“14 شباط الجديد”… عودة الاعتدال السني والوطني

حسين زياد منصور

الاعتدال وما أدراك ما الاعتدال! طبعاً الاعتدال السني، الذي جنّب لبنان الدمار وتكراراً الحرب الأهلية، التي كان أحد مهندسي السلام بعد وقفها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

هذا الاعتدال الذي جنّب لبنان الخراب، كان اعتدال الرئيس الشهيد. فما وصله من زعامة سنية لم تتمكن أي شخصية قبله من أن تشكل زعامة للسنة كافة، مع العلم أن بعضهم حظي بالتقدير ضمن مناطقه، الا أن زعامته لم تكن على المستوى الوطني، فالرئيس الشهيد كان أول من جمع السنة سياسياً تحت عباءته.

تسلم الرئيس سعد الحريري الراية بعد اغتيال والده، وحاول الحفاظ على الميزة التي حظي بها الشهيد، في جمع الطائفة وتجنيبها مخاطر الانزلاق نحو التطرف من جهة، ونحو حرب أهلية واشتباك مع “حزب الله” من جهة أخرى.

وبعد تعليق عمله السياسي منذ عامين، فشل الكثير من الوزراء والنواب السابقين من الطائفة السنية في ملء الفراغ الذي تركه، والذي لا يمكن ملؤه الا من خلال عودته الى الحياة السياسية، فهو الممثل الأكبر للطائفة السنية، وهذا ما ظهر في “14 شباط الجديد”.

انطلاقاً من ذلك، وبعد كل ما يعيشه لبنان من أزمات، وتفجر الوضع أكثر في فلسطين المحتلة نتيجة الحرب على غزة، والخوف من انجرار السنة في لبنان نحو التطرف في ظل غياب ممثل أو قائد أو زعيم يجمعهم، تزداد المطالب الدولية بضرورة عودة سعد الحريري عن تعليق عمله السياسي.

وكان لافتاً كلام الرئيس الحريري، وهو ما كرره عدة مرات في ما يتعلق بالتطرف والاعتدال لدى السنة، وأنه عندما يشعر بأن الطائفة ذاهبة نحو التطرف سيتدخل فوراً. وأوضح ان “الاعتدال في كل شيء هو الأساس”، وأن “الناس تنظر الى الحريرية السياسية التي بناها رفيق الحريري على الاعتدال والوطنية”.

انطلاقاً من هنا وهذه النقطة بالتحديد الحريرية السياسية، التي بناها الرئيس الشهيد وفق أسس وطنية انطلاقاً من الاعتدال، كانت مطالب عربية ودولية بضرورة عودة الحريري الى الحياة السياسية.

فحسب المعطيات والمصادر الالحاح والطلب والتمني الروسي ليس من فراغ، اذ ان تعويل الروس على سعد في جمع المكونات واحتواء الطائفة السنية كي لا تنجر الى التطرف، أو الانضواء تحت راية التطرف الشيعي كما يفعل “حزب الله”، هذا التعويل والثقة بسعد، انطلاقاً من امكاناته وقدرته على القيام بذلك كما كان والده الرئيس الشهيد. وبحسب المعطيات أيضاً الموقف الأميركي مشابه، وتستشهد المصادر بلقاء السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون مع الرئيس الحريري، والذي استمر 45 دقيقة، لتخرج وتقول: “اللقاء كان ممتازاً”. والأمر نفسه بالنسبة الى مواقف بعض الدول العربية في هذا الشق. وترى المصادر أيضاً أن الحريري مطالب بالعودة لضرورة لم شمل الطائفة السنية وحمايتها، اذ انه برهن في 14 شباط بعد الطوفان السني من جهة والوطني من جهة أخرى محبة ووفاء له، بأنه الزعيم السني والوطني الأول في لبنان.

وتشير المصادر الى الزحف الديبلوماسي لعدد من سفراء الدول الكبرى للقاء الحريري والحديث معه، والتمني عليه بضرورة عودته الى الحياة السياسية.

إذاً، عودة الحريري بعد “14 شباط الجديد”، ستكون صفعة لكل من يسعى الى القضاء على الاعتدال في لبنان وجر البلاد الى الصراعات، خصوصاً السنة، والذين لم يكونوا يوماً ضد الدولة أو ضد أي فريق أو شريك في الوطن، فهذا النهج أرساه الرئيس الشهيد، فضلاً عن أنهم أكبر الطوائف في لبنان.

لذلك، هذه العودة وبحسب مراقبين ستكون بمثابة إعادة من انجروا خلف بعض التيارات الاسلامية ان كانت سنية أو شيعية في إطار حملات التجييش الحاصلة بعد بدء الحرب الاسرائيلية على غزة، والتي من الممكن أن تأخذ لبنان مع التشنج الحاصل في كل المنطقة الى مرحلة لا يمكن تدارك عقباها.

شارك المقال