المجتمع الدولي يفاوض القوي… هل يتكرر سيناريو الـ 90؟

محمد شمس الدين

تتحرك اللجنة الخماسية الدولية بصورة حثيثة بشأن الملف اللبناني، وإن كان تركيزها على ملف رئاسة الجمهورية الا أن عنوانها العريض هو الأمن والاستقرار للبلد، وكانت لافتة زيارة السفير الايراني مجتبى أماني الى دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة، وكل الايجابيات التي أحاطت بها، وأهم ما صدر عن حديث الديبلوماسيين هو فصل لبنان عن ملف غزة، الأمر الذي شدد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، ليؤكد “حزب الله” عدم وجود علاقة بين ملف رئاسة الجمهورية وحرب غزة.

الا أن هذا التأكيد يعني أن الثنائي الشيعي خصوصاً والممانعة عموماً لن يقايضا ملف الحدود برئاسة الجمهورية، ولا يعني هذا فك الارتباط بين ميداني الجنوب وغزة، وهو ما أكده قيادي في الثنائي لموقع “لبنان الكبير”، لافتاً إلى أن للميدان حساباته الخاصة، والارتباط بين جنوب لبنان وغزة حتمي.

اذاً يمكن للمعارضة أن تطمئن الى أن الممانعة لن تحاول صرف القوة في الميدان في السياسة الداخلية اللبنانية، ولكن مصير هذه الحرب مهما كانت نتائجها هي طاولة المفاوضات، والقوي هو من يفرض شروطه، واذا خرج محور المقاومة من الحرب قوياً كما كان في السابق، فهذا يعني أنه سيحصل على مكتسبات، وقد يكون من بينها رئاسة الجمهورية في لبنان. وعلى عكس ما يحاول البعض أن يروّج فإن أميركا تساوم الأقوياء، أو من يستطيع تأمين مصلحتها العليا، ولعل أكبر دليل على ذلك ما حصل عام 1990، عندما أودعت الولايات المتحدة لبنان لدى سوريا، وذلك بسبب حربها مع صدام حسين، وحاجتها إلى غطاء دولة عربية، فهل يتكرر السيناريو وتأخذ الممانعة أبرز المكتسبات في لبنان بداية برئاسة الجمهورية؟

أوساط قريبة من الثنائي الشيعي أكدت لـ “لبنان الكبير” أن “السياسة على الرغم من فصلها عن الميدان إلا أنها لا بد من أن تتأثر به، بطريقة أو أخرى، وإن كان حزب الله متمسكاً قبل الحرب برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فإنه اليوم أكثر تمسكاً، وحتى الرئيس نبيه بري متمسك بفرنجية إلا أنه أكثر ديبلوماسية من الحزب في تعاطيه مع القوى اللبنانية أو الموفدين الدوليين”.

أما عن الاستحقاق الرئاسي وعلاقته بالحرب والمفاوضات التي ستليها، فرأت الأوساط أن من المؤكد انعكاسها على الوضع الداخلي اللبناني، “إن لم يكن رئيس الجمهورية مادة تفاوضية بين الفرقاء من المؤكد أن المجتمع الدولي سيحاول ارضاء القوي عبر تقديم الهدايا، وإن لم تكن الرئاسة، ستكون هدايا بقدر قيمتها، هدفها اطمئنان الحزب من جهة الطعن بالظهر، وبالتالي إما تكون الرئاسة، أو مواقع ومكتسبات تستطيع تحييد الخطر الذي قد يصدر منها”.

وتذكر الأوساط بأن “الأميركيين معروفون ببيعهم الصغار على طاولة المفاوضات، لذلك يجب التوقف عن المكابرة ومد اليد في الداخل الى الحوار والنقاش والتسويات، والا الخسارة مدوية، لا سيما عند المسيحيين”.

ومن جهة المعارضة، أكدت أوساط “القوات اللبنانية” لموقع “لبنان الكبير” أن هذا السيناريو ليس مطروحاً “فنحن نلمس لمس اليد وكل الديبلوماسيين يؤكدون لنا، أن هذا الجو الذي قد تكون هناك مخاوف منه غير موجود مطلقاً، بل ان الكلام الذي يحصل مع حزب الله بواسطة الرسميين اللبنانيين من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نجيب ميقاتي ونائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، لايصال رسائل الى حزب الله مفادها تطبيق القرار ١٧٠١ من دون شروط، ولا صفقة ولا مقايضة، بل أكثر من ذلك، الحديث الذي ينقل الينا من الرسميين أن الرسائل التي يوجهونها الى الحزب هي بتطبيق الـ١٧٠١ سلمياً، والمهلة ليست مفتوحة لأن الاسرائيليين جديون في تنفيذ القرار عسكرياً، وبالتالي لا صفقات ولا مقايضات”.

وأشارت الأوساط إلى أن الثنائي الشيعي و”حزب الله” تحديداً “يظنون أنهم وحدهم لديهم علاقات تحت الطاولة مع الديبلوماسية الأميركية والغربية، التي يمكن أن تجري معهم مفاوضات وتعقد صفقات وتسويات، أو على الأقل يروّجون لهذا الأمر خصوصاً المحللون والكتاب الذين يدورون في فلكهم، ولكن الحقيقة هي أن المعارضين للحزب لديهم علاقات كهذه، ونحن لا نقول انها تحت الطاولة، وكلهم يشددون لنا على عدم وجود صفقة، بل إن الحزب هو من يحاول استجرار عروض عبر رفض الكلام والنقاش الى ما بعد حرب غزة، بينما المعارضة تقول ان هذه مسؤولية الدولة اللبنانية فقط”.

شارك المقال