“الكتائب” و”التيار”… الحرب لم توحدهما

منير قبلان
منير قبلان

انقاسامات أفقية وعمودية شهدها لبنان على مستوى السياسة المحلية والاقليمية والدولية على مر العقود الماضية وإلى يومنا هذا، وحتى الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني من الكيان الاسرائيلي، لم توحّد الموقف اللبناني، ولا سيما الأحزاب التي انقسمت بين مؤيّد للحرب ومعارض لها.

حزب “الكتائب اللبنانية” واحد من الأحزاب المسيحيّة المعارضة للحرب، والذي دعا إلى ضرورة إنهائها في مناسبات عدة. يشير رئيس جهاز العلاقات الخارجية في الحزب مروان عبد الله، إلى أن “موضوع الحرب القائمة في الجنوب يعد خطأً، إذ لا مصلحة للبنان واللبنانيين في خوضها، ولم تأتِ هذه الخطوة بأي فائدة على لبنان بل على العكس، فقد أثّرت سلباً على الاقتصاد اللبناني، وتسببت في موت عشرات اللبنانيين، وكذلك هجّرت آلاف المواطنين الجنوبيين من قراهم وبلداتهم، عدا عن الدمار في البنية التحتية والمنازل، فلم تكن هناك أي منفعة بالنسبة الى لبنان، وهي لم تكن للدفاع عنه لأنه لم يكن معنياً بالحرب الدائرة في غزة”.

أما الخطورة الثانية في موضوع الحرب بحسب عبد الله فهي أن “قرار السلم والحرب بيد مكون واحد وهو حزب الله، والحكومة اللبنانية ومعظم الشعب اللبناني مغيّبون عن اتخاذ هذا القرار، وبالتالي حزب الكتائب ضده”.

على الرغم من رفض “الكتائب” للحرب الدائرة في الجنوب اللبناني إلا أنه يرفض أيضاً الاعتداءات الخارجية على لبنان، ويؤكد عبد الله رفض الحزب أي انتهاك لسيادة لبنان، ويرى أن الوسائل الديبلوماسية والاحتكام إلى السياسة الدولية وتفعيل القرارات الدولية مثل الـ 1701 والعمل للوصول إلى قرار دولي لإنهاء الأزمات هو الحل الأمثل بعيداً عن الحروب، كي لا يبقى لبنان في مسلسل تأجيل الأزمات ولكي لا يشهد المسلسل نفسه من حروب ودمار وقتل كل خمس سنوات.

“التيار الوطني الحر” من الأحزاب المسيحية التي أعلنت صراحة وقوفها إلى جانب المقاومة في حربها ضد الكيان الاسرائيلي، إذ تؤكد القيادية في التيار رندلى جبّور أن “موقف التيار هو ضد الاعتداء على لبنان ومن أي جهة كانت، فكيف إذا كان المعتدي هو العدو الاسرائيلي، وهو أكبر عدو بالنسبة الينا؟”، مشيرة الى “أننا لا ندين ولا نستنكر هذا الاعتداء وحسب، وإنما نؤيّد الدفاع عن بلدنا في وجهه، وأي إجراءات ممكنة يجب أن تتخذ لوقف هذه الاعتداءات”.

وتعتبر جبور أن لبنان يقوم بواجب الدفاع عن النفس في وجه الاعتداءات الاسرائيلية، ولهذا موقف التيار اليوم هو نفسه الموقف الذي اتخذه في حرب تموز 2006، عندما وقف إلى جانب المقاومة في وجه إسرائيل، وهذا موقفنا الطبيعي وليس لدينا أي إحراج فيه، بحسب تعبيرها.

برز على الساحة اللبنانية كلام مفاده أن الحل السلمي هو الخيار الوحيد للخروج من هذه الحرب، هنا تعلق جبّور بالقول: “الحل السلمي أو الديبلوماسي دائماً هو الخيار الأول في حال وقوع أي أزمة، لكن عندما تفرض الحرب علينا فإننا نواجه بالقوة، نحن نعرف ماذا تعني هذه القوة وشهدناها في ترسيم الحدود البحرية والمفاوضات التي رافقتها، وإذا كان لدى بعض الفرقاء رأي آخر، فهنا نسأل: هل هم أقرب إلى العدو من أبناء بلدهم؟ وهل هم أقرب إلى إسرائيل منها الى المقاومة؟ وهذا سؤال كبير حول مشاريع هؤلاء وتبعيتهم”.

مما لا شك فيه أن التباين في مواقف الحزبين من الحرب واضح للعيان، وبين التأييد والمعارضة، تبقى الأنظار مشدودة نحو جبهة الجنوب الذي تشهد ساحته حرباً بكل المقاييس بحيث يستشرس الكيان الاسرائيلي في ضرب أبنائه وتهجيرهم من بيوتهم وأرزاقهم منذ ثلاثة شهور، فهل تحمل الأيام المقبلة حلاً للحرب الدائرة، خصوصاً بعد جولات عدة وفود دولية على المسؤولين اللبنانيين حملت في جعبتها مبادرات لانهاء الأزمة؟

شارك المقال