هل تفضي الضغوط الخارجية إلى تمديد المجلس للعماد عون؟

زياد سامي عيتاني

بعدما تعذر على الحكومة إصدار مرسوم يقضي بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون أو إعداد مشروع قانون تحيله على البرلمان تطلب فيه التمديد له نظراً الى الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، فإن الكرة باتت حكماً في ملعب المجلس النيابي، لتفادي الفراغ في موقع قائد الجيش. ففي الوقت الذي تُواصل فيه إسرائيل تهديداتها لجنوب لبنان، وسط المخاوف من إشتعال هذه الجبهة مع تصاعد وتيرة الاشتباكات وتوسعها، ما يستدعي تحصين المؤسسة العسكرية، وعدم إقحامها في الفراغ، فإن رئيس “التيار الوطني الحر”، ولأسباب “إنتقامية” تمادى وأمعن بكل “وقاحة” تعكس عدم تمتعه بالحس الوطني في الحؤول دون تمكين حكومة تصريف الأعمال من التمديد المؤقت للعماد عون، وذلك لإبعاده عن السباق إلى رئاسة الجمهورية، في ضوء إرتفاع حظوظه من جهة، وإرتياح المجتمع الدولي الى دوره على رأس المؤسسة العسكرية من جهة ثانية.

وموقف باسيل هذا، إضافة إلى أنه لا يعير اهتماماً للمخاطر التي تهدد الجبهة الجنوبية، ما يقتضي أن يكون الجيش الوطني في حالة جهوزية تامة، تتطلب الاستقرار على صعيد قيادته، فإنه غير آبه أيضاً بتهديد صيغة الميثاق الوطني، إذا ما وقع الشغور في قيادة الجيش، الذي سيعني شغور مختلف المواقع المارونية العليا من رئاسة الجمهورية، وحاكمية “المركزي” وقيادة الجيش، وهو موقف يعبّر عنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

ولتفادي الشغور، ثمة حلان للتمديد شرط قبول قائد الجيش:

  1. إصدار مجلس النواب قانوناً يعدل السن القانونية لتسريح قائد الجيش.
  2. لجوء وزير الدفاع إلى التمديد لقائد الجيش طالما أن البلاد في حالة “من الحرب” مع اسرائيل.

ولأن وزير الدفاع “الباسيلي” يرفض التوقيع على مرسوم التمديد سنداً للمادة 55 من قانون الدفاع الوطني التي تنص على إمكان الذهاب إلى تأجيل التسريح في حالتين: في وضع اعتلال لم يبت فيه، وبناء على قرار وزير الدفاع المبني على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارئ، وعند عمليات حفظ الأمن، لذلك، الخيار الوحيد المتاح للتمديد تعديل السن القانونية لتسريح قائد الجيش.

ويجب التنبه في هذا الاطار، إلى أن مرسوم القانون حول السنّ القانونية للتسريح، لم يشمل أحكاماً تتعلق بتمديد سن التقاعد، ما يستوجب ضرورة صدور تشريع يسمح بالتمديد، وسبق أن حصل ذلك في عهد رئيس الجمهورية الأسبق إلياس الهراوي. كما يُعدل وفقه، ولمرة واحدة فقط، سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد، ليصبح 63 بدلاً من 60 سنة، علماً أن قانوناً صدر في عهد الرئيس ميشال عون سنة 2021، أرجأ فيه تسريح عقداء في الجيش الى حين بلوغهم سن الـ58.

لذا، فإن الرئيس نبيه بري سيدعو إلى جلسة تشريعية الخميس المقبل في 14 كانون الأول الحالي، وإذا لم تكن الحكومة قد حسمت موضوع التمديد لقائد الجيش، فعندها سيقوم البرلمان بالمهمة عبر تعديل قانون الدفاع لتأجيل التسريح بما يتناسب مع صلاحيات مجلس النواب، علماً أن مصادر مقربة من بري تؤكد أن جدول الأعمال لن يكون مقتصراً على هذا البند، إنما سيتضمن عشرات إقتراحات القوانين، وسيكون تأجيل التسريح البند الأول ضمن هذه الإقتراحات التي تحمل صفة المعجلّ المكرر.

وتبدو المصادر واثقة من أن نصاب الجلسة المحدد بـ65 صوتاً سيكون مؤمناً، مذكرة بأن كتل “القوات اللبنانية” و”اللقاء الديموقراطي” و”الاعتدال الوطني” قدمت إقتراحات في هذا الشأن، ما يؤكد مشاركة أعضائها في الجلسة، والأمر نفسه بالنسبة إلى حركة “أمل” و”حزب الله”، إضافة إلى عدد لا بأس به من النواب التغييريين والمستقلين.

وتربط مصادر مطلعة، بين دعوة بري المجلس النيابي الى التمديد لقائد الجيش، وبين الضغوط القطرية – الأميركية من أجل التمديد، من خلال التهديد بوقف المساعدات المقدمة للجيش اللبناني وتأثيرها على القرارات التي تحكم عمل المؤسسة العسكرية، الأمر الذي دفع “الثنائي الشيعي” الى حسم خياره بالتمديد للعماد عون، تزامناً مع توافق الأطراف الخارجية مع غالبية القوى الداخلية على مسألة التمديد، بسبب ما تفرضه الأوضاع التي تشهدها المنطقة. فهل يتمكن المجلس النيابي من التمديد لقائد الجيش، من خلال تعديل المادة 56 من قانون الدفاع، في جلسة 14 الجاري، أم يطاح بالجلسة، ويدخل لبنان الفراغ “الماروني” الثالث، ببلوغ العماد عون السن القانونية؟

شارك المقال