لماذا لا تشن أميركا الحرب على “المحور”؟

محمد شمس الدين

منذ الثورة الايرانية الناجحة عام 1978، شكلت الجمهورية الاسلامية عقبة للمصالح الأميركية في المنطقة، بل أكثر من ذلك استطاعت ايران خلال فترة 46 عاماً أن تكون لها قوى حليفة منتشرة في منطقة الشرق الأوسط، من الحوثيين في اليمن إلى “حزب الله” في لبنان، وتستطيع بها، تهديد لا المصالح الأميركية وحسب بل حتى العالمية، وهذا ما حصل منذ بداية الحرب على غزة منذ 7 تشرين الماضي، بحيث بدأ “حزب الله” بحرب استنزاف في جبهة جنوب لبنان في وجه اسرائيل، فيما شن الحوثيون هجمات في البحر الأحمر “هدفها شل الحركة التجارية الاسرائيلية”، وشكلوا خطراً على التجارة العالمية لدرجة أن قراراً في مجلس الأمن صدر بإدانتهم، وشنت أميركا وبريطانيا ضربات ضد مواقعهم في اليمن كمحاولة لردعهم من تنفيذ هجمات جديدة.

وعلى الرغم من أن ايران تحل في المرتبة 14 في القوة العسكرية عالمياً وفق “غلوبال فاير”، إلا أنها ومع حلفائها ليسوا أقوى من أميركا والناتو فعلياً، بحيث أن حرباً شاملة ضد “محور المقاومة” ستنتهي بفوز “الناتو” فما الذي يردع أميركا عن شن هذه الحرب، بل حتى عن شن حرب شاملة ضد أي بلد من أركان المحور؟

اللواء عبد الرحمن شحيتلي يشير في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “استرايجية أميركا والحلف الأطلسي، تعتمد على القصف من بعيد، وليس على نشر جنود على الأرض، وبالتالي هذا الأمر لا يحسم الحرب ولا ينهي المحور، مهما كانت القدرة النارية عالية ومدمرة”.

أما عن سبب عدم نشر جنود في الميدان، فيقول شحيتلي: “لا تستطيع أميركا أو بريطانيا أو دول الناتو تحمل توابيت جنودها تصل إلى بلادهم، والجيش الاسرائيلي الوحيد المنتشر على الأرض الآن هو الجيش الاسرائيلي، وها هي الحرب تخطت الثلاثة أشهر ولم تستطع اسرائيل تنفيذ أهدافها، بل ان هناك شكوكاً حول حجم الخسارة البشرية التي تتكبدها، لأن القوى الفلسطينية تنشر مقاطع استهدافات الجنود الاسرائيليين، ما يدفع الى الشك بأن اسرائيل تخفي عدد قتلاها، أو أن هذا الاخفاء بسبب قتال مرتزقة معها”.

ويلفت شحيتلي الى أن “الحديث عن غزة اليوم هو شكل التسوية، ولذلك انتشار جنود الحلف الأطلسي على أرض الميدان مستبعد، كون الحرب من شبه المستحيل حسمها، على الأقل ليس في وقت قصير بحيث ستأخذ سنوات طويلة إن شنت حرب على كل المحور، فإذا كانت غزة، المساحة الصغيرة المحدودة، المحاصرة، والمسطحة التي ليس فيها جبال، وذات الكثافة السكانية العالية على الرغم من كل هذا القصف لم يتحقق فيها الهدف من المعركة، فلك أن تتصور اليمن ذا المساحات الشاسعة والجبال والوديان، ولك أن تتخيل الوضع في لبنان، حيث يمتلك حزب الله خطوط إمداد مفتوحة، لا يمكن تصور شكل المعركة ولا كم قوة المقاومة فيها ولا الأسلحة الموجودة لديها، وبالتالي لن تلجأ أميركا والناتو الى حرب شاملة على المحور، بل ستحاول الوصول إلى تسوية مكاسب متبادلة، وقد توجه ضربات الى المحور في المنطقة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، أتوقع أن تتركه أميركا الى النهاية، إلا أنها ضربات تحسين شروط التفاوض”.

اضافة إلى كل ذلك، هناك عدة عوامل أخرى تمنع هذه الحرب، بدءاً من الكلفة على التجارة العالمية، بحيث أن مجرد قصف اليمن بالأمس، ارتفعت أسعار النفط 2.5%، فكيف بحرب شاملة لا يمكن فيها الملاحة في الشرق الأوسط، لا سيما أن ايران تسيطر فعلياً على مضيق هرمز، ويستطيع الحوثيون تهديد الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، عدا عن القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة التي ستصبح تحت التهديد المباشر في الحرب، ناهيك عن أن حرباً كهذه ستعطي مساحة لخصوم أميركا للتوسع أكثر، وتحديداً الصين، التي لن يكبح جماحها أحد في ظل التلهي الأميركي بحرب طويلة؟

شارك المقال