قانون “الكوتا النسائية” على سكة التنفيذ… ٣٠ – ٥٠٪ في المجالس البلدية

راما الجراح

إقتراح قانون “الكوتا النسائية” الذي يهدف إلى تحسين التمثيل النسائي في لبنان، يعتبر من الأضعف على مستوى العالم في المرتبة ١٧٤ على ١٩٠ بلداً من ناحية التمثيل النسائي في مجلس النواب. وكلما اقترب استحقاق انتخابي، يعود ملف “الكوتا” إلى الواجهة، ومع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والاختيارية المرتقبة في أيار ٢٠٢٤، تستمر مساعي الجمعيات المدنية والمنظمات للمطالبة بإقراره.

ولتغيير هذا التصنيف، وضع القانون على سكة التنفيذ مع توقيع ١٠ نواب من ٥ كتل نيابية على اقتراحه في المجالس البلدية للمرة الأولى في لبنان، مع غياب كتلتي “حزب الله” و”القوات اللبنانية” عن التوقيع، ليسلك طريقه الى المناقشة في اللجان النيابية بعد تلبية دعوة من برنامج الأمم المتحدّة الانمائي UNDP ومنظمة “فيفتي فيفتي”. يستبعد مصدر نيابي عبر “لبنان الكبير” تمرير القانون في الجلسات المقبلة، “وحتى اليوم ليس هناك ما يؤشر إلى إجراء الانتخابات البلدية المقبلة”.

تعزو رئيسة منظمة “فيفتي فيفتي” جويل أبو فرحات سبب غياب “القوات اللبنانية” عن التوقيع على القانون الى اعتبارها أن المرأة لا تحتاج الى “كوتا”، أما بالنسبة الى “حزب الله” فلم يوقع ولكن الايجابية أنه لم يرفض ولكنه لن يعارض، بحسب عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، ما يعني أن حلفاءه لن يعرقلوا مسار القانون.

وتوضح أبو فرحات لـ”لبنان الكبير” أن “هذه الكوتا، تحديداً وفي المجالس البلديّة قد جاءت على قياس القانون الأكثريّ، وبالتّالي يُمكن إجراء التّعديلات على القانون الحاليّ ما يسهل الطريق ويختصره من دون أي جدل سياسي”، مؤكدة أن “لا علاقة بين تأجيل الانتخابات البلدية والقانون، ويمكن إقراره مهما كانت الظروف ويُطبّق عند أول استحقاق انتخابي”.

ويعتبر لبنان من الدول العربية المتأخرّة جداً في تشريع قانون الكوتا النسائية بعدما عملت به العراق، البحرين، مصر، الأردن والمغرب. وترى الحركة النسائية في لبنان أن “الكوتا” هي السبيل لإشراك النساء في صناعة السياسة العامة، خصوصاً أن اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” نصت في مادتها الرابعة التي صادق عليها لبنان على أنه “لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً…”، أي تقوم “التدابير الايجابية الخاصة” على مبدأ تخصيص مقاعد للنساء في مراكز صناعة القرار.

أمام هذا الاقتراح مسار طويل، وفي حال تحقق سيؤدي إلى تمثيل إجمالي للنساء يقدر بحوالي ٤٠٪ في جميع البلديات، فهل ينجح هذا الاقتراح في مجلس النواب ليصل إلى الانتخابات البلدية المقبلة المقرر إجراؤها في أيار ٢٠٢٤؟

يعتبر الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين، الذي عمل على تطوير اقتراح قانون “الكوتا” إلى جانب عدد من الخبراء القانونيين أن “دور المرأة في الحياة العامة والمجلس النيابي والبلديات مفقود وبالتالي في ظل العقلية الذكورية المسيطرة في مجتمعنا، مستحيل تفعيل دور المرأة من دون الكوتا النسائية ومشاركة الرجل في المجلس البلدي والنيابي. البعض يعتبر أن هذه الكوتا إجحاف بحق المرأة ولكنها وسيلة مؤقتة لتعزيز حضورها، فبعد وجودها في دورتين أو ثلاث داخل المجالس البلدية أو النيابية يتعزز وجودها وبالتالي نستغني عن الكوتا التي تعتبر وسيلة وليست هدفاً”.

وبالنسبة الى اقتراح القانون، يشرح شمس الدين لـ”لبنان الكبير”: “تم تخصيص كوتا بنسبة ٣٠ في المئة من المقاعد في مجالس البلديات التي تضم ٩ و١٢ عضواً، وكوتا بنسبة ٥٠ في المئة في مجالس البلديات التي تضم ١٥، ١٨، ٢١، و٢٤ عضواً، ويشترط أن يكون رئيس البلدية ونائبه من جنسين مختلفين”.

ويضيف: “لدينا ١٢ ألفاً و٧٧١ عضواً داخل ١٠٦٢ بلدية على صعيد لبنان، تصل فيها نسبة النساء إلى ٤٢ في المئة، بينما النسبة لا تتعدى ٦ في المئة بعد الانتخابات البلدية الأخيرة عام ٢٠١٦”.

وعن إمكان إقراره في المجلس النيابي، يقول: “يمكن اعتبار أن الكتل النيابية موافقة على إقراره ما عدا حزب الله والقوات، وعليه يمكننا القول ان هناك شبه إجماع نيابي وطائفي على هذا القانون، وسننتظر ادراجه على جدول أعمال اللجان النيابية، وفي مراحل لاحقة هناك جلسة عامة للمجلس نأمل إقرار القانون فيها، ولكن أتوقع أن الوقت داهمنا واحتمال عدم خوض إنتخابات بلدية في العام المقبل وارد جداً في ظل الأحداث الأمنية المتوترة على الحدود”.

أما المنسقة العامة لقطاع المرأة في تيار “المستقبل” مي طبال فتشير عبر “لبنان الكبير” إلى أن “مطلبنا اليوم اعتماد الكوتا النسائية المؤقتة، وكل الدول التي نجحت في إيصال المرأة إلى مراكز القرار اعتمدت على هذا المطلب. برأينا أن اعتمادها لمدة ١٠ سنوات كفيل باثبات مدى جدية المرأة في التعاطي مع الأمور السياسية وقضايا المجتمع، وسيرى الجميع انجازاتها والدور الذي ستلعبه في المجلس البلدي تحديداً، وتكون تجربة جديدة. الخطوة الايجابية أن الأحزاب بدأت تتشجع لترشيح المرأة، والرئيس سعد الحريري كان أول مَن أوصل الوزيرة السابقة ريا الحسن إلى وزارة المالية وبعدها الداخلية، وإدخال العنصر النسائي إلى المجلس النيابي من خلال النائبتين ديما جمالي ورولا الطبش”.

وترى طبال أن “توقيع عدد من النواب على القانون خطوة إيجابية وكبيرة”، لافتة الى “أننا نقوم بزيارة القوى السياسية والكتل النيابية إلى جانب منظمة فيفتي فيفتي، وتلقينا منها ترحيباً كبيراً بإقرار القانون، وكانت آخرها زيارة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الذي أبدى تأييد تيار المستقبل لاقتراح القانون، وأكد دعمه لتفعيل دور المرأة في الحياة السياسية والعمل النيابي والبلدي والحزبي، في سياق مبادئ التيار وثوابته بالحرص على المشاركة الفاعلة للمرأة في الشأن العام”.

شارك المقال