“الخماسية” تبدأ حيث فشل هوكشتاين

زياد سامي عيتاني

بشكل مفاجئ عادت اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان إلى تشغيل محركاتها بقوتها القصوى، في محاولة للتوصل إلى صيغة تقوم على منع توسع الحرب على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبذل الجهود لإنهاء الشغور الرئاسي. وهذه العودة للجنة طرحت جملة أسئلة عن الأسباب الكامنة وراء إعادة تنشيطها، وعن التوقيت، وعما إذا كانت التطورات في المنطقة كفيلة بنجاحها.

تربط الأوساط السياسية بين إعادة تزخيم عمل اللجنة الخماسية وفشل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في التوصل إلى تفاهم مع “حزب الله” على صيغة مناسبة للاتفاق مع إسرائيل على ترتيبات أمنية على الحدود بينها وبين لبنان، من شأنها عدم الإنزلاق نحو حرب شاملة، بحيث فوجئ بالجانب اللبناني يطرح مسألة إنسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. هذا الاحتمال المثير للقلق دفع الادارة الأميركية للجوء إلى اللجنة الخماسية وحثها على القيام بمبادرات سياسية تكون ضمانة لتجنب أي مغامرة عسكرية لاسرائيل.

بالعودة إلى فشل مهمة هوكشتاين، ففيما كان يبدي لبنان مرونة للبحث في ترتيب الوضع جنوباً، فإن الوسيط الأميركي أبلغ المسؤولين اللبنانيين، بأن المعادلة التي كانت قائمة سابقاً لم تعد صالحة للعمل، وأن لا بد من معادلة جديدة قائمة على الهدوء مقابل الهدوء. بالتأكيد هذا الطرح قوبل برفض لبنان الرسمي المتمسك بتثبيت الحدود اللبنانية وإزالة الخروق الاسرائيلية كمدخل للبحث في القرار 1701 وبصورة كاملة، وكذلك برفض من “حزب الله” الذي يربط وقف اطلاق النار بوقف حرب الابادة على غزة. عندها بدأ المعنيون بالملف اللبناني في اللجنة الخماسية إتصالات في ما بينهم، بهدف التوصل إلى أفكار مشتركة، تكون بمثابة عناوين عريضة لصيغة تسوية متوازنة تحظى بثقة جميع الدول المؤثرة في لبنان، وتلقى قبولاً من الأطراف اللبنانية، تبدأ بإنهاء الشغور الرئاسي، لاعادة تفعيل السلطة للقيام بواجباتها الإنقاذية والتفاوضية.

وفيما اللجنة الخماسية تستعجل حل الأزمة، في أقرب وقت ممكن، ومنع الانفجار في الجنوب، فإن التسوية تستلزم الكثير من المفاوضات مع أطراف عدة في لبنان، ومع القوى العربية والدولية، وتستغرق وقتاً قد يكون طويلاً، لذلك لا بد من وضع برنامج زمني متدرج لتنفيذ أي تسوية. ولكن يبقى الخوف من أن تشابك كل التناقضات المحلية والاقليمية وتداخلها، قد يحول دون إمكان تنفيذ أي صيغة حل “بالمفرق”، ما قد يطيحها، ويبقي لبنان على مشارف حرب شاملة مع إسرائيل.

شارك المقال