إسرائيل تحجب “الجزيرة”… رداً على مكاسب فلسطين عالمياً

آية المصري
آية المصري

اسرائيل التائهة التي تحاول جاهدة أن تثبت للعالم أجمع أنها ضحية الفلسطينيين على مدار السنوات أي منذ العام 1948، انكشفت كذبتها وروايتها منذ 7 تشرين الأول على يد كل فلسطيني حرّ حاول إظهار الحقيقة بطرق مختلفة، ولعبت وسائل الاعلام والسوشيال ميديا الدور الأكبر في نقل الصوت والصورة والكلمة الحرّة.

صورة الدمار والخراب والقصف الجنوني البعيد كل البعد عن الانسانية، صورة المجازر التي تُرتكب بحق الفلسطينيين والدفن الجماعي، صورة الأم التي تحاول أن تتعرف الى جثة إبنها الضائع، وصورة الأخت التي تنادي أخيها الذي فارق الحياة بسبب الوحشية الاسرائيلية، صورة الطفل التائه ويداه الملطختان بالدماء المتناثرة في كل مكان، جميعها نُقلت الى العالم فتحولت الى تضامن من مختلف الدول ولا سيما الأوروبية التي رددت شعوبها جملة واحدة “فلسطين حرّة، أوقفوا اطلاق النار”.

كل هذه التحركات الشعبية الواسعة التي اجتاحت العالم أخافت اسرائيل الغاشمة التي يُصنف جيشها بأنه الجيش الذي لا يُهزم، فحاولت اسكات السلطة الرابعة عن طريق قطع الانترنت والاتصالات عن قطاع غزة في بداية الحرب، صحيح أن أسلوبها هذا فشل، وبعدما قصفت البرج الذي يضم المكاتب الصحافية واصلت اجرامها هذا حتى قررت إغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” في اسرائيل وحجب بثها في الأراضي المحتلة. وتزامن هذا القرار التعسفي مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما يدل على استمرارها في حرب الابادة وكم أفواه من يعترض على أسلوبها ويرفض سياستها، مع العلم أن قناة “الجزيرة” كانت تنقل وجهتي نظر اسرائيل وحركة “حماس”، مع اعطاء الحيز الأكبر للجانب الفلسطيني ولنقل أوجاع الشعب المكلوم.

هذا القرار لاقى استياء ورفضاً كبيراً وادانات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف رآه بعض الاعلاميين؟

الاعلامية سمر أبو خليل أكدت في حديث الى موقع “لبنان الكبير” أن “أكثر ما يخيف اسرائيل هو الصورة والكلمة، وأكثر ما فضحها هو الصورة وكلمة الحق، لأن هذا الاعلام نقل هذه المجازر وأظهر هولها. وهذا ليس بجديد على اسرائيل فهذا الكيان منذ العام ١٩٤٨ حتى اليوم قام على المجازر والدم والخراب ولكن الشعب لم يكن يرى هذا الوجه لأن الصهيوني كان ينجح في أن يظهر ما يريد اظهاره بأنه المظلوم وحقوقه متآكلة والفلسطيني هو من يهدده، ويحاول تصوير أن الفلسطينيين هم الارهابيون وأن لا أحد يتقبله بحيث كان يتمسكن. وكانت المرة الأولى التي ينكشف فيها على حقيقته، وفي كل الحروب التي مرت على فلسطين من العام ١٩٤٨ الى اليوم هذه أكثر مرة يعي فيها الرأي العام العالمي القضية الفلسطينية ويكشف الوجه الحقيقي لاجرام الاحتلال، والعالم كله وقف نتيجة الكلمة والصورة والسوشيال ميديا التي ساعدت على نقل ما يحصل”.

وقالت: “اسرائيل منذ طوفان الأقصى ركزت على استهداف الصحافيين والجزيرة تحديداً لأنها قادرة على الخرق والوصول الى كل المناطق، وبصورة دائمة من شيرين أبو عاقلة وغيرها، كان طاقم الجزيرة يتعرض للمضايقات، سامر أبو دقة، وائل دحدوح ونجله، وهناك عدد كبير من الصحافيين تعرضوا لمضايقات اسرائيلية”.

وأشارت الى أن “أكثر مؤسسة اعلامية استهدفت هي الجزيرة وأول مبانٍ سقطت في غزة كانت المباني الموجود فيها الوكالات والتلفزيونات والصحافة العربية والأجنبية، مع العلم أن أول مبنى سقط في غزة استهدفته اسرائيل هو مبنى الاعلام، وبالتالي من الواضح أنها أرادت إسكات الصوت لكي تتجنب الفضيحة، لكن الفضيحة تمت والحمد لله والاعلام نجح في فضحها وتبيان الحقيقة وخلق وعي لدى الرأي العام العالمي”.

الاعلامي يزبك وهبة اعتبر أن “القرار الاسرائيلي له بعدان، القانوني والسياسي، في الأول تضييق وقمع كبير لحرية الصحافة، والبعد السياسي هو نوع من الضغط على قطر التي تقود مفاوضات بين اسرائيل وحركة حماس، ولا أستعبد أن ما يحدث في رفح له جزء من الضغط في السياسة لتحسين شروط المفاوضات على الأرض، والأمر نفسه مع قناة الجزيرة وهذا ضغط غير مقبول وكذلك التعاطي مع حرية الصحافة، خصوصاً وأنها تنقل ما يحدث ووجهتي النظر، مع العلم أنها تقف الى جانب الشعب الفلسطيني”.

وقال وهبة في حديث الى موقع “لبنان الكبير”: “كاعلام في دولة تُصنّف نفسها بأنها تؤمن بالحريات، عليها أن تحافظ على كل المؤسسات الاعلامية ولكن على ما يبدو أن اسرائيل تهشمت كثيراً في الفترة الأخيرة، والجزيرة جزء من وسائل الاعلام التي تنقل الصورة الواقعية على الأرض، وبطبيعة الحال لم تلائم اسرائيل، مع العلم أن هذا التهديد سمعناه في الأسبوع الثاني من الحرب على غزة، وكانت اسرائيل أخرّت تنفيذه واليوم نفذته، وهو قمع للحرية ولكن الصورة ستصل بطرق متعددة ولا يمكن لاسرائيل أن تمارس قمعها”.

وأشار الى أن ما حدث مع “الجزيرة” هو “بمثابة رسالة الى قطر في السياسة نظراً أيضاً الى كون الجزيرة نسبة مشاهدتها هي الأعلى في العالم العربي، واعتبرت حماس أن وصول الصورة من الجزيرة شيء مهم جداً وهذا يضر اسرائيل التي تعتبر أن هذه القناة منبر واسع الانتشار في العالم ولذلك قررت التسكير عليها، وهذا ليس بتسكير جزئي لأن هناك منصات أخرى وناشطين أوصلوا الصورة الى كل العالم وكان تأثيرهم كبيراً لمجرد اتقانهم اللغة الانكليزية، ومن كان لا يجيدها فهناك ترجمة وتنقل على الأرض”، مشدداً على أن “هذا الاجراء يضرب حرية الاعلام، لكنه لن يؤثر كثيراً وتأثيراته محدودة على ما يتابعه العالم من جرائم تقوم بها اسرائيل”.

أما الاعلامي بسام أبو زيد فلفت الى أن هذا القرار “يدخل في اطار منع ايصال الصورة كاملةً لما يجري في فلسطين، وبالتالي يتعارض مع حرية الاعلام والرأي والرأي الآخر ويتعارض مع الحرية الاعلامية. وهذا الحدث مستنكر ومن ليس لديه شيء يخبئه لا يخاف من الصورة، أما من لديه شيء فيخاف من الصورة والكلمة”، موضحاً أنه لا يرى في هذا القرار رسالة الى قطر، بل له علاقة أكثر بالعمل الاعلامي.

شارك المقال