الأماكن الساخنة في الحرب وفق أجندة اسرائيل… لبنان كله قد لا يكون آمناً

محمد شمس الدين

منذ بدء الصراع العربي – الاسرائيلي منذ ما يقارب الـ 70 عاماً، كان لبنان عرضة للاعتداءات الاسرائيلية، تلتها حروب واجتياحات. القرى المتاخمة للحدود كانت أكثر المناطق سخونة في هذه الاعتداءات بذريعة أن الفصائل المقاومة الفسلطينية واللبنانية تنفذ عمليات إطلاق صواريخ باتجاه أهداف للعدو في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشنت اسرائيل على لبنان عدة حروب تضمنت اجتياحين، وأبرز تلك الحروب كانت “عناقيد الغضب” في 1996 وحرب تموز 2006، واجتياحي 1978 و1982، واختلفت أهداف اسرائيل في كل حرب وفق الأجندة التي سعت إليها، إلا أن بعض المناطق كانت دائماً تتعرض للاعتداء الاسرائيلي لاسيما المتاخمة للحدود وبعض المناطق الأخرى ذات الأهمية الاستراتيجية، بالاضافة إلى البنى التحتية من جسور وطرق وهوائيات إرسال ومحطات كهرباء.

في العام 1978 وفي لحظة الاجتياح، بدأ العدو الاسرائيلي بقصف قرى بنت جبيل، مارون الراس، يارون، الطيبة، الخيام وراشيا الفخار وبعدها تقدم باتجاه عدة قرى في وقت واحد هي: المطلة – مرجعيون والخيام وإبل السقي، والعديسة – الطيبة – رب الثلاثين – مركبا مارون الراس، وبراعم يارون – بنت جبيل، وقطمون -رميش عين إبل، ويعرين – جبين – شمعة – طير حرفا، وصولاً إلى رأس الناقورة – رأس البياضة.

ودعم الطيران الاسرائيلي منذ الساعات الأولى الأعمال القتالية البرية بطلعات استطلاع وإنارة وقصف. كذلك، قامت السفن الحربية الاسرائيلية، بقصف ميناء صور، ومخيم الرشيدية الفلسطيني، وأنزلت جواً قوة من المشاة تقدر بحوالي سرية معززة، في منطقة العزية، جنوب مدينة صور بحوالي 10 كيلومترات.

أما اجتياح 1982 فقد بدأ بقصف جوي ومدفعي كثيف على مدينة صيدا وقرى النبطية والدامور وتبنين وأرنون وقلعة الشقيف الاستراتيجية. ودخل الجيش الاسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 حزيران، ووفق ما أشار المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة تيمور غوكسيل في حينه، فإنه “في تمام الساعة 10:35 صباحاً ليوم 6 حزيران 1982 اقتربت 13 دبابة ميركافا عند جسر الحمراء الفاصل وكان هناك في تلك اللحظة 6 جنود هولنديين عند الحاجز حاولوا منع الدبابات من التقدم بوضع عوائق على الطريق ولكن جنود الجيش الاسرائيلي استمروا بالتقدم هاتفين: نحن آسفون هذا غزو. تمكن الهولنديون الستة من إعاقة تقدم دبابتين بصورة مؤقتة لكن هذا لم يدم طويلاً فقد تلى الدبابات الأولى 1,100 دبابة أخرى. تقدمت القوات الإسرائيلية على عدة محاور تجاه العاصمة بيروت، واحتلت قلعة الشقيف لتسقط المدن اللبنانية بعدها تباعاً بدءاً من صيدا وصور وصولاً إلى بيروت”، على الرغم من أن القوات الاسرائيلية تعرضت لمقاومة عنيفة في الطريق.

وفي أول حرب من دون اجتياح للأراضي بدأت “عناقيد الغضب” في نيسان 1996، وقصفت اسرائيل القرى الحدودية الجنوبية، جزء منها استهدف مواقع لـ “حزب الله” والجزء الآخر هدف الى تأليب الرأي العام ضد الحزب، وحاصرت موانئ بيروت وصيدا وصور، بالإضافة إلى قصف عنيف استهدف محطات توليد الكهرباء، في الجمهور.

وفي حرب تموز 2006 كانت أهداف اسرائيل معاقبة كل لبنان بسبب “مغامرات حزب الله”، بحيث سعت الى استغلال الأزمة الداخلية والانقسام في البلد إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما خلفه من نقمة ضد الحزب وسوريا، فشنت حرباً مدمرة بدأت بقصف عنيف لعدد من البلدات الجنوبية: رامية، رميش، يارون والسلطانية، ثم بدأت بارتكاب المجازر في العديد من البلدات الأخرى: الدوير، البازورية، زبقين، طيردبا والناقورة، بالاضافة إلى ضرب البنى التحتية من جسور وأبراج اتصالات بداية في الجنوب وبقية المناطق لاحقاً مع توسع رقعة الحرب، لتفرض حصاراً بحرياً وجوياً على لبنان عبر قصف المطار ومنع عمل المرافئ وقصفها لاحقاً.

أما في العمليات البرية، فاختارت اسرائيل العمل في القطاع الأوسط من الجبهة لأنه المحور الأفضل لها عسكرياً وسياسيا (القطاع الشرقي يجعلها في تماس مع سوريا، وهي لا تريد ذلك في تلك المرحلة من مراحل الحرب، والقطاع الغربي يعطي مزايا أكبر لعمل المقاومة) لذلك كان اختيار مكان الاجتياح البري هو العمل في القطاع الأوسط وكانت منطقة مارون الراس -عيترون- بنت جبيل هي المنطقة التي وقع عليها الاختيار لتنفيذ المهمة، ودفعت بقوة مدرعة بحجم كتيبة لاجراء عملية الاستطلاع والتوغل باتجاه بنت جبيل، بالتزامن مع قصف عنيف طال البلدات قبل بدء التوغل.

منذ بدء التوتر الحالي جنوباً تشهد القرى الحدودية قصفاً على أطرافها، إلا أن الاعتداءات لم ترتقِ الى مرتبة الحرب بعد، وفي حال تدهورت الأمور نحو حرب بين لبنان واسرائيل، فأولى الأماكن الساخنة هي البلدات الحدودية. أما إذا وضعت اسرائيل في أجندتها محاولة قلب البيئة الحاضنة لـ “حزب الله” ضده فقد تشن هجمات تحقق أكبر قدر من الدمار والقتل، وتستهدف المجمعات السكنية في الجنوب والضاحية الجنوبية وبعلبك، وقد تسعى اسرائيل إلى تأليب الرأي العام اللبناني عموماً ضد الحزب، الذي حضر خطة نزوح لبيئته، ما يدفعها إلى قصف تجمعات النازحين في مناطق لم تكن تستهدفها في الحروب السابقة، كمحاولة لتأليب من هم ضد الحزب ضد النازحين من مناطقه.

شارك المقال