أزمة انقطاع المياه… الحل بالدولرة وتأمين الكهرباء

حسين زياد منصور

الكلام نفسه نسمعه منذ أشهر “المياه متوافرة، لكن المشكلة في الكهرباء”، لم يكن مفاجئاً ما أعلنته مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان عن اعتماد نظام تقنين قاس قد يبلغ مرحلة الانقطاع التام للمياه في المناطق التي تتغذى من محطات الضخ الرئيسة العاملة على المولدات.

المشكلة أن الناس لم تفاجأ وخصوصاً أبناء بيروت، وبعض مناطق جبل لبنان، الذين يعانون من أزمة متواصلة في انقطاع المياه، ويضطرون الى شراء الماء من أصحاب الصهاريج بصورة شبه دائمة.

قرار مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جاء تعقيباً على بيان صدر منذ أيام عن مؤسسة “كهرباء لبنان” يتعلق بتسديد فواتير استهلاك الكهرباء نقداً أو بواسطة حساب جديد (fresh) بطلب من البنك المركزي وليس بموجب حوالات مصرفية كما جرت العادة، وذلك تحت طائلة قطع التيار عن المتخلفين. الا أن المؤسسة لم تعد قادرة على تأمين مادة المازوت لتشغيل محطات ضخ المياه العاملة على المولدات، لأنها لا تمتلك العملة الصعبة.

ضرورة تأمين مبالغ بالعملة الصعبة

تشدد مصادر مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان لموقع “لبنان الكبير” على ضرورة الاسراع في إيجاد حل لهذه المعضلة قبل بدء انقطاع المياه بصورة نهائية بعد نفاد مادة المازوت، وما سيكون لذلك من تبعات على الناس.

وتقول المصادر: “ان القيّمين على المؤسسة يسعون بشتى الطرق الى إيجاد حلول لمنع انقطاع المياه بصورة نهائية من خلال محاولة تأمين مادة المازوت، لأن المخزون قد ينفد خلال أيام”.

وتؤكد أن “الحل الأول هو بتأمين الكهرباء للمؤسسة كي تتمكن من ضخ المياه، وذلك لأن المياه متوافرة وكافية للجميع، ولا مشكلة في ذلك، المشكلة فقط في نقلها، فعملية الضخ تبدأ من تعبئة المياه في الخزانات الرئيسة ثم توزيعها على المناطق”.

وتشير الى “وجود مضخات بحاجة الى الصيانة واجراء التصليحات عليها، تجنباً لتوقفها في المستقبل وتعطلها، والمشكلة هنا في كيفية تأمين العملة الصعبة اللازمة، على اعتبار أن قطع الغيار والبضاعة المطلوبة الى جانب كلفة الصيانة هي بالدولار الأميركي، وهو ما يصعب تأمينه حالياً، إن كان للمازوت او للصيانة”، موضحة أن مصادر المؤسسة من الكهرباء تتنوع بين كهرباء الدولة والمولدات.

تأثير سلبي على حياة الناس

وتصف مصادر متابعة لملفي الكهرباء والمياه ما يحصل مؤخراً بـ “الحالة الخطيرة جداً، ولها تداعيات صحية، الى جانب العائق المادي لدى بعض اللبنانيين في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، وكانت سبباً أيضاً في ما وصلت اليه غالبية مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة المياه”.

وتشير المصادر الى وجوب “الاسراع في إيجاد حل لهذه المعضلة، ولا يجب الاتكال على المواطنين وتأمينهم للصهاريج، وذلك لكلفتها، فهناك أطفال رضع، ومرضى يعانون من مشكلات وأمراض مزمنة وأوبئة خطيرة، بحاجة بصورة دائمة ومستمرة للمياه، وأن تكون نظيفة أيضاً، ان كان للشرب أو التنظيف أو الغسيل أو أي شيئ آخر”.

وتضيف: “كان على جميع القيمين في وزارة الطاقة والمياه تدارك هذه الأزمة الأساسية منذ زمن، والقيام بمشاريع على جميع أراضي الوطن تؤمن من خلالها الكهرباء لمحطات ضخ المياه، أقلها استقدام مساعدات لطالما كان لبنان يحصل عليها، لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية وتخفف تكاليف المازوت عليها وتؤمن الكهرباء لمحطات الضخ”.

الصهاريج بديل من انقطاع المياه

صحيح أن الناس اعتادت نوعا ماً شراء المياه من الصهاريج، وبحسب عدد منهم، في حال انقطاع المياه هذه المرة بصورة نهائية، ستكون مشكلة، ويقول أحد المواطنين: “اعتدنا انقطاع المياه نعم، لكن لمدة معينة ومعروفة، أو عندما تصل المياه الينا، تكون خفيفة، وكنا نستعين بالصهاريج في بعض الأحيان، وكلفة نقلة المياه بحدود المليون ليرة، لكن انقطاع مياه الدولة وشراء صهاريج بصورة مستمرة، هذه هي المشكلة، من أين ندفع تكلفتها؟”.

ويقول آخر: “في هذه الحالة سنبدأ بعملية التقشف والتقنين في استخدام المياه في المنزل، لأننا لن نتمكن من تحمل كلفة الصهاريج بصورة دائمة، وسنضطر الى اتخاذ اجراء كهذا في حين أن الجو حار جداً، ولدينا أطفال وكبار في السن، والمياه أساسية في حياتنا”.

المشكلة في توزيع المياه لا في توافرها

وكان المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران جدد التأكيد أن المياه موجودة ويتعذّر نقلها لعدم توافر مادة المازوت، والمشكلة في توزيع المياه وليس في توافرها.

وأوضح أن المصرف المركزي لم يحوّل أموال مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان التي هي بالليرة اللبنانية لمنشآت بالدولار الأميركي كي يتم ضخ المياه.

وحذر من نفاد المخزون في الأيام القليلة المقبلة، مشيراً الى أن الاتصالات لا تزال مستمرة لتأمين مادة المازوت كي لا تنقطع المياه عن المواطنين. ودعا المسؤولين الى ضرورة معالجة مشكلة انقطاع المياه ونسويتها لأنها مهمة وحيوية، معتبراً أن الحل بتأمين الكهرباء وتسديد المصرف المركزي أموال المنشآت بالدولار. ورجح اعتماد دولرة الفاتورة في المستقبل بقرار من الحكومة وفقاً لسعر صرف الدولار وثباته. وحض المواطنين على تسوية أوضاعهم والمساعدة في قمع المخالفات لتأمين التوزيع العادل للمياه والتعاون لمنع أي ابتزاز.

شارك المقال