الفوسفور الأبيض يترك “بصمته” في قلب الجنوب… وشكوى دولية!

فاطمة البسام

لا يشبع الاسرائيلي رغباته في الحروب التي يشنها إلاّ إذا خاضها إلى حدّ التطرّف، فلم يعد القتل والدمار كافيين بالنسبة اليه، بل اعتمد أساليب تكتيكية، فتّاكة، نتائجها طويلة الأمد.

فمنذ إعلان بدء الحرب على الجبهة الجنوبية، لم يوفّر العدو الاسرائيلي يوماً واحداً، إلا وبعث السموم عبر سلاح الفوسفور الأبيض، المحرّم دولياً واكذلك استعماله على المدنيين.

على طول الـ100 كيلومتر، ترك الفوسفور بصمته على الأشجار والأراضي الزراعية، مهدداً حياة الكثير من الحيوانات والطيور بالخطر.

أظهرت نتائج فحص أجرته وزارة البيئة على عيّنات أُخذت من تربة ثمانية مواقع جنوبية قصفها العدو الاسرائيلي بالقذائف الفوسفورية “وجود نسب كبيرة من الفوسفور في التربة وصلت إلى أربعين ألف جزيئية في المليون، مقارنة مع النسبة الطبيعية التي تبلغ حوالي 100 جزيئية في المليون، أي بزيادة 400 ضعف”، وهو ما يؤثّر في سلامة الزراعة في تلك التربة الملوّثة التي تحتاج إلى سنوات طويلة لتنظيفها.

وبحسب مدير قسم الكيمياء في جامعة القديس يوسف، البروفيسور شربل عفيف لموقع “لبنان الكبير”، فان أثر الفوسفور الأبيض على البيئة كبير جداً ويعتمد على نسبة تركيزه، فإذا كانت عالية أولاً تؤثر على المياه. وإذا تسربت مادة الفوسفور إلى البحيرات فهذا يؤدي إلى إفراط في المغذيات في المياه، وتنتج عنه طحالب تؤذي الثروة السمكية.

أما إذا وجدت هذه المادة في التربة بنسب عالية أيضاً، فهي حتماً تؤثر على المزروعات والنباتات، يقول د. عفيف، الذي شبّه الأمر بـ “الإفراط في استعمال المواد الكيميائية، التي تمتصها الأرض وتنتقل إلى المياه الجوفية، فالأمر أشبه بدوامة أو حلقة تعيد نفسها”.

وعن المدة التي يستغرقها أثر هذه المواد في الأرض، يجيب: “ان الفترة الزمنية التي تبقى فيها مادة الفوسفور مؤثرة، مرتبطة بنسبة تركيز هذه المادة، ففي بعض الأحيان تتعافى التربة بعد عدّة أسابيع أو أشهر أو حتى سنة”.

وأشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين الى أن نتائج الفحوص التي ستعمّمها الوزارة اليوم “ستُضم إلى ملف الشكوى الذي تجهّزها الدولة اللبنانية ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن بتهمة استخدام القذائف الفوسفورية المحرّمة دولياً”.

وكانت وزارتا البيئة والزراعة نشرتا في الشهر الأول للعدوان، مسحاً أولياً لبلدات قضاء صور الحدودية من الناقورة إلى مروحين وشيحين والبستان، والتي استهدفتها القذائف الفوسفورية في الفترة الممتدّة من الأسبوع الثاني للعدوان حتى مطلع تشرين الثاني الماضي.

وأظهر المسح أن حوالي 460 هكتاراً من أشجار الزيتون والصنوبر والبلوط والأشجار والأعشاب البرية، قد احترقت. في حين أحصت وزارة الزراعة احتراق حوالي 40 ألف شجرة زيتون. علماً أن العدو في الأسابيع اللاحقة استخدم القذائف الفوسفورية في كل البلدات الحدودية من يارون وعيترون إلى ميس الجبل وكفركلا وحولا والخيام وسهلَي الوزاني والخيام.

شارك المقال