلى إبلاغ سلطات الاتحاد الأوروبي بحال طوارئ خطيرة: أيّ كلّ من السلطات المالطية، الايطالية واليونانية مراراً، مطالبين بعملية إنقاذ.

وأوضحت المنظمة أنّها استمرّت في تواصلها مع المنكوبين، محاولة تلقّي تحديثات عن مواقعهم ووضعهم، “لكن عند الساعة 15:50، تحدّث من كان على متن السفينة عن “أشرار” وفق وصف المنظمة، يتتبعونهم ويُحاولون اختطافهم، ثمّ أبلغتهم المنظمة بعد ساعة تقريباً بضرورة انتقالهم إلى منطقة البحث والإنقاذ اليونانية للهروب، ليكون هذا آخر اتصال وتواصل بينها وبين المنكوبين حتّى بعد محاولات عدّة كانت بلا جدوى.

وبعد مرور ساعات من المحاولات والتواصل مع السلطات، أبلغ ضابط مناوب في السلطات اليونانية تابع هذه القضية، أنّهم أرسلوا قارباً إلى الموقع ولكن لم يتمكن من العثور عليهم، فيما السلطات المالطية لم تعطِ أيّة معلومات. أمّا عن أقارب المنكوبين، فقد تلقّت المنظمة اتصالاً منهم ليُخبروها أنّهم يتخوفون من عملية اختطاف جرى بسببها حجز المهاجرين في سجن عسكري في بنغازي، في وقتٍ لا يزال المقرّبون من المهاجرين يشعرون بالقلق من الأوضاع الأمنية الخطيرة في ليبيا مع انتشار الميليشيات والأعمال العنيفة.

شارك المقال