المبادرات تتكامل… وهناك من “يرش على الموت سكر”

هيام طوق
هيام طوق

على الرغم من الأجواء التشاؤمية التي تخيّم على الملف الرئاسي، لا تزال المحاولات والمبادرات قائمة لتحقيق خرق ما على مشارف السنة من الشغور إن كان في الداخل لناحية الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكدت أوساطه أن دعوته لا تزال قائمة، أو على صعيد المساعي الخارجية بحيث أن الاوساط النيابية والسياسية تترقب عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت في جولته الرابعة على المسؤولين الذين سيحصلون منه على الأجوبة الشافية أو المعلومات الدقيقة حول ما جرى في الاجتماع الثالث للجنة الخماسية الذي انعقد في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وما انتهت اليه المناقشات في ظل اللغط الحاصل حولها.

وتوازياً أيضاً، يترقب اللبنانيون زيارة الموفد القطري الرسمي وزير الدولة محمد عبد الرحمن الخليفي الى لبنان في الخامس من الشهر المقبل والتي يمهّد لها حالياً وفد قطري برئاسة المسؤول الأمني جاسم بن فهد آل ثاني الذي يبحث مع مَن يلتقيهم في كثير من التفاصيل المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، وقيل انه التقى عدداً من الشخصيات ورؤساء الكتل النيابية بعيداً من الأضواء إذ أظهرت تصريحات “الثنائي الشيعي” تشدداً في التمسك بخيار ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

إذاً، في الأيام المقبلة، أي بين أواخر أيلول وأوائل تشرين الأول، ستصل الى بيروت شخصيتان رسميتان تعنيان بالوضع اللبناني، ودولتاهما ممثلتان في اللجنة الخماسية، لكن وسط الحديث عن مبادرة قطرية، بمعطيات وطروح جديدة خصوصاً في ظل ما يُحكى عن أن المبادرة الفرنسية فشلت، وهي في خواتيمها، لا بد من التساؤل: هل ستتقاطع مساعي لودريان مع مساعي الخليفي لتصب في الاتجاه نفسه علهما يتمكنان من حلحلة العقد الرئاسية خصوصاً أن المتحدث الاقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل ويربيرغ نفى أي خلاف بين أطراف الخماسية “لأننا نتفق على ضرورة المضي بالاصلاحات الاقتصادية المطلوبة”، أو أن الطروح القطرية ستعكس الخلافات بين أعضاء اللجنة الخماسية في مقاربة الملف الرئاسي لا سيما وأن قطر تطرح خياراً رئاسياً ثالثاً وأسماء أخرى علها تشكل شبه اجماع لبناني حولها، وبالتالي، ستتحول الساحة اللبنانية الى أرض خصبة للمنافسة بين مبادرتين بمعنى أن “الثنائي” سيعرقل المبادرة القطرية كما تعرقل المعارضة المبادرة الفرنسية، والنتيجة المزيد والمزيد من الاختلاف والخلاف؟

رأى الوزير السابق رشيد درباس في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “المبادرة القطرية تتكامل مع المبادرة الفرنسية ولا تناقض بينهما، والمبادرة الفرنسية اليوم غير المبادرة الفرنسية الأولى إذ تحاول فرنسا حالياً التفتيش عن حل، والحل بخيار ثالث من دون أن تدخل في التسمية. والقطري سمّى شخصاً منذ سنة، واليوم يطرح معه أسماء أخرى”، مؤكداً أن “هذه المبادرات لن تفاقم الخلاف بين اللبنانيين اذ لن نرى فريقاً لبنانياً – قطرياً وفريقاً لبنانياً – فرنسياً، انما سيبقى الاصطفاف على ما هو عليه”.

واعتبر أن “اللجنة الخماسية عملياً تمثل فريقاً واحداً مقابل الفريق الآخر أي فريق الممانعة، وداخل الخماسية كان هناك اجتهاد بحيث أن الفرنسيين ظنوا في البداية أن مبادرتهم التي تعتمد على المقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ستنجح، من دون أن يأخذوا في الاعتبار رأي الطرف الآخر. لذلك، اصطدمت هذه المبادرة بعدم مراعاتها لتوازن المصالح بين كل الأطراف، ولكن لا يمكن القول ان فرنسا انتقلت من الخانة الخماسية الى الطرف الآخر أي ايران، وهي تراجعت عن مبادرتها الأولية، ولا يزال لودريان الوسيط الذي يتحدث باسم الخماسية. وحين لم يصدر أي بيان مشترك عن اجتماع الخماسية في نيويورك، اعتبر اللبنانيون أن هناك اختلافاً بين أعضائها فيما نفى أكثر من طرف وجود أي اختلاف، لكن الفرنسي يريد أن يستأنف مبادرته من حيث انتهى في لقائه الأخير مع المسؤولين في لبنان، والقطري ينطلق في مبادرته على طريقته. إذاً، تخطينا قضية الخلاف بين أعضاء الخماسية الى شيئ آخر بحيث أن القطري ما إن عرض طرحه حتى تعرض للقصف، وكأنهم يريدون أن تدفن المبادرة القطرية قبل أن تولد”.

وشدد على أن “كل ما يحصل اليوم على صعيد الاستحقاق الرئاسي، يدل على أن الطبخة الاقليمية والدولية لم تنضج بعد، ويكفي اعطاء أنفسنا أدواراً أكبر منا، والادعاء أنه يمكننا ايجاد الحل في الداخل لأن ذلك غير دقيق. لا يمكن أن يحصل التسهيل من حزب الله خصوصاً لجهة تمسكه بمرشحه فرنجية الا اذا حصلت المفاوضات الخارجية وأثمرت بين اليمن والسعودية وبين ايران والسعودية وبين ايران وأميركا، ولبنان ليس سوى عنوان لهذه الخلافات ونتيجة متأخرة للاتفاقات. في هذا الوقت، هناك من يرش على الموت سكر. الفريق الآخر يلعب لعبة عض الأصابع، لكن هذه اللعبة خطيرة جداً إذ ان التباين عميق جداً بين الحزب والتيار على الرغم من الحوار القائم بينهما والذي يُقصد منه إبعاد التيار عن التقاطع مع المعارضة وفي الوقت نفسه يستخدم باسيل الحوار للتلويح للمعارضة بامكان أن ينتقل الى الضفة الأخرى”.

وقال درباس: “لا نزال في المناورات العقيمة، واليوم القصف مركز على قائد الجيش العماد جوزيف عون لأن التسوية اليوم تساوي قائد الجيش الذي يتمتع بمقدرة على فرض الأمن بجدارة وباللين كما لديه التجربة الناجحة في إدارة المؤسسة العسكرية اضافة الى أن القوى الدولية التي تلمح الى دعمه لديها امكانات كبيرة لتزويد الاقتصاد اللبناني بالفيتامينات خصوصاً أن القطريين شركاء لنا في التنقيب عن النفط الذي يتطلب استثمارات ضخمة، ولا يمكن المخاطرة بهذه الاستثمارات على أرض متحركة بل على أرض صلبة أي دولة فعلية يمكن أن يمثلها قائد الجيش. وفرنجية لديه المقدرة على بناء الدولة لأنه من صلب الحياة السياسية وتقاليدها كما أن الوزير السابق جهاد أزعور يمكنه فك العقد المالية في البلد. هذه المرحلة بحاجة الى أشخاص مثل هؤلاء”.

أما الوزير السابق فارس بويز فأشار الى أن “من المفترض أن تتم المبادرات على أسس سياسية معينة، وهذه الأسس المتعددة لم تنضج بعد أو لم يحصل التفاهم حولها، منها ما هو داخلي ومنها ما هو اقليمي ومنها ما هو دولي. والبرهان أن هناك تباينات كبيرة حتى داخل الصف الواحد وعلى سبيل المثال هناك وجهتا نظر فرنسيتان في ما يتعلق بالمبادرة الفرنسية اذ يبدو أن هناك وجهة نظر يطرحها قصر الاليزيه، كما هناك وجهة نظر مطروحة من جهات أخرى. من هنا، مهمة لودريان ليست واضحة بالنسبة اليه أولاً قبل أن تكون واضحة بالنسبة الى للبنانيين. ثم هناك وجهات نظر مختلفة بين أميركا والمملكة العربية السعودية. صحيح أن الكلام عن خلاف داخل الخماسية ليس في محله، لكن هناك تباين في وجهات النظر، وأميركا ليست متحمسة كثيراً للتفاهم السعودي – الايراني، وهي ليست بصدد تسليم المملكة كامل الأوراق لبت موضوع الرئاسة، واستعادت في الأسابيع الأخيرة نوعاً من دور لها في هذا السياق”.

أضاف: “قبل الدخول في المبادرات التي تتطرق الى التفاصيل والأسماء، هناك بعض الأسئلة: ماذا سيفعل الرئيس المقبل؟ وكيف سيتعاطى مع الملف النفطي؟ وكيف سيتعاطى مع ملف ترسيم الحدود البرية؟ وكيف سيقارب قضية اللاجئين السوريين؟ كل هذه المواضيع لا تزال غامضة حتى الساعة، لذلك، المبادرات التي تحصل غير مستندة الى أفق حقيقي”.

شارك المقال