سيناريوهات متعددة للخروج من النفق… وانتخاب الرئيس الأسلم والأضمن

هيام طوق
هيام طوق

في ظل انسداد الافق الرئاسي داخلياً وخارجياً، يجمع كثيرون على أن الاستحقاق الرئاسي عاد الى المربع الأول، بعد أن أصيبت اللجنة الخماسية التي تحاول مساعدة لبنان بلعنة خلافاته، بالتوازي مع حالة المراوحة في الداخل منذ ما يقارب السنة على الشغور على الرغم من المبادرات المتعددة، والحديث عن المساعي الحثيثة للموفد القطري عله ينجح في حلحلة العقد التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.

وفيما كان يتم التعويل على شهر أيلول لانتاج رئيس للجمهورية، يبدو أن كل الآمال تبخرت على الرغم من تأكيد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت لاستكمال مساعيه، في حين أن المناشدات الدولية والعربية التي تحث المسؤولين والطبقة السياسية على القيام بواجباتهم لا تلقى الآذان الصاغية مع العلم أن البوادر على كل الأصعدة المالية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية تنذر بأن المقبل من الأيام لن يكون سهلاً، وبدل أن يستمر زعماء الأحزاب والتيارات والنواب في محاولاتهم لتسجيل خرق ما، يتمسكون بآرائهم وبمواقفهم لا بل يتراشقون التهم، ويشعلون الجبهات السياسية بين بعضهم البعض على مواقع التواصل الاجتماعي وكأن البلد بألف خير.

على أي حال، الواقع مرير، والمواطن وحده يدفع ثمن الهدر والحسابات والخلافات والتفسيرات الدستورية، والأنكى أن المسؤولين تخلوا عن مسؤولياتهم، ليرموها على هذه الدولة أو تلك لأنه بكل بساطة وفق أحد الوزراء السابقين “لا يريدون إيجاد حل للأزمة الخانقة، ولو توافرت الارادة، لكانوا انتخبوا رئيساً منذ بداية الشغور، وكل الانتظارات لمسعى من هنا واجتماع من هناك ليس سوى اضاعة للوقت الى حين اضاءة الضوء الأخضر ربما عن طريق تسوية كبرى في المنطقة لم تنضج بعد أو عن طريق فرض أمر واقع في الداخل يحتم اعادة الانتظام الى الدولة ومؤسساتها”.

إذاً، المعطيات الحالية تشير الى أن الشغور سيدوم الى أجل غير منظور حتى أن البعض لا يستبعد استمراره الى حين انتخاب مجلس نيابي جديد ينجح في القيام بمهامه، وينتخب رئيساً يضع الجمهورية على السكة الصحيحة، لكن هل هذا السيناريو وارد في ظل كل ما يعانيه البلد من انهيارات وشلل؟ والبعض يرى أن هناك استعصاء في أن ينتخب المجلس الحالي رئيساً للجمهورية، وبالتالي، لا بد من إقرار البرلمان لنفسه قانوناً ينص على تقصير ولايته، وفتح الباب أمام إجراء إنتخابات نيابية مبكرة لأنه وفق أحد الخبراء الدستوريين، فإن أحكام الدستور لا تتضمن نصاً يتحدث عن عدد معين من الاستقالات لإسقاط المجلس النيابي على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى ​الحكومة​، وبالتالي، مهما كان عدد النواب المستقيلين يبقى المجلس قائماً.

في هذا الاطار، أكد النائب فادي كرم لموقع “لبنان الكبير” أن “الخلاف في الثقافة السياسية والمفاهيم والقناعات عميق جداً بين طرف الممانعة الذي يشل البلد، ويريد أن يكون بأمرته وإدارته وبين الفريق السيادي المعارض الذي لن يتراخى لأن أي تراخٍ يعني انتهاء لبنان. من هذا المنطلق، المسؤولية في معظمها تقع على عاتق رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمتنع عن الالتزام بالدستور، وبمجرد الدعوة الى جلسة انتخابية بدورات متتالية، ننتخب رئيساً للجمهورية”، معتبراً أن “كل الأمور واردة، والمعركة كبيرة وعميقة جداً، لذلك، تتخذ أصداء اقليمية ودولية”.

وأشار الى أن ” البرلمان ليس في أجواء حل نفسه أو الاستقالة بكامل أعضائه أو تقصير ولايته لاجراء انتخابات نيابية مبكرة. هذا الموضوع غير مطروح لا من قريب ولا من بعيد”.

وأمل النائب عبد الرحمن البزري أن “نصل الى خواتيم سريعة وايجابية في الاستحقاق الرئاسي، لكن من الواضح جداً أن لا مؤشرات مشجعة من اللجنة الخماسية على الرغم من أن ذلك لا يعني بالضرورة أن هناك خلافاً بين أعضائها كما ليس هناك من جهد داخلي حقيقي”، مشدداً على أن “التشاؤم لا يجوز، والقول ان البرلمان الحالي لا يمكنه أن ينتخب رئيساً، وعلينا انتظار انتخابات نيابية جديدة، غير مقبول لأن من واجبات البرلمان الحالي أن ينتخب رئيساً، وهناك دستور على الجميع الالتزام به، وهو واضح في كيفية انتخاب الرئيس في حال الشغور مع العلم أننا نتمنى أن يأتي رئيس مدعوم من قوى سياسية نيابية من مختلف الشرائح”.

واذ لفت الى أن “لبنان أمام استحقاقات داهمة ستتطلب منا انتخابات رئاسية”، تساءل: “في حال جرت الانتخابات النيابية المبكرة، من يكفل النتائج التي ربما ستتكرر؟”، موضحاً أن “الأزمة في البرلمان هي انعكاس للأزمة السياسية وليس البرلمان هو سبب الأزمة السياسية، لأن القوى التي أدارت البلاد خلال فترة طويلة هي نفسها الى حد كبير التي تعطّل عملية ايجاد صيغة لاختراق الانسداد السياسي. عدم قدرة البرلمان على انتخاب الرئيس هو انعكاس للأزمة السياسية وليس سببها”.

ورأى النائب ميشال موسى أن “كل الأمور أصبحت واردة، في ظل عدم الانتخاب والشغور، لكن أسهل الطرق وأقلها كلفة أن يمضي الجميع في حوار جدي وعميق بين الفرقاء لانتخاب رئيس للجمهورية. لا بد من خطوة الى الأمام، وايجاد القواسم المشتركة حول مواصفات الرئيس القادر على انقاذ البلد في هذا الزمن الصعب”، مؤكداً أن “الأفضل اليوم اللجوء الى المبادرات أو التقارب الداخلي للوصول الى نتيجة في الاستحقاق الرئاسي. هناك خيارات متعددة، لكنها صعبة، وربما تكون مكلفة”.

وقال: “الظروف الصعبة يجب أن تحث الجميع على الاسراع في انتخاب الرئيس، ولا تجوز المخاطرة في خيارات غير مضمونة وغير مكفولة كما لا يجوز التمترس والتشبث بالآراء والمواقف”. واعتبر أن “أفضل ما يمكن اليوم الاسراع في انتخاب الرئيس وليس اللجوء الى خيارات أخرى، وربما أي خيار يكون أفقه أكثر انسداداً، ويوصلنا الى المجهول والى مكان أخطر وأدق مما نحن عليه اليوم. فلنذهب نحو الممكن والأقل خطورة وكلفة مع بعض الجهود في هذا الاتجاه”.

شارك المقال