اجتماع “الخماسية”… طرح جديد أم خيار ثالث؟

هيام طوق
هيام طوق

غادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بيروت بعد جولته على مختلف القوى السياسية، لكنه لم يتمكن من إحداث خرق في الجدار الرئاسي الا أن ذلك لا يعني أن المساعي عادت الى نقطة الصفر خصوصاً أن عدداً كبيراً من النواب الذين التقوا به استخلصوا من كلامه ضرورة التوجه الى مرشح ثالث لأن هناك استعصاء في إمكان ايصال أي من المرشحين المعلنين، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور. وبالتالي، لا بد من النقاش للوصول الى اسم آخر، ربما يتم التباحث به بعد عودة لودريان المرتقبة الى لبنان في أواخر أيلول الحالي.

وفيما نفى رئيس مجلس النواب نبيه بري طرح لودريان فكرة “الاسم الثالث”، لفتت الايجابية في الاتصال الذي تلقاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الموفد الفرنسي، اذ كان تأكيد مشترك أن “نتائج المحادثات ايجابية بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية”. هذه الأجواء يتناقلها بعض السياسيين خصوصاً أنها مترافقة مع زيارات في الداخل لها دلالات مهمة منها زيارة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الى بنشعي ولقاء فرنجية، كما هناك تطورات خارجية متصلة بالأزمة اللبنانية، إذ أعلن مصدر رئاسي فرنسي في باريس أن البابا فرنسيس سيقوم بزيارة الى مرسيليا بين 22 و23 أيلول الجاري وسيكون له وللرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقاء يتناول الملف اللبناني من كل جوانبه. وأشار المصدر الى أن البابا وماكرون يعتبران الوضع في لبنان مقلقاً للغاية.

وبالتوازي، سيكون الملف اللبناني مطروحاً على طاولة وزراء المجموعة الخماسية، المهتمة بمساعدة اللبنانيين على ملء الفراغ الرئاسي، والمؤلفة من فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، والمفترض أن يلتقوا في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وسط معلومات تشير الى أن لودريان سيطرح خلاصة ما توصل اليه من نقاشات في بيروت خلال اجتماع الخماسية بعد أن يكون أطلع ماكرون عليها. من هنا، تكثر التساؤلات حول ما يمكن أن تفعله اللجنة الخماسية بالنسبة الى الملف الرئاسي خصوصاً بعد الحديث عن التفاهم والتقارب بين أعضائها على الاسم الثالث ويرجح أن يكون اقائد الجيش العماد جوزيف عون المدعوم أميركياً وقطرياً مع العلم أن أسهمه ارتفعت في الآونة الأخيرة؟ وفيما يرجح أن تصدر اللجنة بياناً جديداً ينطلق من استكمال روحية بيان الدوحة الذي أصدرته في آخر اجتماع لها، هل ستحمّل لودريان طرحاً جديداً، تقبل به غالبية القوى السياسية، خلال زيارته المقبلة الى بيروت؟

أشار نائب رئيس الحكومة السابق النائب غسان حاصباني الى أن “موقف اللجنة الخماسية في اجتماعها الأخير في الدوحة واضح اذ وضعت نقاط أساسية حول مواصفات الرئيس السيادي، واجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن وتطبيق الدستور، وتنفيذ القرارات الدولية، والاسراع في التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، ولا أظن أنها ستخرج عن هذا الاطار في اجتماعها المقبل لا بل ربما ستكون أكثر تشدداً في هذا السياق، وقد تكون هناك مساعٍ اضافية لتقريب وجهات النظر من دون الحاجة الى طاولة حوار موسعة”، مرجحاً “حصول نقاشات ثنائية بتسهيل من محبي لبنان مع العلم أن العديد من الفرقاء يجرون حوارات ثنائية مثل تلك التي تجري بين المعارضة وجهات وسطية أو مستقلة”.

وقال: “قد تكون هناك خطوات اضافية للجنة الخماسية على البيان الذي أعلنته في الاجتماع الأخير لتسهل انتخاب الرئيس. لا نعرف ماذا ستقرر اللجنة الخماسية، وان كانت ستتخذ خطوات عملية، لكن هناك دائماً نية ايجابية للمساهمة في تقريب وجهات النظر”. وأوضح أن “الدول المعنية بالشأن اللبناني لا تتطرق الى الأسماء، لكن التطور الأساس في جولة لودريان الحالية أنها انتهت الى ازاحة حتمية ترشيح فرنجية، وبدأ النظر اليوم في مقاربة مختلفة. وهناك شبه تأكيد من عدة أطراف التقت الموفد الفرنسي أن المسار نحو اسم ثالث”، متمنياً “انتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن لأنه المدخل الأساس للتعافي”.

وجدد الوزير السابق عدنان منصور التأكيد أن “لودريان ليس لديه الحل الكامل في الملف الرئاسي انما الحل يأتي من الداخل اللبناني أي أن يكون هناك توافق بين اللبنانيين، وفي ظل غياب التوافق لا تستطيع لا اللجنة الخماسية ولا لودريان ولا أي دولة أن تفرض قرارها. والتوافق لا يأتي الا بالحوار”، لافتاً الى أن “اللجنة الخماسية ستجتمع وتتمنى وتحث الفرقاء على اتخاذ توجه مشترك عله يساعد على حلحلة الأمور، لكن لا بد من التواصل بين اللبنانيين، وتوافر الثقة بينهم”.

وشدد على “ضرورة أن يتحلى المسؤولون بمسؤولية عالية للخروج من هذه الأزمة لأن البلد لم يعد يحتمل، وهو مقبل على خضّات كبيرة بمعزل عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية الصعبة. هناك أمور تحصل في المنطقة لا تبشر بالخير، وتطورات قد تحصل وستنعكس على لبنان لأنه ليس منعزلاً عن المنطقة. وبالتالي، بات انتخاب الرئيس بأسرع وقت ضرورة ملحة، واذا كان هناك تعذر بالمطلق، ووصلنا الى طريق مسدود، ولا يمكن ايجاد الحل، فليذهبوا الى انتخابات نيابية للخروج من المأزق”.

أضاف: “اللجنة الخماسية اذا طرحت حلاً فيجب أن يلقى قبولاً في الداخل اللبناني، واذا لم يقبل به الداخل، فما الذي يمكن أن تفعله اللجنة؟ هل ستفرض الاسم فرضاً على اللبنانيين؟ طبعاً لا. لنعد الى الوراء حين حصل اتفاق الطائف، ومؤتمر الدوحة، واليوم نتحدث عن اللجنة الخماسية. ربما يكون هناك من حل لكن يجب أن يحوز على رضى الأطراف وحتى الآن هناك تشنج في الداخل اللبناني اذ ان كل فريق يطرح اسم مرشح، يقابله الفريق الآخر بالرفض المطلق. هنا تكمن المعضلة أي أن كل فريق يريد أن يكون له رئيس للجمهورية بمعنى أن يعبّر عن أفكاره وسياساته ونهجه. البلد منقسم سياسياً وعمودياً، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يعبّر عن فريق دون آخر انما أن يعبر عن آمال كل اللبنانيين. لذلك، يجب أن تتم التسوية بالاتفاق على مرشح يحوز على رضى الجميع”.

واذ رجح أن يكون هناك أكثر من اسم رأى أن “المهم ليس الأسماء انما يجب أن يحصل التوافق على المرشح، والتجربة اللبنانية أثبتت أنه لا يكفي انتخاب الرئيس انما تسهيل الأمور أمامه لينجح في حكمه. المسألة ليست بإيجاد حل مؤقت أو بجرعة للتخدير. انتخاب رئيس في هذا الظرف الحساس والصعب تلقى على عاتقه مهمات كثيرة، وعليه التنسيق مع الجهات السياسية كافة للخروج من المأزق المالي والاقتصادي والأمني”، معتبراً أن “المسألة الرئاسية لا تزال معقدة، ولا تعويل على دور اللجنة الخماسية الا اذا حصل التوافق بين اللبنانيين”.

شارك المقال