هوكشتاين يقود مفاوضات من مرحلتين وسط تفاؤل اسرائيلي

زياد سامي عيتاني

مع إستمرار تصاعد التوتر الناري على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، زار المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين إسرائيل يوم الأحد الماضي، للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، لإجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيليين حول إطار آخذ في التبلور للتوصل إلى إطار عام لتسوية بين إسرائيل ولبنان. وكشفت مصادر مواكبة، أن المقترح الذي عرضه هوكشتاين على المسؤولين الاسرائيليين أشبه بسلة متكاملة تشمل ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وسط ضغوط إسرائيلية من أجل التوصل إلى إتفاق ديبلوماسي ينهي التوتر في الجبهة الشمالية، ويعيد الآلاف من السكان الاسرائيليين إلى مناطقهم، وسط ثبات “حزب الله” على موقفه بربط وقف النار جنوباً، بوقف حرب الابادة الاسرائيلية على غزة.

ويرى محللون أن زيارة هوكشتاين إلى إسرائيل ما كانت لتحصل لولا وجود تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع “حزب الله”. أما عن عودته إلى واشنطن مباشرة، من دون التوقف في لبنان، فلا يعتبره المحللون مؤشراً سلبياً، بل على العكس، لأن المفاوضات الجدية مع الجانب اللبناني تجري في غير عاصمة أوروبية وعربية، وبالتالي فإن عودته إلى بيروت رهن بإستكمال تظهير بنود التسوية التي يعمل على إنضاجها.

وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن بوادر إيجابية ظهرت خلال الاجتماعات التي عقدها المبعوث الأميركي مع المسؤولين الاسرائيليين وعلى رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت. فذكرت القناة 12 العبرية أنه “بحسب مسؤولين كبار في إسرائيل، فإن شعوراً أفضل ينشأ من اللقاءات عما كان عليه في بداية الحرب، مع وجود فرصة حقيقية لنجاح الخطوة”. وأضافت القناة العبرية: “الاشارات إلى إمكان التوصل إلى تسوية ديبلوماسية لم تكن لتُستقبل لو لم يكن هناك اتفاق من جانب حزب الله أيضاً”. وبحسب المصادر فإن هوكشتاين يقود مفاوضات حول مقترح أميركي يتألف من مرحلتين:

-المرحلة الأولى: سيقوم الطرفان بإعداد اتفاق تفاهم مؤقت، يتضمن انسحاب قوات “حزب الله” من حدود الجنوب اللبناني، وزيادة انتشار قوات “اليونيفيل” والجيش اللبناني في المنطقة، وأخيراً عودة السكان الاسرائيليين إلى البلدات التي تم إخلاؤها مع بداية الحرب.

-المرحلة الثانية: تتعلق بترسيم الحدود البرية، التي تضغط واشنطن لعقدها، وتشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وكان وزير الدفاع الاسرائيلي أبلغ هوكشتاين أن تل أبيب مستعدة لحل الصراع مع جنوب لبنان، من خلال التفاهمات الديبلوماسية، وفق بيان صدر عن مكتب غالانت بعد لقائه المبعوث الأميركي في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب. إلا أن غالانت إستدرك مخاطباً هوكشتاين “لكننا مستعدون أيضاً لأي سيناريو آخر”. وقال: “إنّ إسرائيل ملتزمة بتحسين الوضع الأمني على طول الحدود الشمالية لاسرائيل، بما في ذلك إزالة تهديدات التسلل وإطلاق النار من لبنان”.

وحول الموقف الاسرائيلي من المقترح الأميركي، تفيد المعلومات بأن هناك رأيين داخل حكومة بنيامين نتنياهو بشأنها: الرأي الأول، يرى أن إسرائيل تجد من مصلحتها التوصل إلى تسوية سياسية مع الحزب، لا سيما في ظل الوضع الضاغط الذي تواجهه في الداخل والخارج. أما بالنسبة الى الرأي الثاني، فيعتبر أنه يجب التركيز على احتواء التوترات في الجبهة الشمالية لاعادة مواطنيها إلى بلداتهم، قبل أي حديث عن ملف الحدود البرية. لكن يبدو أن الولايات المتحدة قد تمارس دوراً في الضغط على حكومة نتنياهو لحل الملف الحدودي.

غير أن المتابعين يرون أن فرص نجاح أيّ صفقة بين إسرائيل و”حزب الله” يبقى رهين اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، لافتين إلى أن طهران أظهرت في الآونة الأخيرة ميلاً الى تخفيف حدة التوترات مع واشنطن عبر تقليل الهجمات التي تشنها الجماعات الموالية لها على قواعد أو مصالح أميركية. ويلفت المتابعون إلى أن المسار الايراني الحالي قد يقود في النهاية إلى قبول “حزب الله” بتسوية مع إسرائيل في الجنوب، لكن بالتأكيد ضمن حزمة من الشروط التي يطالب بها الحزب سواء في العلاقة بترسيم الحدود البرية، وأيضاً في ما يتعلق بالنظام السياسي اللبناني.

شارك المقال