قصور العدل في لبنان تعاني “مقومات الصمود”

حسين زياد منصور

ما سيرد في هذا التقرير الآن ليس سبقاً صحافياً، بل هو برسم المعنيين، لعلهم يستفيقون من الغيبوبة التي يغرقون فيها.

لبناء دولة عادلة، سيدة، حرة، مستقلة، يجب أن يكون القضاء هو الأساس، أو بمعنى أصح، هو الدعامة الأساسية. بعيداً عن قضية الرواتب والأجور، والأزمة الاقتصادية، لا ملامة على القضاة أو المحامين أو الموظفين الموجودين في قصور العدل إن أعلنوا الاضراب أو الاعتكاف، ورفض الدخول الى قصر العدل.

بين قصر العدل وبقية الادارات والمؤسسات العامة، الحال قد تكون واحدة، لكن واقع قصر العدل في عدد من المناطق، لا يمكن وصفه بالمزري وحسب، بل يتعدى ذلك بأشواط. والحالة هذه ليست مبنية على تكهنات أو افتراضات، بل كانت نتيجة جولات قام بها “لبنان الكبير”، الى جانب معلومات ومواقف حصل عليها الموقع من قضاة ومحامين وموظفين، يعايشون هذه المشكلات يومياً.

وتجدر الاشارة الى أن حالة كل قصر عدل تختلف عن الأخرى، في جبيل وجونية، يعد وضعها جيداً، لأن البلديات تهتم بها، اما في بعلبك مثلاً فوضعها سيئ، وكذلك الأمر في طرابلس.

وقصر العدل في صيدا وضعه ليس جيداً أبداً، بينما في بيروت الوضع مقبول نوعاً ما، وفي بعبدا المشكلة قديمة و”تاريخية”، والوضع ليس جيداً أيضاً، فالمبنى قديم.

هذا التقويم انطلاقاً من المعلومات والمشاهدات التي حصل عليها “لبنان الكبير”.

العدالة تعاني لوجيستياً

يأسف المحامي الدكتور هيثم عزو لما وصلت اليه العدالة في لبنان “التي تعاني لوجيستياً من مقومات الصمود”، مشيراً الى “أننا نرى أحياناً في قصور العدل حشرات وأفاعي وحيوانات كالقطط”.

لا يستثني عزو في حديثه طوفان قصور العدل، والفيضانات التي تشهدها وتشكل “مستنقعات” مائية، طبعاً من دون نسيان “العفن” و”النش” في قاعات المحاكم. والأهم برأي عزو الى جانب كل هذه المصائب “القمامة والزبالة التي تغزو المباني”.

“يا محلى المراحيض الموجودة في السجون، أمام تلك الموجودة في قصر العدل، اذ لا يمكن الدخول اليها مطلقاً” بحسب عزو، الذي يؤكد أن عدم تهيئة المناخ الصحي للعاملين في قصور العدل يسبب أمراضاً ويؤدي الى نقل العدوى، وكذلك للقضاة والمحامين، وكل من يدخل اليها، مشيراً الى أن كل ذلك ينعكس معنوياً على سمعة لبنان في هذا المستوى ويرتد بالضرر على القضاة والمحامين.

اهمال كبير

بعد جولة لـ “لبنان الكبير” في قصر العدل في احدى المناطق، ومعايشة ما يحصل مع الموظفين هناك، تبين أن لا وجود لـ “كهرباء الدولة”، كهرباء الطاقة الشمسية متوافرة، وتنقطع عند الساعة الثانية من بعد الظهر، مع الاشارة الى أن تركيب نظام الطاقة الشمسية قامت به نقابة المحامين.

“لمبة” و”بريز” واحد في كل قلم، ولكن ليس في كل الأقلام، بل الأقلام الداخلية، اما الأقلام عند الأطراف فلم يوصلوا اليها الكهرباء على اعتبار أنها خارجية ويدخلها ضوء الشمس. لا مكان للاستراحة، للانتظار، للطعام أو الشراب.

“الواقع مزرٍ. والوزارة لا ترد علينا. لا أحد يسأل”، بحسب أحد الموظفين. وكما أشار في حديثه المحامي عزو، أكد الموظف أن لا وجود لحمامات صالحة بصورة كاملة، لا مياه في الحمامات، حتى في حمامات النساء. وتتم تعبئة المياه في السطل لاستعمالها عند الحاجة”. ومتى توافرت المياه، عندما تكون هناك كهرباء، والتي تتوافر لساعتين في اليوم أحياناً، عندها تعبّأ هذه “السطول” الموجودة كي يتم استخدامها.

وعن وجود مستخدمين أو عمال نظافة، لفت الى أن “هناك 4 مستخدمين يأتون في أوقات العمل ساعتين فقط، يقومون ببعض الأعمال ويرحلون، يعملون بقدر الأموال التي يحصلون عليها، وفي فترة سابقة، كان الموظفون يجمعون بعض المال في ما بينهم أي لمية، كي يعطوها لهؤلاء المستخدمين”.

كلمات البحث
شارك المقال