الحريري وروسيا و”14 شباط الجديد”

حسين زياد منصور

لا أحد يمكنه نكران تعاظم الدور الروسي حول العالم. حتى لو أن الحرب الروسية – الأوكرانية لا تزال مستمرة، الا أن روسيا لاعب دولي بارز في رسم السياسات في مختلف مناطق العالم، الشرق الأوسط، إفريقيا، أوروبا…

العلاقات الروسية – العربية تعد جيدة، والمصالح مشتركة ومتبادلة، حتى في لبنان العلاقة جيدة، ولها دور في الحياة السياسية، فهي مؤثرة وفاعلة، وان كان هذا الدور “في الخفاء”.

الرئيس سعد الحريري وقبل عودته الى لبنان لإحياء ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، تسلم من نائب وزير الخارجية ‏الروسي مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ‏ميخائيل بوغدانوف دعوة لزيارة موسكو من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

الجميع يلاحظ الاندفاعة الروسية الكبيرة تجاه لبنان، وخصوصاً تجاه الرئيس سعد الحريري. الروس مندفعون ومصرون على عودته الى الحياة السياسية، لأنهم يرون الخلل في التوازن اللبناني خصوصاً بعد تعليقه العمل السياسي منذ سنتين، والأحداث التي حصلت خلال هذه الفترة.

وبرأيهم إن دور الرئيس الحريري أساسي وتحديداً في الحفاظ على الاعتدال في لبنان، فهم يعتبرون بيت الحريري رمز الاعتدال، وهذا ما يهمهم، “الاعتدال وعدم الذهاب نحو التطرف”.

من هذا المنطلق يريدون عودة سعد، الى جانب كونه صديقاً لهم، فضلاً عن علاقاته الدولية الكبيرة، ومن المتوقع أن يعود ليلعب دوراً أساسياً في لبنان مثل والده الشهيد، فهو قادر على أن يقوم بالمزيد من الأعمال والأدوار لخدمة لبنان، خصوصاً أن أمور البلد وأحواله “مسكرة”، وينبغي وجود أحد قادر على تحريكها والقيام بالمبادرات، وبنظر الروس فان الرئيس الحريري هو القادر على كل ذلك، وإعادة التوازن الى الساحة اللبنانية، لذلك عودته ضرورية. فالروس منذ ما قبل الحرب على غزة يريدون هذه العودة، الا أن المطالبة بها زادت بعد أحداث 7 تشرين الأول في غزة.

وهنا تجدر الاشارة الى أن الروس في كل لقاءاتهم مع الدول العربية، خصوصاً تلك المعنية بالشأن اللبناني، شددوا على ضرورة عودة الرئيس الحريري، وهذا الطرح كان دائماً موجوداً في كل اللقاءات الروسية – العربية.

وفي سبيل ذلك كانت اللقاءات مع بوغدانوف الذي طلب من الحريري وتمنى عليه العودة، والرئيس شرح له موقفه والأسباب التي دفعته الى تعليق العمل السياسي (الأسباب نفسها التي أشار اليها الحريري سابقاً، وعاد وكررها في 14 شباط)، والأمر نفسه بالنسبة الى زيارة السفير الروسي ألكسندر روداكوف الى بيت الوسط، حيث قال له الرئيس: “كل شي بوقته حلو”.

إذاً، يمكن الاستنتاج أن ما يحصل هو تهيئة “العودة” للرئيس سعد الحريري، لانتشال لبنان مما وقع فيه خلال السنتين الماضيتين. فإذا عاد الآن، على أي أساس سيعود، وما هي ظروف عودته، وكيف سيساعد من دون وجوده في المجلس النيابي أو في الحكومة؟ عودته ستكون بدعم عربي ودولي، وإن عاد الآن لا يمكنه الاتيان برئيس جمهورية من خلال البرلمان، اذ لا يملك كتلة، والحكومة الآن هي حكومة تصريف أعمال ولا وزراء له فيها.

كل هذا يأتي ضمن المرحلة الجديدة، “الحقبة الجديدة لما بعد 14 شباط” أو “14 شباط الجديد”.

شارك المقال